ما مبررات إثيوبيا لرفض تدويل أزمة ملف سد النهضة؟

ما مبررات إثيوبيا لرفض تدويل أزمة ملف سد النهضة؟

سد النهضة

بينما تدفع الخرطوم والقاهرة باتجاه تدويل أزمة سد النهضة وإدخال أطراف دولية في التفاوض، تصر أديس أبابا على الطابع الثلاثي للأزمة والبقاء تحت مظلة أفريقية.

ومع اقتراب إثيوبيا من الملء الثاني لسد النهضة -المقرر في يوليو/تموز القادم- اقترحت السودان تكوين وساطة رباعية مكونة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم.

المقترح ذاته أيدته مصر وطالبت بضرورة تطوير آلية المفاوضات تحت رعاية وإشراف رئيس دولة الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي باعتباره رئيسا للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.

وكانت إثيوبيا -على لسان المتحدث باسم خارجيتها دينا مفتي- قد أعلنت رفضها لأي وساطة خارج إطار اتفاقية إعلان المبادئ (الموقعة بين الدول الثلاث) ورعاية الاتحاد الأفريقي.

وفي وقت سابق، قال دينا مفتي في مؤتمر صحفي إن أي طرح خارج اتفاقية “إعلان المبادئ” لن يكون مقبولا.

وقد أجمع مراقبون إثيوبيون على أن رفض أديس أبابا للوساطة الرباعية كان أمرا متوقعا، انطلاقا من كونها تمسكت برفض التدويل في كل مراحل المفاوضات التي دخلت عقدها الثاني.

تقدير الجهد الأفريقي

يوضح المحلل السياسي أندو ألم سيساي أن الرفض الإثيوبي يأتي من باب احترام وتقدير جهود الاتحاد الأفريقي، مشيرا -في حديث للجزيرة نت- إلى أن الدعوة إلى مبادرات أخرى -في ظل وجود رعاية أفريقية جارية فعلا ولم يعلن حكمها صفارة النهاية- هي تقليل من شأن الاتحاد الأفريقي ومن جهوده في السعي إلى حل عادل لأزمة سد النهضة.

وأشار سيساي إلى أن مبدأ الوساطات الدولية يتنافى مع اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين الدول الثلاث عام 2015، والتي تنص مادتها العاشرة صراحة على أن تسوية المنازعات تتم بالتوافق بين الأطراف، وفي حال إخفاقهم يمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق أو الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول والحكومات.

تجاهل التعقيدات

أما الباحث عمر أحمد، فأوضح أن الوسطاء الدوليين يجنحون عادة إلى تجاهل التعقيدات وحقيقة الموقف الأخلاقي، فضلا عن وجود ثغرات في الصيغة النمطية لمقاربات الحلول التي يقدمونها.

وقال إن الوسطاء الدوليين عادة يبدؤون بالدعوة إلى إيقاف أي نشاط من شأنه تعقيد الأزمة، وهو ما يعني إيقاف بناء سد النهضة والتعبئة، ثم الانخراط في مفاوضات تنتهي بتقديم التنازلات.

وأضاف أن هذا السيناريو إجراء مألوف للوساطات أينما وجدت، مبيّنا أن هذا قد يكون حلا في حال افتراض تكافؤ الحقوق، “إلا أن إثيوبيا لا تمتلك أصلا أي حقوق في مواردها المائية، فضلا عن وجود أطراف انتهازية تدرك جيدا قابلية هذه الوساطات للتلاعب والاستغلال، والوساطة الأميركية تجربة واضحة”.

وخلص أحمد إلى أن إثيوبيا واعية لما تتضمنه هذه الوساطات من عواقب، وتعتبر الانخراط فيها خطأ من الناحية المبدئية ولا تقتضيه الحكمة.

اتفاق الخرطوم والقاهرة

 وحول الاتفاق بين القاهرة والخرطوم وقدرته على تشكيل ضغط على أديس أبابا، استبعد أندو ألم سيساي هذه الفرضية، مبينا أن الموقف الإثيوبي يستمد قوته من رعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات والتزامه بالمضي قدما في هذا المسار حتى النهاية.

 وقلل سيساي من قيمة الحديث عن احتمال تغير موقف الاتحاد الأفريقي بفعل قرب رئيس الدورة الحالية ورئيس الكونغو الديمقراطية من مصر.

وأشار إلى أن الاتحاد الأفريقي مؤسسة إقليمية ولا تتأثر مواقفها بذهاب وقدوم أشخاص، كما أن رعاية المفاوضات يديرها مكتب هيئة الاتحاد الأفريقي وهو مكون من 5 رؤساء دول أفريقية.

 وقال الباحث عمر أحمد إن إثيوبيا تستمد موقفها من المواثيق الدولية والأفريقية التي تضمن حقها في التنمية واستخدام مواردها المائية، وفق تعبيره.

وأضاف أحمد أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مارس ضغطا كبيرا على إثيوبيا وقطع عنها المساعدات وحرض على قصف سد النهضة، إلا أن إثيوبيا ظلت متمسكة بموقفها ولم تتزحزح.

وختم بالقول “إذا كانت إثيوبيا استطاعت تحمل ضغط أكبر دولة، فمن باب أولى أن تتحمل ضغط ما دونها”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: