لماذا أسقطت الحكومة التأمين الصحي من تعديلات “الضمان”؟

لماذا أسقطت الحكومة التأمين الصحي من تعديلات “الضمان”؟

عمّان – رائد صبيح

أكد الناطق باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، شامان المجالي، إنه لم يتم إلغاء “التأمين الصحي” المتعلق بتعديلات قانون الضمان الاجتماعي الجديدة؛ بل تم تأجيل إقراره بهدف إجراء مزيد من الدراسات حوله.

من جانبه، كشف خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي في تصريحاته لـ “البوصلة” تفاصيل الرؤية التي طرحها مدير الضمان الاجتماعي خلال “جلسة العصف الذهني” التي عقدتها لجنة العمل النيابية منتصف الأسبوع الحالي، وبين فيها أسباب “تأجيل” موضوع التأمين الصحي ضمن التعديلات الجديدة لقانون الضمان الاجتماعي الجديد.

وعبّر الصبيحي عن اعتقاده بأنّ هذا القرار صحيح مائة بالمائة، لأنّ سيناريو التأمين الصحي المقدم في المسودة الأولى كان مجتزءًا وناقصًا ولا يفي بالغرض، ولا يقدم تأمينًا صحيًا شاملاً جيدًا، من شأنه أن يحمّل عبء تمويل هذا التأمين على المؤمنين والمتقاعدين أنفسهم دون أن تتحمّل الأطراف الأخرى من الحكومة وأصحاب العمل أي كلفة على هذا التأمين.

وشدد على أنّ الصيغة المطروحة للتأمين الصحي لم تكن مقبولة وكان تركها أفضل من تطبيق تأمين مجتزأ لا يحمل أي صفة من صفات الديمومة.

إقرأ ايضًا: الصبيحي لـ “البوصلة”: 90 % من التعديلات السابقة الضارة بـ”قانون الضمان” تمّ استبعادها

أسباب موضوعية

وقال الصبيحي إنّ الحكومة والضمان أسقطتا سيناريو التأمين الصحي من مشروع القانون المعدّل لقانون الضمان الاجتماعي لأسباب وجيهة جداً أبرزها “أن السيناريو المقترَح للتأمين لا يستند إلى أي دراسة حقيقية”.

ولفت إلى أن التأمين المقترَح لا يمكن تسميته تأميناً صحياً كونه يقدم خدمة العلاج داخل المستشفى فقط..

وأشار إلى أنه تمّ تحميل كلفة تمويل التأمين الصحي على جانب واحد فقط وهو المؤمّن عليه والمتقاعد، دون أي مشاركة من أصحاب العمل والحكومة.

وقال خبير التأمينات الاجتماعية إن التأمين المقترَح يتجاهل تماماً الرعاية الصحية الأولية Primary health care وهي الأساس في تقديم خدمات أي تأمين صحي، ويركّز فقط على المرحلة العلاجية في المستشفيات.

وأوضح أن التأمين المقترَح يُقحِم المشتركين فيه بتحمّل كلف العلاج من أمراض السرطان التي هي من مسؤولية الدولة.

لا يحمل صفة الديمومة

ولفت الصبيحي إلى أن التأمين لا يحمل صفة الديمومة، حيث تم النص على أن لمؤسسة الضمان أن توقف العمل به بعد مرور سنتين من تطبيقه.

وتابع بالقول: إن نسبة الاشتراكات المترتبة على المؤمّن عليه والمتقاعد قابلة للزيادة في أي وقت بعد تطبيق التأمين، وهو ما سيُثقِل كاهل المنتفعين من التأمين ويثبت عدم إخضاع مقترَح التأمين لدراسة حقيقية.

وشدد على أن التأمين المقترح يفتقر إلى معظم معايير التأمين الصحي المعتمدة دولياً سواء من ناحية عبء التكلفة والتمويل كما يقدم تأميناً صحياً للعلاج داخل المستشفى فقط، وهو بذلك يتناقض مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (102) التي وقّعت عليها الأردن. والتي تؤكد على ضرورة تمويل خطط وتأمينات الضمان الاجتماعي عن طريق المساهمات بين مختلف الأطراف، وأنه يجب ألا تتجاوز حصة العمال 50٪ من إجمالي الموارد المخصصة للحماية بما فيها تكلفة الإدارة. مما يجب معه مساهمة أصحاب العمل والحكومة في تمويل التأمين الصحي الاجتماعي مثلاً على أساس توزيع منصف ومتوازن لعبء التمويل بين العمال وأصحاب العمل والحكومة. إضافة إلى ضرورة تقديم الرعاية الصحية والعلاجية داخل وخارج المستشفى.

كما أكد الصبيحي على أن التأمين المقترَح غير عادل ولا شامل فيما يتعلق بتمويله وشموليته الاجتماعية، كما يميز تمييزاً صارخاً بين المؤمّن عليه الأردني والمؤمّن عليه غير الأردني.

ولفت إلى أن التأمين الصحي المقترح سيشجع بعض المنشآت التي تقدم لموظفيها تأميناً صحياً جيداً على الانسحاب من هذا الدور والاندماج ضمن تأمين صحي الضمان، وهو تأمين مجتزأ، مما يؤثر سلباً على التغطية الصحية الشاملة لهؤلاء الموظفين.

إقرأ أيضا: الصبيحي يوضّح “خطورة” النظام المعدل للضمان على الرواتب التقاعدية لو تمّ تطبيقه

تشويه منظومة التأمين الصحي

أن التأمين المقترح سيزيد من تشوّهات منظومة التأمين الصحي في المملكة، وهي منظومة تعاني من شرذمة وهدر وسوء إدارة وازدواجية في التأمين وغيرها من تشوهّات.

كما حذر الصبيحي من أن سيناريو التأمين الصحي في صورته المقترحَة يشكّل خطراً على المركز المالي للضمان.

وختم حديثه بالقول: في ضوء كل ما سبق نجد أن سيناريو التأمين الصحي الذي كان مقترَحاً من مؤسسة الضمان لا يستجيب أبداً حتى للحد الأدنى للمعايير الصحيحة للتأمين الصحي ولا يحقق الغاية المنشودة على الإطلاق وهو ما برّر إسقاطه بالكامل من التعديلات، لكن هذا لا يعني عدم التفكير بوضع خطة واضحة المعالم لتطبيق هذا التأمين وإعداد دراسة متكاملة له بالشراكة والتوافق مع كافة الجهات المعنية وأولها الحكومة وبما يتفق مع معايير تقديم تأمين صحي شامل وعادل وناجع ومستدام للمؤمّن عليهم والمتقاعدين وعائلاتهم.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: