كلٌ ميسرٌ لما خُلق له

كلٌ ميسرٌ لما خُلق له

الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)

نشرة فاعتبروا (206)

      بعض الناس يرى أنّ الذي يعملهُ ويؤمن به، هو الحق وله الأولوية، وكلُ من يعمل بغيره يُضيع وقته، وهو يظنُ أنّه يُحسن صنعا، وأنا أعتقد غير ذلك؛ فكلٌ ميسر لما خلق له.

      خلق الله الناس مختلفين في القدرات والمواهب، وجعلهم متكاملين، كلٌ يسد ثغرة لا يستطيعها الآخر. فهذا الدين احتاج سيف خالد بن الوليد في المعارك الحربية، مثلما احتاج إلى قصائد حسان بن ثابت حين احتدمتْ المعارك الفكرية، فلم يكن لأحدهم أن يسد مكان الآخر.

      لقد وضع الله سبحانه كل واحدٍ منا على ثغر، وعليه أن يحرسه بكل ما أُوتي من قوة، دون أن يستصغر الثغر الذي يحرسه، ودون أن يتفاخر بأن ثغره أهم من بقية الثغور.!

      سيف علي بن أبي طالب يوم تصدَّى لمَرْحبٍ في الخندق، يُوازي مال أبي بكرٍ الذي أعتقَ به بلالًا، ما كان لسيف علي أن يُحرر عبدًا من قيده، تمامًا كما لم يكن لمال أبي بكر أن يقضي على مَرْحبٍ! وهذا هو حال الإسلام اليوم، ثُغور شتَّى، وكل واحد منا على ثغر.!

      الأم في بيتها على ثغر، لأن صناعة الرجال مهمة عظيمة! والمُدرِّس في صفه على ثغر، المُجاهد على ثغر لا يسده إمام المسجد، وإمام المسجد على ثغر لا يسده التاجر الثري، غير أن ثغر التاجر الثري لا يقل أهمية عن دور المجاهد الذي يجود بدمه، وإمام المسجد الذي يأخذ بأيدي الناس إلى الله! فاُنظُرْ أين أقامك الله، هذا هو ثغرك الذي عليكَ أن تحميه، وتُجاهد فيه، وعندما يقوم كل واحدٍ منا بدوره دون أن يستصغر ثغر الآخر، تستعيد هذه الأمة مجدها!.

جواب الحكيم

      سأل رجل أحد الحكماء: كم آكل ؟، قال فوق الجوع ودون الشبع، قال وكم أضحك؟، قال حتى يُسفر وجهك ولا يعلو صوتك، قال فكم أبكي؟، قال لا تمل من البكاء من خشية اللّه، قال فكم أخفي من عملي؟، قال ما استطعت، قال فكم أظهر منه؟ قال مقدار ما يُقتدى بك، قال فكم أفرح إذا مدحني الناس؟ قال على قدر ظنك أراض اللّه عنك أم غاضب؟

اهرب حيث شئت!!

      اهرب حيث شئت، “إنّ إلى رَبِّكَ الرُّجْعى”، وأعمَل ما شئتَ فهناك كتابٌ: “لا يُغادرُصغيرةً ولا كَبِيرَةً إلا أَحصَاهَا”، اليوم: يُقبل منك “مِثقاَل ذَرة”، وغدًا: لن يُقبل  منك، “ملءُ اﻷرضِ ذَهبًا”،  فاتقوا اللّه وتأَملوُها بعمق، وأكثروا من “الباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثوابًا وخير أملاً “، وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: