لماذا يعارض كثيرون مشروع قانون حقوق الطفل ويؤيده آخرون؟

لماذا يعارض كثيرون مشروع قانون حقوق الطفل ويؤيده آخرون؟

البوصلة – محمد سعد

جدل حاد واستقطاب كبير حول مشروع قانون حقوق الطفل لعام 2022، هناك من يرى أنه يحمي الأطفال من العنف، ويلزم الدولة بتوفير تعليم مناسب ومجاني ورعاية صحية وبين من يقول إنه مستورد غربي يهدف إلى تدمير الأسرة الأردنية، ويتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، والقيم المجتمعية، ويخالف الدستور.

ووسط هذا الجدل أحال مجلس النواب مشروع القانون إلى لجنة نيابية مشتركة (القانونية، والمرأة وشؤون الأسرة) وذلك بعد جلسة شهدت مناقشات واسعة حول القانون، توجه أكثرها إلى نقده والتوجس من الهدف الكامن وراء تشريعه، وأنه يبيح تبني الأطفال وحرية اختيارهم الدين.

وجدير بالذكر أن الحكومة قالت أن الأسباب الموجبة لمشروع القانون، هي استجابة للتعديلات الدستورية التي أكدت على حماية الطفولة، ولتعزيز حماية الأطفال ورعايتهم من خلال إيجاد تشريع ينظم العلاقات والتنسيق بين الجهات العامة والأهلية والخاصة المعنية بالطفل أو المكلفة بتقديم خدمات له وفقا للتشريعات النافذة، ونظرا لمصادقة المملكة على اتفاقية حقوق الطفل بموجب قانون التصديق على الاتفاقية رقم (50) لسنة 2006، الأمر الذي يتطلب اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها للأطفال في هذه الاتفاقية.

أبزر أسباب الرفض

يرى المعارضون لمشروع القانون أن بعض مواده تكرس “مبدأ الفردية وتهدد القيم الأسرية والدينية” وأ[مؤيدشار بيان لعلماء الشريعة في حزب جبهة العمل الإسلامي للمواد التي اعتبرها تحتوي على مخالفاتٍ شرعية وقانونية واجتماعية وتربوية وسلوكية ومنها:

1- يقول البيان أن المادة الثانية (أ) يشير القانون إلى أنّ سنّ الطفولة يبقى إلى سنّ الثامنة عشر، ماعتبره علماء الحزب “مخالف للأحكام الشرعية، إذ تنتهي مرحلة الطفولة بالبلوغ، حيث يصبح الشاب أو الشابّة مكلفاً شرعاً ويتحمل مسؤولية أفعاله، فيكون أهلاً للعقود، والزواج والطلاق والهبة، وفي تأخير سن الطفولة ظلمٌ للرجولة وتعدٍّ عليها، وهذا من أعظم حقوق الطفل المسلوبة”.

2- ويقول البيان أن “المادة 5(ب) أغفل القانون أهمّ حقوق الطفل ألا وهو حقّ التربية والتوجيه والتأديب، مكتفياً القانون بذكر حقّ الرعاية فحسب”.

3- في المادة السابعة والثامنة يعطي القانون الطفل الحقّ في احترام حياته الخاصة وعدم التدخل فيها، وحقّ الحصول على المعلومات، ما اعتبره علماء الحزب “أنّه ليس للأب أن يعترض على ولده أو يتدخل في شؤونه، فإذا أراد الطفل أن يكون ملحداً أو شاذّاً فله ذلك. ثمّ هل له أن يطلب أسرار والديه، أو يتدخل في خصوصيتهما، بحجّة حصوله على المعلومات؟ّ!”.

إقرأ أيضا دراوشة لـ “البوصلة”: هذه مخاطر “قانون الطفل” في استهداف الأسرة الأردنية

4- وأضاف البيان “في المادة التاسعة جعل القانون علاقة الطفل بوالديه قائمةً على التواصل فحسب”، متسائلا، “فأين الرأفة بالوالدين، والعناية بهما؟ واندماج الطفل بوالده ووالدته وأسرته؟! إنّ نصّ هذه المادة يُظهر أنه نصٌّ غربيٌّ بامتياز”.

5- وفي المادة (18): يعطي القانون الطفل الحقّ بالمشاركة في النوادي والتجمعات، فتساءل علماء الحزب، “أين ضوابط هذه المشاركة؟ فقد يشارك الطفل في أندية الماسونية(الروتاري)، أو تجمعات الشواذ، دون أن يكون للأب الحقّ في منعه أو تأديبه؟”.

وانتقد النائب ينال فريحات، مشروع القانون باعتباره “أحد القوانين القادمة من الخارج، والتي تُملى علينا كجزء من الاستحقاقات التي تتبناها منظمات دولية حول ما تدعي أنها حقوق للمرأة والطفل”.

وقال إن هناك مواد تنص على حق الطفل في اللجوء إلى المساعدة القانونية “دون أي قيد”، من “غير بيان للمقصود بعبارة (دون أي قيد)، وهل تعني دون موافقة ولي الأمر”، مشيرا إلى أن “عامة نصوص مشروع القانون لا تبرز أي دور للأب والأم في رعاية الطفل، ولا تتطرق إلى واجبات الطفل تجاه والديه”.

 رأى المختص في علم الاجتماع، حسين الخزاعي، أن “جميع المواد الواردة في مشروع القانون لا تخدم الطفل، بل إنها تؤول إلى تدمير الأسرة والطفل معا”.

وقال في تصريحات صحفية إن مشروع القانون يمنح الأطفال الفرصة والدافع لترك المنزل، وعدم الاحترام والطاعة للوالدين، والاستقلالية والانعزال، وحرية التصرف في أي شيء دون استشارة الوالدين.

وشدد على أن “حقوق الطفل تعني تأمين العيش الكريم للأطفال، والأمن النفسي والاجتماعي والاقتصادي والحياة الصحية السليمة”، متابعا: “يهمني أن أؤمن المستلزمات الأساسية للطفل قبل الحديث عن حرية التنقل والترفيه”.

مؤيدو القانون يطالبوا بمناقشة نصه التشريعي

في المقابل، رحب بعض النشطاء في مجال حقوق الانسان بمشروع القانون، واصفين المعترضين عليه بالمبالغة وبمحاولة “شيطنته” دون أي مبرر، واعتبروا أن الأردن بقي دون قانون لحماية الأطفال، حتى أقرته الحكومة في نيسان الماضي.

ولفت مؤيدي مشروع القانون إلى أول مسودة لسنّ قانون يحمي حقوق الأطفال تعود إلى عام 1998، في حين عرض أول قانون على البرلمان في 2004، لكنه ظل مركونا في رفوف مجلس النواب لسنوات عديدة، قبل أن تقوم الحكومة بسحبه في 2008.

وتقول الناشطة الحقوقيّة هالة عاهد أن الهجوم “غير الموضوعي” على مشروع القانون حرم الأردنيين من التركيز على مناقشة النص التشريعي ونقده بهدوء.

وأكدت مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز،في سلسلة تغريدات عبر حسابها على تويتر، “أن نص القانون المقترح لا يتعارض مع الدين، خلافا لما يشاع”.

ووصفت عبد العزيز النقاش الدائر حول مشروع القانون بالمحزن، مضيفة أنه “استند إلى نصوص غير صحيحة وغير موجودة في القانون”.

ورأت أن هناك من يستخدم نصوص القانون خارج سياقها، ممثلة بالمادة (24) التي أتاحت للطفل الاتصال مع مقدمي خدمات المساعدة القانونية دون قيد.

وأوضحت أن الطفل يُحرم من طلب المساعدة القانونية في أقسام الشرطة وعند التحقيق معه عند الأجهزة الأمنية، وفي القضايا المتعلقة بالمخدرات بحجة أن فيها نوعا من الحساسية، مضيفة أن التحفظ على منح الطفل هذا الحق تخاذل وتماهٍ مع خطاب السلطة التي لا شك أنها مسرورة وراضية عن هذا التحفظ.

ويعتبر أن تمرير القانون وتقبله داخل المجتمع الأردني لن يكون سهلا، نظرا لطبيعة “النظام العشائري” والأعراف التي تحكم المجتمع الأردني، بالإضافة لانعدام “الثقة بين المواطن والحكومة”.

الحكومة تحاول تقديم التطمينات

 حاولت وزيرة الدولة للشؤون القانونية، وفاء بني مصطفى، تبديد المخاوف من تاثير القانون على منظمة القيم المجتمعية في الاردن مؤكدةً أن الحكومة راعت الخصوصية الأردنية لدى صياغة مشروع القانون.

واستدلت الوزيرة بالمادة الخامسة من مشروع القانون التي تنص صراحة على أن ” التنشئة السليمة للطفل تحترم الحرية والكرامة والإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية”.

وأضافت، خلال جلسة تشريعية لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون حقوق الطفل، أن الحكومة راعت الخصوصية الأردنية في صياغة نصوص المشروع، ولا بد من الإشارة إلى أنه وكما جاء بالأسباب الموجبة أن هذا التزاما بالتعديلات الدستورية والتي أقرها مجلس النواب والتي تتكلم عن حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة من جميع أشكال الإساءة والاستغلال وأيضا التزاما من الأردن بالإيفاء بالتزاماته الدولية المتعلقة بالاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل لعام 2006″.

“ما أثير حول موضوع الدين غاية في الأهمية لا بد من الإشارة إلى أن الأردن متحفظ على المواد 14 و20 و21 ابتداء من اتفاقية حقوق الطفل، والمادة 14 تتكلم عن الحق باختيار الدين أو تغيير الدين وهناك تحفظ مبدئي من الأردن عليها وهذا معكوس في نصوص القانون وأيضا الأمر المتعلق بالتبني”، وفق بني مصطفى.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: