الدكتور نضال حسين
د. نضال حسين
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

ما وراء الرقم

الدكتور نضال حسين
د. نضال حسين
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

تكتسب الارقام وتوثيقها اهمية كبرى لمراكمة الخبرة الانسانية والبناء عليها في مختلف المجالات.

وفي الازمة الحالية التي تعصف بالعالم اجمع و يبدو انها في طريقها لاعادة تشكيل العالم وقد تعيد توزيع خارطة القوى والتوازنات الدولية لتنتج لنا عالما مختلفا عما عهدناه من قبل ويبدو ان الموسم هو موسم الهجرة شرقا.

وفي غمرة الانشغال باحصاء ارقام ضحايا هذه الجائحة ينشغل بعض المختصين بالبحث فيما وراء الرقم على طريقة المحطات الاخبارية التي لا تكتفي ببث الخبر لكنها تبحث فيما وراء الخبر.

فماذا تخبرنا ارقام الوفيات والاصابات والمتعافين؟ ان اول ما يمكن استخلاصه من الارقام المعلنة هو كفاءة المنظومة الصحية في عمليات الكشف وسرعة استجابتها. وهنا تكتسب قدرة الكشف عن الاصابات اهمية كبرى في تحديد حدة الانتشار و نمطه. وفي حالات قلة ارقام الاصابات المكتشفة تثير هذه الارقام مخاوف اكثر مما تنشر راحة عند المختصين. فالارقام المعلنة هي ارقام الاصابات التي تمكنا من اكتشافها لكنها لا تعني بحال من الاحوال رصد جميع الحالات.

وهذا مبعث قلق من وجود حالات اصابة لم يتم رصدها او “لقطها” كما قال النطاسي البارع د. سعد جابر وتتجول بحرية مع فرصة نشر العدوى وهو ما دفع الجنرال جابر للتحذير من التفاؤل او الاطمنان الزائف. غالبية الدول التي لم تعلن عن اكتشاف اعداد اصابات تتناسب مع اعداد ساكنيها هي دول عانت من ديكتاتويات ممعنة بالفساد لعقود وتتذيل قائمة دول العالم فيما يتعلق بمؤشرات التنمية. وهي انظمة لا يمكن الوثوق بارقامها المعلنة ولست هنا في وارد ذكرها وتعدادها والقارىء الكريم له من الفراسة ما يساعده على معرفتها وهو ليس موضوعنا على اية حال.

وفي بعض الحالات التناقص في عدد الاصابات المرصودة قد يحمل اشارة الى بداية تسرب الوهن والضعف الى المنظومة الصحية فباتت عاجزة عن القيام بما ينبغي لحصر وباء شرس كالذي نعيش حاليا. قد تبدو الحالة الايطالية مثالاعلى ذلك. واكثر ما يقلق المختصين الان ان يكون الانخفاض في اعداد المصابين انما مرده عجز الفرق الطبية عن الوصول لكافة الحالات المحتملة وكشفها قبل تفاقم هذه الحالات.

يعزز هذا القلق ارتفاع اعداد الوفيات نسبة الى الحالات المكتشفة وهذا سببه اما الكشف المتاخر للاصابات بعد ظهور الاعراض وتفاقم الاصابة اضف الى ذلك عدم امكانية تقديم الرعاية الصحية اللازمة لجميع المصابين لوصول الاصابات لاعداد كبيرة تجاوزت امكانيات الاستيعاب في المنشآت الصحية. هذا الوصول الى القدرة الاستيعابية للمنظومة الصحية دفع العاملين في القطاع الصحي الى مرحلة اتخاذ قرارات وصفوها بالمؤلمة في اختيار من يتلقى الرعاية الصحية اللازمة ومن لا يتلقاها.

استقرار اعداد الاصابات المرصودة عند مستويات ثابتة عالية مثل الحالة الايطالية والايرانية قد يحمل دلالة ايجابية بالوصول لمرحلة الذروة. لكنه في الجانب الاخر الوصول للحد الاقصى من قدرة الدول على الكشف دون الوصول لكافة الاصابات الموجودة. من المخاطر الاخرى ان يكون التركيز في البحث في مكان معين مع (اهمال) باقي المناطق.

في الحالة الاردنية يبدو اننا نتجه لتشكيل حالة خاصة؛ تشير الارقام المسجلة في الايام الماضية اننا عبرنا اسوأ كوابيس المرحلة الماضية من تجمعات مؤسفة خلال يومي الجمعة والثلاثاء. اقول يبدو الى الان اننا تجاوزناها باقل الاخطار.

واسهمت سرعة استجابة الاجهزة الرسمية وعدم ترددها في اتخاذ واحدة من اكثر الاجراءات تشددا وبوقت مبكر ساهم في محاصرة الوباء والحيلولة دون انتشاره السريع. نستطيع القول باننا نجحنا في ابطاء انتشار الفيروس ونقترب رويدا رويدا من العودة للسيناريو المتفائل.

الخطر الاكبر الذي نواجهه الان هو ما حذر منه الجنرال المحبوب معالي د. جابر الا وهو الاطمئنان الزائف والراحة الموهومة. كثير من المعارك تخسرها الشعوب في الجولة الاخيرة بسبب اعلان النصر المبكر وقبل الاوان.

ونحن دون شك في معركة مع عدو له القدرة على التخفي لاربعة عشر يوما كاملة فاي تراخي او لحظة غفلة لا سمح الله قد تعصف بجميع ما تم بناءه منذ بداية الازمة. وفي هذا السياق يجب قراءة التصاعد النوعي والكمي في الاجراءات الحكومية دون الالتفات للاشارات الايجابية التي تبعثها الارقام الاخيرة. سيأتي يوم النصر على هذا الوباء بهمة والتزام كل الاردنين مسؤولين ومواطنين. لكن حتى يحين هذا الوقت يجب ان توجه كل الجهود نحو الاستمرار دون تراخي في الايام المقبلة وهي الاكثر حسما. حفظ الله الاردن ارضا و شعبا بقيادة حكيمة عز نظيرها.  

* أستاذ مساعد في هندسة البيئة وإدارة المخاطر البيئية – جامعة البترا

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts