كشمير.. واقع “مخيف” للصحافة والصحفيين

كشمير.. واقع “مخيف” للصحافة والصحفيين

البوصلة – فوجئ “إشفاق ريشي”، وهو صحفي كشميري، باختفاء جميع أعماله الصحفية من شبكة الإنترنت، بعدما ألغت الحكومة الهندية الحكم الذاتي المحدود لمنطقة جامو وكشمير، في أغسطس/ آب 2019.

و”ريشي” من بين عشرات الصحفيين في كشمير طُلب منهم التوقف عن العمل، بعد إلغاء المادتين “370” و”35 A” من الدستور الهندي، اللتين تكفلان الحكم الذاتي للمنطقة وكذلك حقوق الأرض والوظائف والممتلكات للسكان الأصليين.

وبمناسبة “يوم الصحفيين العاملين”، الذي يُحتفل به في تركيا في العاشر من يناير/ كانون الثاني سنويا، تقصت وكالة الأناضول أوضاع الصحفيين والباحثين الإعلاميين في جامو وكشمير.

بدأ “ريشي”، في أبريل/ نيسان 2016، العمل مراسلا متدربا في صحيفة “كشمير ريدر” اليومية، التي بدأت العمل في 2012.

وسرعان ما تم تعيينه مراسلا متفرغا في الصحيفة، وذلك حتى إلغاء قانون الحكم الذاتي المحدود للمنطقة في 2019.

وقال “ريشي” للأناضول: “بعد فترة وجيزة من 5 أغسطس 2019، طُلب مني عدم العمل حتى يعود الوضع إلى طبيعته، وبينما كنت جالسا بلا عمل في المنزل، فكرت في تقديم طلبات للدراسة والعمل في الخارج”.

وأواخر ديسمبر/ كانون الأول 2019، أثناء تقديم طلبات للحصول على “زمالة صحفي” في الخارج، طُلب منه إرسال روابط إلكترونية لبعض من أعماله الصحفية السابقة.

وأضاف: “عندما حاولت البحث عن الأعمال الذي قمت بها طوال سنوات لم أجد شيئًا على الإنترنت، حتى عندما بحثت عن اسمي على موقع الصحيفة، بدا الأمر كما لو أنني لم أكن موجودًا على الإطلاق، وكأنني لم أعمل هناك إطلاقًا”.

وتابع: “فشلت في إثبات عملي وتجربتي كصحفي”.

وأوضح أنه اعتقد في البداية أنه توجد مشكلة فنية في موقع الصحيفة على الإنترنت، وحاول طلب المساعدة من أصدقاء، لكنه اكتشف لاحقًا أن المشكلة لا تزال قائمة عند الجميع.

ويُطلق اسم جامو وكشمير على الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، ويضم جماعات تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره “احتلالا هنديا” لمناطقها.

ويطالب السكان بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسام إسلام أباد ونيودلهي، الإقليم ذي الأغلبية المسلمة.

** ترهيب وتهديد

أما جوهر جيلاني، صحفي بارز في جامو وكشمير، فوصف واقع الصحافة والصحفيين في المنطقة بأنه “مخيف” وصعب لمن يقومون بعملهم المهني.

ومؤخرا، ألقت الشرطة القبض على ساجد غول، وهو صحفي، بسبب تحميله على الإنترنت مقاطع مصورة لمشاهد قتل مروعة، حيث اتهمته بنشر معلومات مضللة وتحريض الناس.

وقال جيلاني للأناضول إنه منذ اندلاع انتفاضة عام 2008، أصبح الصحفيون في المنطقة أهدافا سهلة للترهيب والتهديد (من جانب السلطات الهندية) لمجرد تغطيتهم الصحفية.

وأفاد بأنه بعد إلغاء حق الحكم الذاتي في المنطقة، تضاعف مستوى الخطر على الصحفيين في المنطقة، و”جرى محو كل الأعمال الصحفية التي أنجزناها”.

ووفق صحفيين في جامو وكشمير، فإن بعض دور النشر تمحو أعمالهم الصحفية عمدا، خاصة في ظل ضغوط متزايدة من الحكومة الهندية للحد من التغطية التي تنتقد أفعالها.

وتواصلت الأناضول مع بعض مالكي دور النشر، ونفى معظمهم تعمد محو الأعمال الصحفية السابقة، فيما رفض آخرون الحديث عن الموضوع.

وقال أحدهم، طلب عدم نشر اسمه، للأناضول، إنها “مشكلة فنية ونعمل على استرجاعها (الأعمال الصحفية)”.

** الخطأ 404

الباحثة شيرين حمداني وجدت نفسها في موقف “محبط للغاية” أثناء عملها الميداني وجمع بيانات لبحثها، حيث لم تتمكن من الوصول إلى مواد صحفية على الإنترنت كانت مهمة لبحثها.

وقالت شيرين للأناضول: “أظهر لي المتصفح خطأ 404 (يعني لم يتم العثور على الصفحة المطلوبة) ولا شيء آخر”.

وتابعت: “عندما تحول العالم بأسره إلى العمل عبر الإنترنت بسبب جائحة كورونا، اضطررت للخروج من المنزل للحصول على نسخ ورقية من الصحف، رغم المخاطر التي كانت تهدد صحتي”.

وأردفت: “كان يمكنني بسهولة قراءة المواد الصحفية المرتبطة بدراستي عبر الإنترنت، لكنها لم تكن متاحة، ثم حاولت البحث عن ملفات PDF لهذه المواد من دور النشر، لكنها أيضًا كانت مفقودة”.

وأشارت إلى أن الباحثين غالبًا يراجعون أرشيف الصحف للاستفادة منه في المشاريع البحثية أو كتابة كتب، لكن عندما لا يتوفر شيء يضيع جزء من التاريخ، والأجيال القادمة “محرومة من معرفة حقائق الماضي”.

** مستقبل قاتم

وقال أستاذ جامعي في مجال الإعلام، اشترط عدم الكشف عن هويته، للأناضول، إن هناك مقولة مفادها أن “الصحافة هي المسودة الأولى للتاريخ”، لكن عندما يُمحى هذا الجزء من المسودة، يصبح من الصعب على الباحثين شرح ما حدث في تلك الحقبة.

وأضاف أن مستقبل المئات من طلاب الصحافة يبدو قاتما في المنطقة إذا استمرت هذه الظروف.

وختم بقوله: “أشعر بالحزن الشديد لرؤية هؤلاء الخريجين الشباب، الذين تخرجوا من الجامعات على أمل ممارسة الصحافة، التي تُعتبر في الوقت الحالي جريمة”.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: