لماذا يعزف الأردنيون عن أخذ لقاحات “كورونا”؟

لماذا يعزف الأردنيون عن أخذ لقاحات “كورونا”؟

يرفض المواطن الأردني خليل الكسواني (45 عاما) التسجيل في المنصة الإلكترونية للراغبين بأخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا، معللا ذلك بكونه مستوردا ولا تُعلم حقيقة آثاره الجانبية، وخصوصا مع الحديث المتداول عن تسببه بمشاكل صحية قد تظهر على المدى البعيد، وربما تؤدي إلى الوفاة”.

وقال الكسواني إنه لا يثق بالحكومة “التي لا تعرف حقيقة اللقاح أصلا، وإنما استوردته من جهة غير أمينة”، معربا عن عدم خشيته من فيروس كورونا “لأنه أشبه بالإنفلونزا الموسمية، وكل ما في الأمر أن هناك تهويلا إعلاميا تسبب بالخوف والهلع لدى كثير من المواطنين”.

وفي المقابل؛ أكد فارس إبراهيم (59 عاما) أنه سجل اسمه قبل شهر ونصف في المنصة الإلكترونية المخصصة للراغبين بأخذ المطعوم، إلا أن أحدا من وزارة الصحة لم يتواصل معه.

وعلل إبراهيم عزمه على أخذ اللقاح بالقول إن “هذا المرض مجهول، ونحن نتعلق بشعرة حتى ننجو منه”، لافتا إلى أن زوجته سجلت اسمها بالمنصة؛ ولكنها تراجعت عن أخذ اللقاح “تأثرا بالحديث الدائر بين الناس عن آثاره السلبية، ولأنه قد لا يحمي من الفيروس المتحور الذي بدأ بالانتشار في البلاد”.

وتشير الأرقام الرسمية إلى عزوف الأردنيين عن التسجيل في المنصة الحكومية الإلكترونية الخاصة بالمطاعيم، حيث بلغ عدد المسجلين 365 ألفا، بينما لم يتجاوز عدد متلقي المطاعيم الـ40 ألفا.

عزوف رسمي وشعبي

وأكد عضو لجنة الأوبئة، عزمي محافظة، أن هناك “عزوفا شديدا” عن التطعيم من قبل المواطنين، وتقصيرا من الجهات الرسمية .

وأوضح محافظة أنه “عندما يسجل 365 ألف شخص لأخذ اللقاح؛ فهذا يعني أن ما نسبته ثلاثة بالمئة من الشعب الأردني فقط يريد التطعيم، وحينما تقدم الحكومة اللقاح لـ40 ألف شخص فقط؛ فهذا يعني أن عملية التطعيم لا تسير بشكل صحيح”.

وأضاف أن نسبة التردد بين الأردنيين لأخذ المطعوم فاجأت الجميع، “فالاستطلاعات تبين أن أكثر من 70 بالمئة من المواطنين يرفضون أخذ اللقاح”.

وحول سبب عزوف الأردنيين عن أخذ اللقاح؛ قال محافظة إن كثيرا منهم يعتقدون أن وباء كورونا ولقاحاته عبارة عن مؤامرة، مشيرا إلى أن الإشاعات التي يتناقلها المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الآثار الجانبية للمطعوم ساهمت في رفضه.

وتعليقا على الحديث المتداول بين المواطنين حول وفاة رئيس مجلس النواب الأسبق عبدالهادي المجالي وغيره بمرض كورونا رغم أخذهم اللقاح؛ قال إن من يأخذ جرعة أو جرعتين من المطعوم قد يصاب بالفيروس، “فنحن لا نقول إن فعاليته أكيدة 100 بالمئة”.

وأوضح محافظة أن “الأعراض الجانبية للّقاح بسيطة وليست مميتة، كارتفاع الحرارة أو حدوث قشعريرة أو صداع أو ألم بسيط”، مشيرا إلى أن “بعض الأشخاص الذين أصيبوا بتحسس شديد لأخذهم المطعوم تعافوا منه”.

وبيّن أن نسبة كبيرة من الأردنيين أصيبوا بالمرض دون أن يشعروا بأية أعراض، ما أوصلهم إلى قناعة بأنه مرض خفيف، أو بأنهم اكتسبوا مناعة من الفيروس، وبالتالي فلا داعي لأخذ اللقاح.

وأكد أن المطاعيم في الأردن غير متوفرة بالكمية الكافية، لافتا إلى أن ثمة تقصيرا لدى الحكومة والمثقفين والإعلاميين وبقية فئات المجتمع؛ في توعية المواطنين بضرورة أخذ اللقاح.

ورأى محافظة أن العزوف عن أخذ اللقاح لا علاقة له بوجود “أزمة ثقة” بين المواطنين والحكومة، فهناك دول لا توجد فيها هذه الأزمة ومع ذلك نرى فيها عزوفا عن أخذ المطعوم، ففي الكويت مثلا نسبة الإقبال على أخذ المطعوم 23 بالمئة، وفي السعودية 31 بالمئة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس لجنة الصحة النيابية السابق، إبراهيم البدور، في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي؛ فإن 40 بالمئة من الذين سجلوا على المنصة الحكومية لأخذ المطعوم “لم يذهبوا للمراكز التي تم تحديدها لهم؛ رغم تواصل الوزارة وبعث رسالة تذكير”.

وأبان استطلاع للرأي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن الأسباب الرئيسية لعزوف الأردنيين عن أخذ المطعوم هي: عدم الثقة بالمطعوم (38 بالمئة)، والتخوف من آثاره السلبية (24 بالمئة)، وعدم الاقتناع بالمطعوم (11 بالمئة).

وأظهر الاستطلاع الذي نشر في 3 شباط/ فبراير الجاري، أن الغالبية العظمى من الأردنيين تعتقد أن الوضع الوبائي المتعلق بانتشار فيروس كورونا في الأردن بات تحت السيطرة، و33 بالمئة يفضلون لقاح فايزر-بيونتك على غيره.

أسباب أخرى

ويرى أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي، أن من أبرز أسباب عزوف الأردنيين عن أخذ اللقاح؛ هو إجبارهم على المطعوم الذي تريده الحكومة، “فالإنسان بطبعه يحب حرية الاختيار”.

وقال إن ثمة تقصيرا في فتح وتعميم مراكز أخذ اللقاحات، وفي الاستفادة من المساجد والمراكز الصحية الموجودة بمختلف مناطق المملكة، لافتا إلى التجربة البريطانية “التي جعلت من دور العبادة مراكز لتقديم اللقاح كي يصل إلى أكبر عدد ممكن”.

وأكد الخزاعي وجود حالة من عدم الثقة بين المواطنين والحكومات المتعاقبة، ما يؤدي إلى التوجس من كل ما تتبناه السلطات الرسمية، مضيفا أنه “كان على الحكومة أن تستعين بالقطاع الخاص لتوعية المواطنين، والرد على الإشاعات التي تتحدث عن أعراض جانبية للقاحات قد تصل إلى الوفاة”.

وأوضح أن كثيرا من الذين أصيبوا بالفيروس عزلوا أنفسهم دون إبلاغ السلطات المختصة، وتناولوا العلاجات التي أدت إلى شفائهم، ما أوجد اعتقادا لديهم ولدى معارفهم بأن من السهل السيطرة على المرض، وبالتالي فلا حاجة لأخذ اللقاح.

ولفت الخزاعي إلى ما أسماه “عدوى الانتظار” حيث يفضل كثيرون أن يتريثوا حتى يروا آثار اللقاح على الآخرين ممن أخذوا المطعوم قبلهم، مؤكدا أن تقاعس الحكومة عن إعطاء اللقاحات للمسجلين في المنصة الخاصة بها ساهم في عزوف المواطن عن التسجيل كونه لا يرى فائدة محسوسة من ذلك.

وكان وزير الصحة نذير عبيدات، قد قال الجمعة في تصريحات لقناة المملكة الرسمية، إن هناك شحا في توفر اللقاحات عالميا، مؤكدا أنه “يتم إعطاء اللقاح المضاد للفيروس لثلاثة إلى أربعة آلاف شخص يوميا”.

وبين أن الأردن وقع اتفاقيات مع عدة شركات لتوفير 30 بالمئة من اللقاحات المضادة للفيروس، مشيرا إلى “أن العمل جار لتوفير اللقاح لأكبر عدد من سكان الأردن بسبب السلالة الجديدة”.

وشهد الأردن ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بفيروس كورونا خلال الـ30 يوما الماضية بما نسبته 30 بالمئة أسبوعيا، وبلغ إجمالي الوفيات منذ بدء الوباء في البلاد 4,528 وفاة، وإجمالي الإصابات 357 ألفا و611 إصابة.

عربي 21

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: