لماذا تتهرب الحكومة من واجباتها ووعودها بتحقيق “الحماية الاجتماعية”؟

لماذا تتهرب الحكومة من واجباتها ووعودها بتحقيق “الحماية الاجتماعية”؟

مطالبات بتقديم مبالغ مالية مقطوعة مرتان في العام للفئات الفقيرة والأشد حاجة ورفع رواتب أجوار القطاعين العام والخاص لمواجهة “جنون ارتفاع الأسعار”

عمان – رائد صبيح

في ظل ما يواجهه المواطن الأردني اليوم من ارتفاعات كبيرة في الأسعار وغلاء غالبية السلع في الأسواق وتتضاؤل قدرته الشرائية واستمرار تهرب الحكومة من تحقيق وعودها المستمرة باستعمال العين الحمراء لكبح الارتفاعات غير المبررة، أو الاعتذار عن الجلوس على طاولة الحوار مع اللجنة المالية النيابية لمناقشة موضوع “الحماية الاجتماعية”، يظل السؤال المُلح: لماذا تتهرب الحكومة من واجباتها ووعودها لحماية الطبقات الفقيرة والمعدمة وحفظ كرامتها عبر تلك الحماية الواجبة؛ بل الأشد وجوبًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة بحسب مراقبين.

وانتقد الخبير الاقتصادي منير ديّة في تصريحاته لـ “البوصلة” غياب الحكومة عن القيام بواجبها ودورها الحقيقي تجاه تحقيق “الحماية الاجتماعية” للمواطن الأردني خاصة الفئات الفقيرة الأشد حاجة، ودعمها لتستطيع مواجهة “جنون الأسعار” ومواكبة الارتفاعات المتتابعة لأسعار غالبية السلع بالتزامن مع رفعات متتالية لأسعار المحروقات والطاقة.

وعبّر عن أسفه لتجاهل الحكومة لنداءات اللجنة المالية النيابية المتكررة للجلوس لمناقشة موضوع كبح ارتفاعات الأسعار وضبط الأسواق وضرورة تفعيل “الحماية الاجتماعية” كوعد قدمته الحكومة للنواب مقابل تمرير الموازنة.

ولفت دية إلى أنّ “الحكومة في حالة غياب عن القيام بدورها الحقيقي، والغياب عن توضيح كل ما يتداوله الشارع اليوم من أخبار وآراء وما يتبع ذلك من فجوة وفراغ في ظل غياب المعلومة”.

إقرأ أيضًا: الوحش لـ “البوصلة”: الحكومة في وادٍ وهموم المواطنين بوادٍ آخر

ونوه إلى أنّ التضخم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة التي لحقت المواطن في جميع الجوانب وأثرت على حياة المواطن المعيشية اليومية، محذرًا من أنّ المواطن حقيقة لم يعد قادرًا على تحمّل هذا الأمر (وهو يتلقى معونة اجتماعية ومصنف تحت خط الفقر) ويعاني أصلاً قبل الأزمة الحالية التي يعيشها العالم والأردن.

منير ديّة: عجز المواطن عن تأمين حاجاته الأساسية يزعزع الأمن الاجتماعي والمعيشي

وطالب ديّة الحكومة بضرورة الاستمرار ببرامج واضحة لتقديم المعونة الاجتماعية، لافتًا إلى “اقتراح مقدمٍ للحكومة سابقًا بأن يكون هناك مبلغ مقطوع يدفع بشكل دوري مرتان سنوياً إضافة لما تدفعه المعونة الوطنية للفقراء والمستحقين والمحتاجين والمصنفين عند الحكومة وشركائها، وتكون فعلاً مبالغ مالية تضخ لهذه الفئة حتى تستطيع مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة”.

وشدد على أنّ “الحماية الاجتماعية” ضرورية  اليوم لأنها مرتبطة بالأمن المعيشي والأمن الاجتماعي وما يرافقهما من تأمين الأساسيات للطبقات الأشد حاجة.

رفع الرواتب ضرورة

ولفت الخبير الاقتصادي في تصريحاته لـ “البوصلة” أن الأصل وكما يحصل في كل دول العالم من ربط الرواتب والدخل بمعدلات التضخم الحقيقية، موضحًا أنه إذا كان لدينا من 2% إلى 3% زيادة شهرية بالتضخم يجب أن تزاد فورًا وتنعكس على الرواتب، كما تفعل دول وربطها بشكل شهري.

وشدد ديّة على أنّه “لا يجوز أن تبقى الرواتب ثابتة والحياة تتضاعف وترتفع الأسعار، حتى وصلت إلى أكثر من 35% على أسعار مختلف السلع”، محذرًا في الوقت ذاته من أن “هذا سيحدث عجزًا وصعوبة في الحياة لدى المواطن الأردني”.

اليوم يوجد فجوة كبيرة في الأسواق والقدرة الشرائية للمواطن في ادنى مستوياتها، والمواطن عاجز اليوم عن تأمين أساسيات حياته، وهذا أمرٌ يزعزع الأمن الاجتماعي، ويزعزع الأمن المعيشي له، ويجب أن تكون هذه الملاحظة موجودة ويتم حلها، إمّا عبر ضخ سيولة مالية ومبالغ بين فترة وأخرى حتى يتلقاها المواطنين الذين يتلقون المعونة الوطنية، وزيادة الرواتب بصورة تدريجية وربطها بمعدلات التضخم الحقيقية، حتى يستطيع المواطن المواكبة بشكلٍ ما للارتفاعات الجنونية للأسعار، وبغير ذلك سنشهد أضطراباً كبيرًا بحياة المواطن المعيشية.

أهمية نظم الحماية الاجتماعية

من جانبه قال أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية إنّ التجربة العالمية أثبتت أن الدول التي طورت وطبقت نظما فعالة ومتماسكة وشاملة للحماية الاجتماعية، ستكون تأثيرات الآزمة الاقتصادية المركبة على مجتمعها أقل حدة من تلك الدول التي لديها نظم حماية اجتماعية ضعيفة ومجزأة.

وقال في مقالته بصحيفة “الغد”: هنا تأتي مرة أخرى أهمية أن تستثمر الحكومات في بناء نظم حماية اجتماعية شاملة وفعالة تغطي مختلف مواطنيها، بحيث تضمن الحياة الكريمة لهم خلال الأزمات المتوقعة وغير المتوقعة.

ولفت إلى أنّ نظم الحماية الاجتماعية تحمي الفقراء والمعرضين للفقر جراء ارتفاع الأسعار، بحيث تقلل من الأضرار الناجمة عن ارتفاعات الأسعار على المستويات المعيشية لمواطنيها، من خلال تقديم التعويضات لهم، أو من خلال دعم أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية.

وشدد على أنّ نظم الحماية الاجتماعية الفعالة تقدم تعويضات للبطالة، وهي بالمناسبة أحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها نظم الضمان الاجتماعي، وهي مقرة ومعترف بها منذ سبعين عاما، عندا أقرت منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم 102 للمعايير الدنيا للضمان الاجتماعي، وللأسف، فإن منظومة الضمان الاجتماعي المعمول بها في الأردن لا توفر هذا النوع من الحمايات.

وأشار عوض إلى أنّه لمواجهة التضخم، تراجع غالبية الحكومات سياسات الأجور في القطاعين العام والخاص باتجاه زيادتها ليتمكن العاملون من الحفاظ على المستويات المعيشية لهم ولأسرهم، وهو ما نفتقده هنا في الأردن.

الحماية الإجتماعية اليوم أشد إلحاحًا

يذكر أنّ النائب السابق وعضو اللجنة المالية الدكتور موسى الوحش أكد في تصريحاته لـ “البوصلة” أن “الحاجة للحماية الاجتماعية مهمّة جدًا في كل وقت؛ ولكنها اليوم أشد إلحاحًا وحاجة في ظل الظروف التي يعانيها الأردنيون اليوم، لا سيما مع ازدياد التضييق على حياة المواطن الأردني بارتفاع الأسعار”.

وكان النائب محمد السعودي رئيس اللجنة المالية النيابية قد استشاط غضبًا في تصريحاتٍ إعلامية من تهرب الحكومة منذ أكثر من شهرين لعقد جلسة لمتابعة تطبيقها لبنود الموازنة العامة وتنفيذ وعودها بشأن “الحماية الاجتماعية” للمواطن الأردني وخاصة ذوي الدخل المحدود أمام ارتفاعات هائلة في الأسعار وزيادة نسبة التضخم وارتفاع معدلات البطالة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: