إسماعيل ياشا
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

«كورونا» وما بعد العولمة

إسماعيل ياشا
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مقابلته الأخيرة مع قناة «فوكس نيوز»، على ضرورة إنتاج البضائع الأميركية في الولايات المتحدة، وأعطى مثالاً لخطر الاعتماد على الخارج، مشيراً إلى أن تركيا تقوم بتصنيع الهيكل الأساسي لمقاتلات «أف-35»، وأن علاقاتهم مع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان جيدة، ثم تساءل قائلاً: «ماذا لو لم تكن علاقتنا معهم جيدة، وقالوا لنا إنهم لن يرسلوا إلينا تلك القطع؟». وكان مكتب محاسبة الحكومة الأميركية قد لفت قبل أيام إلى أن إخراج تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات «أف-35»، يؤدي إلى زيادة المخاطر التي تهدد عملية الإنتاج والتوريد.

تصريحات ترمب لها دلالات عديدة، وتعكس مدى رغبته في «تأميم الإنتاج»، وجعل الولايات المتحدة تعتمد على نفسها، كما تتوافق مع موقفه من الصين. ومن المعلوم أن الرئيس الأميركي يرى صعود التنين الصيني أكبر خطر على الهيمنة الأميركية، ويريد التركيز على إزالته. إلا أن أنصار العولمة وأصحاب الشركات العالمية المستفيدة من الفرص التي تقدمها الصين، مثل اليد العاملة الرخيصة، لا تتفق مع ترمب.

ظاهرة العولمة لمع نجمها بعد انهيار جدار برلين، وتفكك الاتحاد السوفييتي، وهزيمة الاشتراكية أمام الرأسمالية الليبرالية. وهي تهدف إلى جعل العالم «قرية كبيرة» لتعبر البضائع والأموال والثقافات والأفكار حدود الدول بسهولة. وكانت الشركات العالمية على رأس المستفيدين من الظاهرة التي جعلت تصنيع قطع منتج في أكثر من دولة أمراً ممكناً. وأسهمت التطورات الهائلة التي شهدتها قطاعات المواصلات والاتصالات والتكنولوجيا، في انتشار هذه الظاهرة وتوسيع نفوذها. إلا أن جائحة «كورونا» أثارت نقاشاً حول مستقبلها، في ظل ارتفاع أصوات تدعو إلى العودة إلى تعزيز الدولة الوطنية. ويمكن قراءة تصريحات ترمب في هذا الإطار واعتبارها دعماً لتلك الأصوات.

الرئيس الأميركي وأصحاب الشركات العالمية يختلفون في ملفات عديدة، مثل الصين والعولمة والضرائب وغيرها. ويرى ترمب أن جائحة «كورونا» أظهرت نهاية عهد العولمة، ويهدد بفرض ضرائب إضافية على الشركات الأميركية التي تنتج سلعها خارج حدود الولايات المتحدة. إلا أن تلك الشركات لا ترغب في التخلي عن مصانعها الموجودة في الصين، وغيرها من الدول التي تقدم فرصاً ثمينة تقلل تكاليف الإنتاج والتسويق. وبغض النظر عمن سينتصر في نهاية هذه المعركة، فإن المؤكد أن هذه الجائحة وهذه الفوضى، سواء انتهت قريباً أو استمرت لمدة طويلة، ستغير الأولويات، وستؤدي إلى ظهور نظام عالمي جديد؛ لأن الدول أدركت مدى أهمية الأمن الغذائي، والاكتفاء الذاتي، والاعتماد على الإنتاج المحلي في القطاعات الحيوية، في مثل هذه الأزمات العابرة للحدود. كما أنه حتى لو انتهت جائحة «كورونا» في الأيام المقبلة، لا يوجد هناك ما يضمن عدم ظهور أزمات مشابهة لها أو أشد منها في المستقبل.

الحكومة التركية تدرك أن الأزمة الحالية تحمل في طياتها فرصاً كبيرة يمكن أن تستفيد منها لرفع مكانة تركيا في مرحلة «ما بعد العولمة». ويعكف رئيس الجمهورية التركي حالياً مع فريقه على دراسة تلك الفرص وتقييمها، والبحث عن سبل الاستفادة منها على أكمل وجه؛ لأن الدول التي تستنفر طاقاتها وإمكاناتها مبكراً من أجل الاستعداد للمرحلة القادمة، والتخطيط للتأقلم مع متطلباتها هي التي ستتقدم على الآخرين في السباق.

(العرب القطرية)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts