وائل قنديل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

لماذا لا يفطر الجنرال في سجن طرة؟

وائل قنديل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

زار عبد الفتاح السيسي قسم شرطة مدينة نصر، واطمأن على صحة العساكر والضباط، ونصح أحدهم بالمشي حفاظًا على رشاقته، واستمع منهم لما يحبّه ويطلبه حثيثًا، وأوصل الرسالة إلى الجميع: الأمن ثم الأمن ثم الأمن .. الشرطة معي والجيش معي والقضاء معي.

حسنًا، الجنرال شغوف بزيارة الجهات الأمنية، الجيش والشرطة، فلماذا لا يمدّ خيط الشغف إلى منتهاه، ويخطف قدميه إلى أحد السجون أو أحد مقرّات الاعتقال، وربما استمع هناك إلى ما يمنحه النشوة والإحساس بالسيطرة أيضًا.

لماذا لا يقترح عليه أحدهم، من مستشاريه أو ضيوفه الحقوقيين على موائد الحوار الوطني أن يذهب ويتناول الإفطار أو السحور مع نزلاء سجن طرة، وهناك ربما استمع إلى حكاية الشاب عمر ابن ال28 عامًا، وقدّم له بعض النصائح الصحية المعتبرة، مثل التي خصّ بها الجنود والضباط.

دوّنت شقيقة عمر طرفًا من حكايته على صفحة شخصية على “فيسبوك”، في اليوم نفسه الذي كان فيه السيسي يطلب من أمين الشرطة أن يتريّض ويتمشّى داخل القسم، لكي يحافظ على رياضته البدنية .. الشاب عمر كذلك بحاجة لنصيحة مماثلة، ليس فقط من أجل اللياقة البدنية، بل من أجل الاحتفاظ بالبدن ذاته حيًّا بعد أن أدرك أنّ الموت بات علاجه الوحيد من الألم. 

تقول الحكاية “آخر كلام وصلني من عمر كان طلب باستيعاب إنه مش قادر يتحمل أكتر من كدة ومحتاج يموت لإنه كدة كدة بيموت بالبطيئ فما يجراش حاجة لما يسرع إيقاع موته، وشايف إن طلبي منه يمسك في الحياة بقى أنانية شديدة وعدم إحساس بيه وبيقول لي إن حرام علي ما امهدش لماما فكرة موته واسيبها تتفاجئ بالخبر”.

“من سنة وعمر بيحكي لي عن إنه بيتعرض لنوبات هلع وكل فترة بتزيد حدتها وبتتكرر أكتر …

من أكتر من سنتين وعمر عنده نزيف وبنطلب يعمل جراحة لعلاج شرخ وبواسير ووصلنا لاتفاق إن أدوات الجراحة والأجهزة والدكاترة هنجيبهم على حسابنا لمستشفى السجن وجهزنا المبلغ المطلوب مننا دفعه ومن يومها بنطلب تحديد ميعاد للعملية ومش عارفين نوصل لحاجة …

تعب عمر زاد وطلبنا نقله للمستشفى فطلعت بيه عربية الترحيلات مرتين على اعتبار إنه رايح يكشف في القصر العيني واتضح إن الترحيلة نقلته لتخشيبة قسم الجيزة وقعد هناك المرتين ورجع السجن مع ورقة مزورة بتقول إنه راح المستشفى وخد العلاج …

التعب تطور وبقى عنده مشاكل كمان في الأعصاب، طلبنا يشوفه دكتور مخ وأعصاب وماحدش راضي يستجيب”.

من هو عمر؟ الإجابة هذه المرّة على لسان الصحافي الاشتراكي الخارج من سجن طرة بعد سنوات من الحبس الاحتياطي، من دون تهمة حقيقية، الزميل هشام فؤاد. يكتب هشام تحت عنوان”عمر وتلاوة القرآن” ما يلي: عمر وتلاوة القرآن .. تتيح لنا فترة الحبس تعلم مهارات جديدة .. وكنت شغوفا بتعلم تلاوة القرآن بشكل صحيح .. وعندما صارحت الشاب عمر محمد علي رفيق الزنزانة الوحيد بذلك أبلغني بتواضع لا  تشغل بالك أنا لها ..

وبعد أن أكد لي أنه حصل ع إجازة القرآن  وأنه جاد ومش بيعمل مقلب من مقالبه العديدة وجدته انسانًا آخر جادًا ولديه معرفة واسعة .. وبالفعل تعلمت ع يديه معظم قواعد التلاوة .. وانا فعلا ممتن له بشكل شخصي.

وعمر الحاصل على حكم بالمؤبد في قضية ليس له أي علاقة بها حرفيًا وهو ما أفاد به ضابط التحريات في شهادته امام المحكمة العسكرية.. كان دوما يحكي لي همومه وأهمها قلقه على والدته التي تجرى وراءه في سجون مصر طيلة السنوات الثمانية الماضية وكم هو ممتن لها ومشفق عليها في آن واحد.

نعم عمر صاحب الثمانية والعشرين عاما قضى ثلث عمره في السجن.. ومأساته  لم تبدأ بالحبس، بل بدأت عندما قتل والده أثناء فض اعتصام رابعة برصاصه في رأسه، بينما عمر الذي ذهب يومها للاعتصام خوفًا على والده كان يقف بجواره مذهولا .. وكان يومها لم يتجاوز عمره الثمانية عشر عاما.

عمر أصيب بصدمة جراء سقوط الاب قتيلا بجواره ولم يشف منها حتى اليوم .. وكان دوما يصحو مفزوعا من حلم متكرر يذكره بمشاهد القتل والفض الدموي … وعبر عن مشاعره تلك في قصص جميلة كتبها في السجن.

ولكن أشد ما كان يؤلمه إلى جانب شبابه الذي يتبخر خلف الزنازين هو والدته التي فقدت الاب والابن معا لتتكفل بمواجهة اعباء الحياة بمفردها، وأهمها تربية ثلاث بنات صغيرات في السن.

عمر قدم التماسا إلى الحاكم العسكري .. ويأمل  أن يخرج ليرفع العبء عن كاهل أمه وأخواته البنات..

وما زالت اتذكر حتى الآن ابتسامته وهو يودعني” اوعى تنساني يا اتش .. انا بموت حرفيا كل يوم .. واسأل عن أهلي”.

بقية الحكاية تجدها في تدوينات شقيقته “زي النهاردة من خمس سنين، اترفض نقض الحكم بالمؤبد على عمر أخويا، عمر اتقبض عليه غلطة بمعنى الكلمة وهو خارج من مطعم وقت دخول مأمورية ضبط لحد تاني، اتوعد من أول لحظة إنه هيخرج، لحد ما اتعرف مين باباه فاتقلبت الدنيا واتحط على ذمة القضية 174 غرب عسكري لسنة 2015 …

في ورق القضية محضر تحريات مكتوب بخط إيد ظابط في المخابرات الحربية بيقول نصاً لم يستدل على ارتكابه أي جريمة … الشاهد الوحيد في القضية شهد قصاد القاضي إن عمر مالوش علاقة بأي حاجة”.

حكاية، ومثلها مئات الحكايات لمئات بل آلاف مثل “عمر” في عتمة الزنازين، أظنّها ستكون أكثر تشويقًا للجنرال، وتصلح لصناعة لقطات مثيرة من النوع الذي يفضّله ويسعى إليه.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts