ماذا وراء إطلاق سراح الشيخ هلال في السودان وما علاقة حميدتي؟

ماذا وراء إطلاق سراح الشيخ هلال في السودان وما علاقة حميدتي؟

محاولات حثيثة تجري لإطلاق سراح الشيخ موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد العربية في إقليم دارفور وهو آخر السجناء السياسيين بجانب أعضاء حزبه “مجلس الصحوة الثوري” الموجودين في معتقلات الاستخبارات العسكرية منذ أكثر من عامين، بعد اعتقالهم نتيجة مؤامرة طبخت بين أجهزة أمن النظام البائد والفريق أول محمد حمدان حميدتي قائد الدعم السريع وغريم الشيخ هلال التقليدي، وأثمر الضغط الذي قام به جنرالات سابقون في الجيش السوداني على رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان بضرورة إطلاق سراح الشيخ حسب من أكدوا لـ”القدس العربي” نجاح هذه الجهود ما قاد لـ”نقلهم من معتقل الاستخبارات العسكرية في القيادة العامة للجيش إلى (عمارة-بناية) في حي المنشية تحت حراسة الدعم السريع، وأنهم تسلموا هواتفهم المحمولة وأجروا اتصالات معنا في الأسرة لكنهم بالنسبة لنا هم معتقلون ومسجونون ولن ندخل في تفاوض مع حميدتي وأسرته قبل اكمال شرطنا بإطلاق سراح الشيخ هلال بشكل كامل”.

ويرى كثيرون أن تحرك قائد الدعم السريع الجنرال حميدتي أتى في إطار خشيته من إخراج البرهان للشيخ هلال الأمر الذي سيعقد من وضع حميدتي في إطار صراع النفوذ في إقليم دارفور خاصة والسودان عامة الذي يشهد صراعا على مراكز القوة ما بين البرهان وحميدتي من جهة وبين الأخير وقوى الحرية والتغيير وجماعات الكفاح المسلح على أرض دارفور.

وكانت مصادر كشفت لـ”القدس العربي” عن قيام نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان حميدتي بزيارة الشيخ موسى هلال زعيم المحاميد في مقر إقامته الجبرية بالخرطوم. وجاءت زيارة بعد نقل الأخير إلى أحد الشقق التي تتبع لقوات الدعم السريع بالخرطوم، نتيجة لمخرجات مؤتمر وحدة قبيلة الرزيقات بمدينة زالنجي  بولاية وسط دارفور، والتي استمرت خمسة أيام لبحث امكانية إنهاء وتسوية الخلافات داخل القبيلة بين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المنتمي لفخذ “الماهرية” وزعيم فخذ المحاميد موسى هلال حيث وترأس وكيل نظارة الرزيقات الفاضل سعيد مادبو الاجتماعات التي حضرها عدد من زعماء الأفخاذ الثلاثة للقبيلة التي تعد من كبريات القبائل العربية في دارفور والتي كثيرا ما اتهمت من جهة القبائل الافريقية بانها ساندت الحكومة خلال حرب دارفور وكان حميدتي وهلال رأسي الحربة في هذه الحرب ما قاد لاتهامهم من قبل المنظمات الحقوقية الدولية بانهم قادة ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة في دارفور التي قامت بجرائم الحرب والإبادة الجماعية لكن مع ذلك لم توجه لهم المحكمة الجنائية الدولية أي اتهامات مباشرة.

وتعود جذور الخلاف بين الرجلين عندما بدأت الحكومة بتقريب الفريق أول محمد حمدان حميدتي عام 2012 على حساب قائده وابن عمه الشيخ موسى هلال الذي بدأ يجاهر بمعارضة حكومة الرئيس السابق عمر البشير مطالبا بحقوق سياسية واقتصادية على الخدمات والثقل السكاني لأهل دارفور ثم تفجر الخلاف إثر قيام الحكومة بشرعنة ميليشيات حميدتي تحت اسم قوات الدعم السريع بينما يمم هلال وجهه نحو التحالف مع الحركات المسلحة التي غالبها من القبائل الافريقية عبر تنظيمه الجديد “مجلس الصحوة الثوري” ليقوم حميدتي بهجمة خاطفة على الشيخ هلال في معقل قبيلته في منطقة مستريحة تلبية لرغبة الرئيس البشير، وكان يرى ان اعتقاله للشيخ هلال قائده السابق سيفتح الطريق أمام صعود نجمه لدى النخبة الحاكمة في الخرطوم ما سيقود لفرض سيطرته على إقليم دارفور عامة والقبائل العربية خاصة وهو ما كان وقاد لان يصبح الرجل الثاني في السودان بعد مشاركة قواته في الانحياز للجماهير ليلة سقوط البشير نيسان/ابريل من العام الماضي.

ويرى الصحافي عبدالرؤوف طه أن الخطوات المتسارعة لإطلاق سراح هلال تأتي في إطار التنافس بين البرهان وحميدتي في كسب الأنصار والخصوم وقال “البرهان ربما يريد أن يجعل منه خليفة على أهله وقائداً لدعم السريع حال استمرار التباعد بينه وحميدتي ووقوع ليلة السكاكين الطويلة، بينما يريد حميدتي من هلال أخا له يشد من أزره في معركة مؤجله مع خصم معلوم”. وأضاف “حميدتي في إطار البحث عن حواضن، تحرك سياسياً بالتحالف مع الحرية والتغيير بعد ان فقد حاضنته السياسية السابقة (الإسلاميين) بدأ يفكر في استعادة حاضنته الاجتماعية (قبيلة الزريقات) التي فقد مساندة عمدها وزعمائها ونظرائها بعد اصراره على اعتقال هلال”.

وحسب مصادر مطلعة فإن هلال نقل لمقر يتبع للدعم السريع بالمنشية للتفاوض معه قبل الإفراج عنه، حيث يضع حميدتي عدة اشتراطات مقابل قرار الإفراج وأبرزها حسب المصادر “عدم رغبة هلال في الانتقام لنفسه من حميدتي وجيشه، عدم التحالف مع الإسلاميين بعد خروجه، الابتعاد عن مغانم جبل عامر الغني بالذهب، تسوية ملف مقتل القائد ادم خاطر، أحد أعوان هلال الذي توفي بعد اعتقاله حياً برفقة موسي هلال ثم لفظ أنفاسه بعد وصوله للمعتقل بالخرطوم”.

ويضيف “ربما يخرج هلال في الساعات المقبلة ولكن الجنرال حميدتي لن يكون مطمئن القلب بأي حال من الأحوال لهذا الخروج سيما وان هلال يملك أنصارا ومناصرين داخل الدعم السريع خاصة المحسوبين على حراس الحدود والذين تم دمجهم داخل الدعم السريع في 2017”.

وأتى قرار نقل الشيخ موسى ومساعده هارون مديخير إلى منزل بالمنشية يتبع للدعم السريع للإقامة الجبرية تمهيدا لتنفيذ مقررات مؤتمر زالنجي للمصالحة نتيجة لوساطة قادها عدد من ضباط القوات المسلحة السودانية في الخدمة والمعاش ومعظمهم رافق الشيخ موسي وتعاون معهم أيام أزمة دارفور، وقالت الرسالة التي وجهها هؤلاء الضباط للقائد العام “إن الشيخ موسى أجدر بان يتلقى التكريم ورد الاعتبار نتيجة ما حاق به وباهله وأسرته من معاملة سابقة على يد النظام البائد الذي كان مجردا من كل فضيلة حتى الوفاء”.

يشار إلى ان اللجنة التنسيقية العليا للمحاميد بالسودان دخلت في محادثات مع وفد من الماهرية بعد تواصل تم بينها وبين قائد الدعم السريع في ولاية وسط دارفور العميد على يعقوب المقرب من الجنرال حميدتي وتقدمت قبيلة المحاميد بعدة شروط على رأسها إطلاق سراح هلال وأعوانه من المعتقلين والمحكومين وسحب قوات الدعم السريع من أراضي القبيلة ومن ثم الدخول في قضية دفع الديات لقتلى الطرفين وإعادة الأراضي والممتلكات تمهيدا للتطبيع الكامل وعودة المياه لمجاريها.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد بحر أن إطلاق سراح موسى هلال، قد يُربك المشهد قليلا ولكن لن يُعقده. وبرر ذلك بالقول “في سنوات اعتقاله الثلاث حدثت تحولات كثيرة. منها أن خصمه اللدود محمد حمدان دقلو أصبح داخل قصر الدولة والحكم بعد أن كان في الحديقة الخلفية. وهذا يعني أي مواجهة مع دقلو قد تعني بالضرورة مواجهة مع الدولة. وأن الحركات المسلحة التي كانت ستشكل مساحة للمناورة والتحالفات المستقبلية، هي الآن على بعد خطوات للوصول لتفاهمات مع حكومة الفترة الانتقالية”.

وعن مستقبل هلال حال خروجه يرى بحر “ان الخيارات أمام هلال محدودة، وهي ربما التحالف مع فلول المؤتمر الوطني وهذا خيار مُمِيت وله كُلفة عالية على المستوى المحلي والدولي والإقليمي. والخيار الثاني هو تفعيل ملف انضمامه للحرية والتغيير ومجلس الصحوة الثوري أحد الموقعين على ميثاق الحرية والتغيير”.

في وقت يقول فيه الصحافي ادم مهدي المختص في قضايا دارفور إن حميدتي استجاب لدعوات المصالحة لسببين “انه نجح في إبطال مفعول موسى هلال عسكريا وكل القوات التي كانت تناصره أصبحت ضمن الدعم بما في ذلك حرس الحدود ووجوده في رأس الدولة يجعله قوى أكبر وأبطل مفعول هلال عسكريا” ويرى مهدي أن دافع حميدتي ربما يكون بحثنا عن تقوية الحاضنة السياسية والقبيلة وقال “لو أراد الصعود سياسيا يجب عليه إجراء المصالحة السياسية وتنقية الأجواء داخل قبيلة الرزيقات لتكون الأمور لصالحه حتى ينجح في التمدد خارج دارفور وداخلها بارتياح كبير في ظل تحركاته للتصالح مع الحركات المسلحة في المفاوضات في جوبا”.

ونقى مهدي أن يكون الصلح بين القبائل العربية أو بين حميدتي والحركات المسلحة سيجعل الطريق مفروشا بالورد للحاكمين الجدد وقال “الحركات تقترب من حميدتي لأنهما يتشاركان العمل عسكريا خارج السودان ويريدان استمرار هذه التجارة لكن من ناحية أخرى الصراع يكون شكله مختلفا، فقوى الحرية والتغيير لن تقبل سيطرة الحركات المسلحة، والمواطنون لن يقبلوا أيضا نسبة لانحسار وجود الحركات سياسيا منذ عهد حزب البشير الذي سيستثمر في هذه التناقضات ويغذيها ويشعل الصراع في الإقليم تبعا لذلك”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: