لوس أنجلس تايمز تروي قصصا مؤلمة لمعاناة الإيغور مع الصين

لوس أنجلس تايمز تروي قصصا مؤلمة لمعاناة الإيغور مع الصين

نشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تقريرا ترجمته “عربي21” يروي حكايات للمعاناة الإيغور نتيجة قمع السلطات الصينية بينها قصة معاناة والد باكستاني سجنت السلطات الصينية زوجته الإيغورية وأرسلت ابنتيه إلى دار أيتام.

وجرت الأحداث في عام 2017 عندما توجه الباكستاني اسكندر حياة برفقة ابنه عرفات من شمال غرب الصين إلى بلده الأم باكستان من أجل قضاء شهر رمضان مميز هناك، لكن الرحلة انتهت بتمزيق العائلة.

فبعد ثلاثة أسابيع من وصول اسكندر حياة وابنه عرفات إلى باكستان استقبل مكالمة هاتفية من سنجان (إقليم تشنجيانغ) حيث يعيشون، وعرف باعتقال زوجته الإيغورية، مما اضطرهما للعودة سريعا إلى الصين، ووجد حياة الشرطة بانتظاره على الحدود واعتقلوا ابنه عرفات وأخبروه أنه سيتم التحقيق معه حول ما فعله في باكستان.

ورفضت الشرطة الصينية توسل حياة لهم بالتحقيق مع ابنه عرفات أمامه، وقالوا له سيكون ابنك عندك بعد أسبوعين، لكن حياة بقي بعيدا عن ابنه لمدة عامين.


واسكندر حياة هو تاجر ملابس باكستاني وربى مع زوجته ثلاثة أطفال، ويقول للصحيفة: “من الصعب أن تترك فلذات كبدك، أطفالك، أن يعيشوا في مكان أسوأ من السجن”، وبعد أن اعتقلت زوجته وابنه عرفات، الذي كان عمره 19 عاما حينها، رفضت الصين منحه تأشيرة لمدة عامين.


وأرسلت السلطات ابنتيه اللتين كانتا تبلغان من العمر 7 سنوات و12 سنة إلى دار أيتام في كاشغر (إحدى أشهر مدن تركستان الشرقية) دون موافقته.

وناشد حياة المسؤولين الصينيين والباكستانيين للحصول على معلومات عن عائلته دون أي رد حتى عام 2019.

وبرر المسؤولون الصينيون احتجاز ابنه بأنه يتلقى “تعليما”، وهو إشارة ملطفة عن معسكرات الاحتجاز حيث تقول بكين إن الأقليات تتلقى “تدريبا مهنيا” لمكافحة “التطرف والانفصالية والإرهاب”، كما تقول الصحيفة.

وفي تموز/ يوليو 2019 حصل حياة أخيرا على فيزا وذهب إلى كاشغر ولكنه بقي في فندق حيث لم يسمح له الذهاب إلى بيته. وتم اطلاق سراح زوجته التي خرجت من المعسكر إلى السجن في أيلول/ سبتمبر. وقد عانت من مشاكل في الكبد والقلب خلال اعتقالها ولكنها رفضت أن تفصح بما حصل معها في الاعتقال.

وابنه عرفات أطلق سراحه بشرط أن يوقع عقد خدمة لعامين مع شركة اتصالات صينية حيث وعد أن يدفع له 250 دولار بالشهر ولكن بعض الأشهر لم يحصل سوى على 200 دولار ولم يدفع الراتب نهائيا في بعض الأشهر ولا يسمح له مغادرة العمل إلا يومين في الأسبوع.

وقال حياة إنه زار المسؤولين الحكوميين في كاشغر وطلب منهم الافراج عن ابنه من برنامج الخدمة ولكنهم لم يستجيبوا وعاد إلى باكستان في كانون أول/ديسمبر عندما انتهت تأشيرته ويحاول الحصول على جوازات سفر باكستانية لأبنائه كي يستطيعون المغادرة.

قمع بمعسكرات الاعتقال


والتقت الصحيفة بأربعة باكستانيين متزوجين من نساء إيغوريات تم فصلهم عن عائلاتهم. وباكستانيين إيغوريين هددهم الأمن الباكستاني وشخص صيني إيغوري فر من خلال باكستان بعد أن كان معتقلا في أحد معسكرات الاعتقال. وخشية من الانتقام في البلدين طلب بعضهم عدم ذكر اسمه، مع أن الصحيفة اطلعت على وثائقهم الشخصية.

أما أولئك الذين كانوا في المعسكرات فيروون قصة أخرى. فقال محمد وهو إيغوري من جنوب سنجان ويقوم بالتجارة بين الصين وباكستان منذ أوائل الألفية الثالثة، إنه تم اعتقاله لسبعة أشهر، عندما عاد إلى الصين في حزيران/ يونيو 2018 وسجن في معسكر ويداه مربوطتان معا في غرفة فيها 35 شخصا.

وقال إنهم كانوا يفيقون كل يوم في الرابعة وتبدأ المحاضرات حول اهتمام الحزب الشيوعي الصيني بالإيغور.


ويتذكر أنه قيل له: “إن الحزب يطعمك .. والإيغور ليس لهم قيمة دون هذا الحزب.. ولو لم يكن هناك حزب شيوعي، لمات الإيغور جوعا”.


وقال محمد إنه وغيره في المعسكر أكرهوا على غناء أغاني تمجد الحزب وتمجد الزعيم شي. وبعد ذلك، قاموا بتمارين الصباح بالركض حول الساحة حتى شروق الشمس. وإفطارهم كان عبارة عن ماء حار وكسرة خبز، أتبعها خمس ساعات من دروس اللغة الصينية ولم يسمح لأحد بالحديث مستخدما لغة الإيغور.


وحوالي مرة كل شهر يجعل الحراس المعتقلين يشاهدونهم وهم يحرقون سجادات الصلاة والمسابح التي قاموا بمصادرتها من بيوت الإيغور.


ويقولون للمعتقلين: “أنتم لستم أتراك، الإيغور صينيون. أنتم منا، صينيون”.


وقال إن الحرس ضربوه بالهراوات الكهربائية وحققوا معه عن سبب ذهابه إلى باكستان واتهموه بأنه يعمل مع حركة تركستان الشرقية الإسلامية، وهي مجموعة معادية للصين أرسلت مقاتلين إلى سوريا. وسألوه إن كان يصلي وعندما قال: “لا”، ضربوه وقالوا: “ألست مسلما؟”.


وقال محمد: “إن تحدثت ببطء يضربونك وإن ارتفع صوتك يضربونك أكثر. سألتهم: “‘كيف أتحدث؟ وكيف علي أن أجيب؟ لا تضربوني. سأجيب على كل شيء بوضوح'”، ولكن الضرب استمر.

وتم إطلاق محمد أخيرا بشرط أن يعيد زوجته وأطفاله من باكستان إلى سنجان ويعمل كمخبر للسلطات الصينية، على أساس أن يكون أفراد عائلته المتواجدين في سنجان ضمانا.

وقال للصحيفة في راوالبندي (شمال شرق باكستان)، حيث تبدو آثار السلاسل والصدمات الكهربائية على معصميه وذراعيه وظهره وقدميه: “ولكني لن أعود إلى الصين .. الصين سجن، وبيوتنا زنازين تعذيب والموت أو الإعدام هو ما ينتظرني أنا وعائلتي هناك”.

وبعد أيام غادر ولم تستطع الصحيفة التحقق لما حصل لبقية أفراد عائلته الذين تركهم خلفه.

وقال أندرو سمول، الزميل لدى مركز صندوق مارشال الأمريكي في ألمانيا الفكري، مع أن باكستان واحدة من بلدان مسلمة عدة رفضت انتقاد قمع الصين للإيغور “فهي ربما البلد الأقل مساحة للتحرك”.



وتقدم الصين لباكستان عشرات مليارات الدولارت كقروض وتوسع التعاون العسكري وتشتري باكستان حوالي 40 بالمئة من الأسلحة الصينية المصدرة. وهي الموقع الرئيسي لإنشاء بنية تحتية ضمن مشروع مبادرة الحزام الطريق والتي تتضمن “ممرا اقتصاديا صينيا باكستانيا” طوله 2000 ميل من الطرق والسكك الحديدية من كاشغر إلى بحر العرب.

وقال سمول إنه اذا اعتبرنا هذه العلاقة يجعل باكستان تشعر دائما أنها “ملزمة أن تكون مستوعبة” للطلبات الصينية “حتى وإن لم تكن مرتاحة تماما لذلك”.

وزادت الإجراءات الأمنية بشكل دراماتيكي عام 2009 بعد أحداث الشغب في أرومتش في مقاطعة “شينجيانغ” والتي أدت إلى وفاة 200 شخص.

وزاد التوتر الإثني بعد أن شجع الحزب الشيوعي الشركات الصينية والصينيين من إثنية الهان أن ينتقلوا إلى سنجان. ونظر إليهم الكثير من الإيغور على أنهم انتهازيين استحوذوا على أفضل الوظائف واستغلوا موارد سنجان على حساب السكان المحليين.

وحاولت الحكومة الصينية أن تقمع الاضطرابات من خلال عمليات التذويب وباستخدام القوة، فمنعت اللباس الديني وشجعت التعليم الوطني وملأت الإقليم بالحواجز والشرطة وكاميرات المراقبة.


ولكن العنف الإثني تصاعد مع عنف الدولة: وثارت الهجمات الإيغورية ضد المدنيين والشرطة عام 2012 و2013 و2014 بما في ذلك محاولة اختطاف الطائرات والهجمات بالسكاكين والتفجيرات واستخدام ودخول سيارة على تجمع في ميدان تاينانمان.

وفي 2016 جاء متشدد في الحزب هو تشين كوانغاو، معروف بقمعه لسكان التبت، إلى سنجان وصمم تشين حملة مراقبة واسعة واعتقالات من خلال تطبيق ملزم يقوم بجمع البيانات من هواتف الإيغور وتحدد خوارزميات التطبيق من يجب وضعه في معسكرات الاعتقال.


وتم اختيار من يعتقلون لأسباب غير مؤذية مثل إطلاق اللحية واستخدام واتساب أو الاتصال بأفراد العائلة في الخارج، بحسب تقارير هيومان رايتس ووتش ووثائق الحكومة الصينية التي تم تسريبها للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين.


كما تم إرسال كوادر الحزب من إثنية الهان إلى بيوت الإيغور، وعادة يدخلون البيوت ليعشوا مع النساء والأطفال بينما يعتقل الرجال لتعليمهم “حب الحزب” ورفض الدين وأن يصبحوا أكثر “صينية”.

ونقلت الصحيفة عن تاجر الباكستاني يدعى “باشا” ويبلغ من العمر 63 عاما قوله إن الصين لم تكن دائما تتعامل بوحشية مع سنجان. وكان قد عاش في أرومتش، عاصمة إقليم سنجان، منذ عام 1988 وتزوج امرأة إيغورية هناك عام 2001.

وفي عام 2016 فر أهل زوجة باشا إلى تركيا مع طفلين من أطفاله وقامت الشرطة الصينية باعتقال زوجته وأطفاله الثلاثة الآخرين وأعمارهم 3 و 4 و5 سنوات. وقال: “تتم مراقبتك وتصدر التعليمات لك بما يجب أن تفعل ويخيم الخوف فوق رأسك”.

وبعد أن خاطب وزارة الخارجية الباكستانية والسلطات الصينية تم إخباره بأن بإمكانه الحصول على جوازات سفر باكستانية لأبنائه ويخرجهم ولكن ليس لزوجته فقد حكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات ونصف ولم توضح السلطات سبب السجن.

خشية مستمرة

ونقلت الصحيفة شهادت من المجتمع الإيغوري في باكستان والمكون من عائلات قدمت إلى هناك في أربعينيات القرن الماضي وحصلت على الجنسية الباكستانية، عن تخويف مشابه بتعرضون له في باكستان.

وقال باكستاني إيغوري يملك دكانا في راوالبندي للصحيفة إنه تم اعتقاله لمدة أسبوعين من رجال أمن باكستانيين في ملابس مدنية في أواخر 2018. وقال إنه تم أخذه من بيته بعدما غطي رأسه وعينيه بكيس أسود وتم ربطه بالسلاسل في غرفة مظلمة وتم التحقيق معه إن كان لديه أي علاقة بحركة تركستان الشرقية الإسلامية.


وقال صاحب الدكان البالغ من العمر 53 عاما والذي يعتقد أن عمه في يركند في سنجان معتقل في إحدى معسكرات الاعتقال: “قال لي المحققون ‘لا ترفع صوتك ضد الصين ولا حتى في جلسات خاصة'”.

ولخشيته أن يتسبب بالأذى لأقاربه في سنجان لم يتصل بهم على مدى ثلاث سنوات.


وباكستاني إيغوري آخر هو محمد عمر خان، الذي واجه ضغوطا من السلطات الباكستانية بسبب محاولته ترويج لغة وثقافة الإيغور. وأنشأ خان، الذي هاجر والداه إلى باكستان من كاشغر عام 1967 للفرار من قمع الحزب الشيوعي الصيني، مؤسسة عمر الإيغورية عام 2008 وفتح مدرسة صغيرة بالقرب من بيته في راوالبندي عام 2010.


ولكن السلطات الباكستانية زارت خان وأمرته بإغلاق المدرسة لأنها “تخرب العلاقات الصينية الباكستانية”. وعندما رفض قام أفراد يعملون مع الحكومة ويلبسون ملابس مدنية بتدمير مدرسته وحطموا الكمبيوترات وصادروا المواد الدراسية.

وحاول خان إعادة فتح المدرسة عام 2015 ولكن تم اغلاقها إكراها مرة أخرى خلال شهر. وفي 2011، منع هو وأخوه مؤقتا من مغادرة باكستان. وفي 2017 اعتقله الأمن الباكستاني لتسعة أيام.


ومنذ بداية 2019، بدأت منظمة ممولة من السفارة الصينية يطلق عليها “اتحاد الصينيين السابقين” تدير مدارس تعليم اللغة الصينية للإيغور في باكستان تطلب من العائلات الباكستانية الإيغورية أن يسجلوا أسماء وعناوين أقاربهم في الصين.

وتم إخبار الباكستانيين الإيغوريين بأن الاتحاد يريد معلومات أقربائهم للتأكد من أن أطفالهم يستحقون الدراسة في مدارسهم. ولكن خان يخشى أن المعلومات هي لزيادة المراقبة أو للترتيب لتسليم الباكستانيين الإيغوريين للصين.


وقال خان البالغ من العمر 47 عاما: “مع أننا نعيش في بلد مسلم حر إلا أن الصين تملك قوة قمع على المجتمع الإيغوري هنا. فماذا تفعل الصين في الشعب الإيغوري في الصين؟”.

وطلبت الصحيفة من عظيم خان، الأمين العام لاتحاد الصينيين السابقين، أن يعلق ولكنه لم يستجب.


وقال بعض أعضاء المجتمع الباكستاني الإيغوري بأن بعض عائلاتهم أطلق سراحهم أواخر العام الماضي من المعسكرات، وذلك بسبب الضغط الاعلامي والدبلوماسي الدولي. وقالت الصين إنهم “طلاب” في المعسكرات “تخرجوا”.


ولكن إطلاق سراحهم لا يعني الحرية. فكثير منهم يخرج من المعسكر إلى السجن أو الخدمة في المصانع ولا يسمح لهم بمغادرة سنجان. وعندما عادت موجة فيروس كورونا هذا الصيف إلى الإقليم تم وضعهم تحت إغلاق قوي، حيث أكره السكان على البقاء في بيوتهم وتناول الأدوية الصينية التقليدية، بحسب ما نقلت الصحيفة.

عربي21

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: