محادين لـ “البوصلة”: “السخرية المتنامية” الاسم الحركي الجديد للأردنيين

محادين لـ “البوصلة”: “السخرية المتنامية” الاسم الحركي الجديد للأردنيين

عمان – البوصلة

شهدت الآونة الأخيرة سخرية متنامية في الفضاء الأردنيّ العامّ خاصة في القضايا المتعلقة بالشأن العام صحيًا كان أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو تعليميًا، فكل قرارات الحكومة وتصريحات مسؤوليها وحتى جلسات مجلس النواب أصبحت في مرمى “نكتة الأردنيين” وسخريتهم “المتصاعدة الواخزة” بشكلٍ ملحوظ وصل عنانها سقف “الفضاء والمركبات الفضائية”.

يرصد الخبير وأستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين في تصريحاته إلى “البوصلة” تفاصيل دقيقة في تاريخ “الكشرة” والتجهم التي كانت ملازمة للأردنيين وكيف تحولت لـ “سخرية متنامية” كاسم حركيٍ جديدٍ يحتلّ الفضاء العامّ ويكتسح مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول الدكتور حسين محادين: “تاريخيا، لا يمكن الفصل بين الشخصية الاردنية وتأثير البيئة الصحراوية الحاضنة لنا افرادا ومؤسسات، ونوعية التنشئة الحادة التي تشربناها بصورة متبادلة بينهما، وبالتالي هذه التنشئة المناوئة للفرح والمنحازة للتشاؤم والتشكك في كل ما هو شأن عام غالبا،هي المُشكلة لشخصياتنا متبادلة أثراً وتأثير بينهما حتى غدت اسما حركيا جديدا ومميزا لنا ضمن ثقافاتنا الفرعية الاربع بالمعنى الدستوري وهي؛ البادية والريف،المدينة والمخيم”.

ويرى محادين “أن قيم البداوة الكامنة في دواخلنا كأردنيين من الجنسين رغم المظاهر الهشة للمدنية لظاهرة، هي التي اكسبتنا خصائص الجدية والمغالبة، والابتعاد عن المجاهرة في الضحك والسخرية، خصوصا واننا جزء من اقليم صراعي ملتهب وصارم الوقائع، لا مجال فيه للتراخي  وبطر الضحك او حتى السخرية، وبالتالي اعتبر الاردنيون ان الضحك مثلا من قِلة الهيبة”.

مهارات التنكيت والبنية الثقافية

 ويستدرك الخبير في علم الاجتماع بالقول: يمكن القول إن عمليات ومهارات التنكيت والسخرية لم تكن جزءا من بنيتنا الثقافية والسلوكية عبر الاجيال قبل أن تسود في أحاديثنا بشكل صارخ وواخز لشجرة حواسنا كمواطنين، فالاصل في خصيصتنا هو التجهم او حتى التطير من كل جديد، وفقا لتشخيص الأديب احمد ابو خليل “قهوتنا مرة، وبحرنا ميت، وميناؤنا عقبة، وطبختنا المفضلة مقلوبة”، لذا من أين يأتينا الضحك او السخرية تاريخيا.

“كباحث متخصص ومن خلال الملاحظة بالمشاركة أقول: لقد بدأت الشخصية الأردنية بوجدانها الجمعي، ونتيجة لضمور الثقة المتدنية أصلا في القرارات المراوغة للحكومات وخطابات رؤسائها الموثقة (صورة وصوتًا وتواريخ) عبر أدوات التكنولوجيا وترابطا مع الارتفاع المتزايد للفقر والبِطالة والضرائب وفجوات التنمية بين محافظات الوطن، والإحساس الطاغي  باتساع عناوين الفساد بأشكاله المتسترة او الظاهرة، فقد بدأت في استدخال هذا النمط التعبيري البليغ كرد سلمي وموجع على ما أصبح يعانية الأردنيون من ضغوطات حياتية متنامية نتيجة لسياسات الحكومات المضطربة ومباركة مجالس النواب المتعاقبة لسياساتها”.

السخرية ومولدات الضحك

ويضيف عالم الاجتماع محادين في حديثه لـ “البوصلة”: لقد ظهرت السخرية في يومياتنا  كأحد مولدات الضحك والتهكم على قرارات الحكومات الأمر الذي يمثل هروباً جمعيا  من مواجهة قرارات الحكومة، وهذه حيل تعبيرية سلوكية من شأنها تفريغ شحنات الغضب،والحزن، او التهميش والاستبعاد الاجتماعي للمواطنيين ومؤسساتهم التمثيلية المنتخة موقعيا.

ويوضح أن تصاعد منسوب السخرية والتنكيت التي ترافق او تلحق قرارات الحكومة ومجلس النواب، انما هي واحدة من أكثر اساليب السخرية الشعبية العدائية او الدفاعية السلمية الاردنية عن مستحقات العيش الكريم  للاردنيين.

ويشدد على أن “السخرية إحدى أكثر الاساليب الشعبية المتدحرجة على الأبصار والأسماع والتداول عبر وسائل التواصل المختلفة التي يعبر من خلالها الأردنيون هذه الايام عن اتجاهاتهم وآرائهم المعارضة لسياسات وقرارات الحكومات الضاغطة على اقتصاد وحواس المواطنيين التي ساهمت ضمنا في زيادة منسوب السخرية والاستخفاف اللفظي بمثل هذه القرارات السوداوية والغموض المعرفي بنظرهم ، سواء على صعيد الاحداث الوطنية  ومواقفها هي واعضاء مجلس الامة بشقيه،او على الصعيد الاقليمي والعالمي الضاغط علينا كدولة.

سوط الموجوع الاقتصادي والسياسي

ويقول محادين: أخيرا، سيبقى الاردنيون ساخرين بحيلهم التعبيرية الواخزة من القرارات الحكومية الاقتصادية ومن ضعف آليات التسويق الاعلامي الرسمي لها، اذا لم تعمل الحكومة على اعادة توزيع مكتسبات التنمية، وإظهار سعيها الجاد نحو نوع من العدالة بين الجنسين في التعيين والرواتب بين الموظفين في القطاع العام والمؤسسات المستقلة، والضرائب التصاعدية، وبصورة تشاركية جادة ومقنعة حقا.

ويختم بالقول: “علميا أرى، أن السخرية هي سوط الموجوع الاقتصادي والسياسي لفظيا نحو رفض سطوة من يخطط ويصنع القارات وينفذها على مختلف شرائح المجتمع…فهل نحن جادون”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: