“كبسة الزر” ومواسم القفز من مراكب الإصلاح

“كبسة الزر” ومواسم القفز من مراكب الإصلاح

عمّان – رائد صبيح

لم يعد خافيًا أنّ الحديث عن الإصلاح السياسي في مئوية الدولة الثانية، ما هو إلاّ مجرد وعود وسراب خادع حسبه الأردنيون ماءً ديمقراطيًا سيروي عطشهم لحقٍ كفله الدستور لهم، في “شراكة حقيقية” لإعادة بناء عقد اجتماعي يكون للشعب فيه كلمة حقيقية وتعبير حقيقي وتمثيل حقيقي، غير متصل بأي “كبسة زر” تحدث عنها أحد النواب الغاضبين على ما يجري من “عبث” تحت “قبة الشعب”.

كان لافتًا خلال الفترة الماضية والحالية أنّ كثيرًا ممّن فشلوا أو “أفشلوا” في استحقاقات انتخابية نيابية أو بلدية، فازوا وبشكلٍ كبيرٍ بعد “قفزهم” خارج مراكب الإصلاح والمعارضة، لنبدأ بسماع “نغمات جديدة” تسعى لتجميل المشهد على الرغم من كل ما يجري على أرض الواقع وتتحمّل مسؤوليته الحكومة وأجهزتها من سلوكيات تعيد أزمة الثقة بين المواطن والدولة إلى السطح.

لم نعد نسمع “كلاشيهات” الإعلاميين المحابين والصحفيين المتزلفين لرضى الحكومة ونفخهم المتواصل في “ٌقربة الإصلاح” المثقوبة؛ بل انتقل هذا “اللحن المحابي” لأسفل القبة، وأكثر من ذلك توجيه سهام التشكيك للمعسكر المطالب بالإصلاح وعدم رغبته في مرور قانون أحزاب أو انتخاب عصري يحقق للأردنيين طموحاتهم وآمالهم بحكومات منتخبة على أسلوب التدرج.

مطالبة الإصلاحيين بأن يكونوا أكثر ورعًا في مطالبهم حول قانون الانتخابات، رد عليها النائب صالح العرموطي وكتلة الإصلاح النيابية بضرورة توفير البيئة السياسية الحقيقية لإقناع الأردنيين بصدقية نوايا الإصلاح، مؤكدين أنّ الواقع وتدخلات الدولة لهندسة انتخابات النقابات والبلديات والبرلمان والاعتقالات وكل مشاهد الاحتقان الذي تفرضه على المجتمع سيجعل “أحلام الأردنيين” بعيدة المنال.

بدى واضحًا حرقة شيخ القانونيين الأردنيين ونقيب محاميهم الأسبق النائب صالح العرموطي وأكثر من نائب على التفاصيل التي أوردها قانون الانتخاب الذي يناقش تحت القبة ويفرض واقعًا حزبيًا جديدًا لشعبٍ تمّ العمل عليه لعقود لإبعاده عن الأحزاب بعد شيطنتها، فيما المستقلون والذين يرغبون بالعمل ضمن قوائم وطنية لا علاقة لها بالأحساب سيكونون خارج الحسابات في لحظة ما ولن يحلموا بالوصول للبرلمان في مشهد مخالف للدستور والقانون وحق الأردنيين في أن يكونوا سواءً أمام القانون.

“الأحزاب مقموعة، والقوائم الوطنية حلم للأردنيين، والقانون الجديد في بعض تفاصيله يخالف القانون والدستور”، بصوته المبحوح يصرخ العرموطي تحت القبة، لكنّ عرّابي القانون الجديد يصرّون على أنّ القانون نال رضا كل من التقوهم للنقاش حول القانون من شخصيات وطنية وأمناء عامين للأحزاب وغيرهم ولم يجدوا عليه سوى “ملاحظات طفيفة” لا تكاد تذكر ليبقى القانون كما ورد من اللجنة التي أعدته.

ندخل المئوية الثانية بكلامٍ جاد عن الإصلاح، وسلوكيات “مراهقة” في التطبيق تسعى لرسم المشهد كما تريده “الدولة العميقة” بمقاسات مختارة بعناية لمشهد حزبي وبرلماني ونقابي ومجتمعي، على حسب مزاج صنّاع القرار، الذي سنشهد في المرحلة المقبلة “تصفيقًا حادًا” له، خصوصًا من أولئك الذين قفزوا من “مراكب الإصلاح” بعد ثبوت عدم جدواها لهم، ولحاقهم بركب الدولة خوفًا أو “طمعاً” بمجالسها المحكومة بـ “كبسة الزر”، والتي ستكون صاحبة الأمر في المشهد المقبل بلا منازع.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: