ما الذي أبكى الراحل “شلح” قبل وفاته؟

ما الذي أبكى الراحل “شلح” قبل وفاته؟


كثيرةٌ هي الأشياء، التي قد لا تُعرف عن شخص الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الراحل رمضان عبد الله شلح، لم تُكشف في حياته؛ لكن بعضها كُشف عنه بعد رحيله وهو على فراش مرضه الذي أنهكه منذ قرابة عامين ونصف.

من تلك الأشياء، حساسيته العالية تجاه بعض المواقف والقضايا، وتأثره بها، ومنها حُلمه بالعودة لوطنه “فلسطين”، كذلك رحيل شخصيات فلسطينية، جعلته يبكي في مواطن كثيرة، والأحلام التي لم يتحقق جزءٌ منها؛ كما يكشف رفيق دربه القيادي في حركة الجهاد نافذ عزام، خلال حوارٍ خاص، مع مراسل وكالة “صفا”.

ويقول عزام: “أذكر في منتصف الثمانينات، عندما تحدثُ هاتفيًا مع الراحل، بعد خروجي من السجن، أنه بكى خلال المكالمة الهاتفية، لشدّة شوقه لرؤيتي والانقطاع عني لسنوات، كما بكى لشدّة شوقه لفلسطين، خاصة كلما تحدثت أنا أو غيري عن موعد عودته لها؛ كما عاش ورحل وحُلمه العودة لها، بالتحديد لغزة”.

يضيف: “كان الراحل خطيبًا مفوهًا، وشاعرًا وأديبًا لا يتمالك نفسه ومشاعره في كثير من المواقف، طيلة محطات المعاناة والملاحقة والحصار الإسرائيلي والاعتقال… استطعت لقاءه مرةً أخرى بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، في دمشق، كان حينها قد مضى قرابة 20 سنةً على غياب اللقاء”.

ويتابع عزام: “الراحل كان يتأثر كثيرًا ويبكي عند اغتيال لشخصيات فلسطينية مؤثرة في الشارع الفلسطيني، أذكر منها: مؤسس حركة الجهاد فتحي الشقاقي، ومؤسس حركة حماس أحمد ياسين، والرئيس الراحل ياسر عرفات، رغم الخلافات معه في كثير من القضايا، وأشاد بموقف للأخير عندما رفض الرضوخ للضغوط الأمريكية في “كامب ديفيد” الثانية، والتوقيع على أي أوراق تمس القدس وجوهر قضيتنا”.

ويشير إلى أنه كان يتمنى أن تكون الإنجازات أكبر بكثير، رغم الروح التي تحرك بها شعبنا، وكانت أقصى أمانيه أن يأتي لفلسطين والمسجد الأقصى ومسقط رأسه وغزة، وكان ذلك يمثل حُلمًا له هو وكثير من القادة في الخارج، لكن خلل التوازنات والوضع الصعب التي تمر بها الأمة حالت دون تحقيق ذلك.

ولفت إلى أن الراحل يغضبُ كثيرًا عند أي عدوان تشنه “إسرائيل” على غزة، أو في الضفة والقدس المحتلتين، ويتعامل بحكمة عالية مع الأحداث؛ لغيرته على حقوق شعبنا، ويضجر كثيرًا من تقصير كثير من الدول العربية تجاه فلسطين، في مقابل الدعم الأمريكي اللامحدود تجاه الكيان؛ كما سعى بقوة لرفع الظلم عن شعبنا وإعادة حقوقه، ووهب حياته من أجل هذه الأهداف.

وبين عزام أنه وقف على رأس حركته، ووفر الإمكانيات المطلوبة لها، كونها تخوض بجانب حركات المقاومة صراعًا مع قوة احتلال مدعومة؛ وبذل جهودًا كبيرةً لتعزيز قدرة الجهاد والشعب الفلسطيني، لتحسين الظروف ورفع المعاناة عن شعبنا في مواجهة الاحتلال.

وأوضح أنهم لم يستطيعوا التواصل معه طيلة فترة مرضه، الذي استمر عامين ونصف تقريبًا، ودخل غيبوبة لفترات؛ مضيفًا أن الوضع السياسي أخذ حيزًا كبيرًا من عمله، في ظل أحداث متسارعة ومتلاحقة.

وشدد على أن أكثر ما جعل الراحل محبوبًا وطنيًا، هو عمله بقوة لتكريس مفاهيم الوحدة وتقوية الجبهة الداخلية وتشكيل اصطفاف واسع لمواجهة “إسرائيل” وعدوانها؛ فصار على خطى وسياسة الشقاقي، والكل يشهد له أنه كان صوتًا للوحدة، وعمل لردم الهوة الموجودة بين التيارات المختلفة في الساحة الفلسطينية، خاصة في السنوات التي سبقت مرضه، بذل جهودًا للخروج من حالة الانقسام، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه، وترك ذلك أثرًا عن كل الجماعات والفصائل والتيارات؛ فضلاً عن أن سياسته حازت على رضى وقبول داخليًا وخارجيًا.

دراسته وتوليه منصبه

وعن علاقته وكيف تعرف على الراحل، يقول: “علاقتي ممتدة معه لأكثر من 40 عامًا بالتحديد عام 1979، عندما تعرفت عليه في جامعة الزقازيق وهو يدرس التجارة، بعد عامٍ من لقائي بالشقاقي، الذي درست معه الطب؛ حينها جذبنا بقوة ما كان يطرحه المؤسس حول الإسلام وفلسطين والجهاد، والدور الذي لا بد أن يقوم به كل فلسطيني وعربي، وحول دور الحركة الإسلامية المعاصرة، تجاه قضية فلسطين، لخطورتها وأهميتها.

ويواصل عزام حديثه: “لم يكن حينها حضور كبير للإسلاميين، التف حول المؤسس كوكبة من الطلبة في الجامعات المصرية، وبدأ مشروع حركة الجهاد، “شلح” كان واحدًا منهم، الذي تميز بالذكاء والحنكة”.

ويضيف “بعد تخرج الراحل من الجامعة عمل مدرسًا في كلية التجارة في الجامعة الإسلامية بغزة لخمس سنوات، وغادر لبريطانيا عام 1986 لإكمال دراساته العليا، ونال الدكتوراه هناك، وتوجه لأمريكا وعمل لسنوات، وكان لديه عزم للعودة لغزة، لكن في طريق عودته ذهب لدمشق لرؤية الشقاقي، لإنهاء إجراءات دخوله لبلده، واستشهد الأخير حينها في أكتوبر1995، فألغى عودته.

ويختتم عزام: “بعد استشهاد الشقاقي كان من الضروري اختيار أمين عام، والعرف التنظيمي يقضي عندنا باختيار شخص من الخارج، يتحرك بسهولة أكثر من المتواجدين في الداخل، بفعل الاحتلال والحصار؛ لم يكن صعبًا اختيار (شلح)، كونه من الجيل الأول المؤسس، ويشهد له الجميع(..)”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: