لا يتوقف كثيرون عند ما يعتبرونه “تعبيراً لغوياً بسيطاً لا يقدم ولا يؤخر”، لكن بعض التعديلات وإن كانت بحرف واحد تنتج آثارا عميقة جدا.
ولذلك كانت صياغة القوانين والاتفاقيات والعقود من أدق المهام، وربما كلمة تقحم على القانون أو الاتفاقية أو العقد، أو تتسلل إليه، تكون كفيلة بإحداث أثر عميق جدا، أو سببا في ضياع حقوق من يستحقون، أو إضافة حقوق لمن لا يستحقون.
المثال الصارخ على ما تقدم هو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي أسقطت نسخته الانجليزية “ال” التعريف من كلمة الأراضي، حيث طالب القرار الكيان الصهيوني بالانسحاب من أراض احتلها في حرب 1967، ما يعني أنه لو انسحب من كيلومتر واحد فإنه يكون قد نفذ القرار!
المثال الآخر هو قانون انتخابات عام 1993 أو ما اصطلح عليه بقانون الصوت الواحد، فقد أدى تعديل كلمة واحدة على قانون الانتخاب الذي جرت عليه انتخابات عام 1989 التي وصفت بأنها الأكثر نزاهة وشفافية، إلى قانون انتخاب أدى لتجريف الحياة السياسية والحزبية في الأردن، كما أدى إلى تداعيات اجتماعية غير مرغوبة. والمطلع على نص القانونين فإنه سيجد تشابها بنسبة 99 بالمئة سوى تلك المادة التي تتحدث عن اختيار الناخب، فبدل أن كان يحق له التصويت لكل المقاعد بدائرته، أصبح يحق له صوت واحد فقط.
الكوبيون صوتوا أمس على تغيير قانون جديد للأسرة يبيح زواج الذكور من الذكور أو الإناث من الإناث، أو ما يسمى زواج “المثليين”، لكن تلك اللفظة لم تكن في نص القانون، ولكن القانون عرف الزواج على أنه “ارتباط بين شخصين” وليس بين رجل وامرأة؛ ما يعني أنه يحق للذكر الزواج من ذكر ويحق للأنثى الزواج من أنثى!!
يجب أن لا نستهين بالتعديلات اللغوية “العابرة” فالتغييرات العميقة لا تحتاج إلى كلمات كثيرة، أليس كذلك؟!
(السبيل)