محلل إستراتيجي يحذر: شراء مياه من الاحتلال سابقة خطيرة بالعلاقات الدولية

محلل إستراتيجي يحذر: شراء مياه من الاحتلال سابقة خطيرة بالعلاقات الدولية

عمّان – خاص – البوصلة

حذر المحلل الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحات لـ “البوصلة” من خطورة إقدام الحكومة على توقيع اتفاقية لشراء المياه من العدو الصهيوني، مؤكدًا أن هذا يسجل كسابقة خطيرة في العلاقات الدولية سيكون لها ما بعدها من ارتهان دول بأكملها لابتزاز “دول المنبع” للحصول على المياه.

وقال الحوارات إن “فكرة شراء المياه من أخطر الأفكار التي سترسم مستقبل المنطقة، موضحًا أنها ستضع القاعدة الدولية لشراء المياه بين دولة ودولة، وهذا في المستقبل لن يكون له تأثير على الأردن فقط بل على كل الدول العربية، وستصبح دول الجوار التي فيها منابع المياه والأنهار، تبيع المياه للدول العربية التي تأتي مياهها من الخارج”.

وأضاف، “بالتالي الحكومة الأردنية تقوم بسابقة في العلاقات الدولية قد لا ينعكس أثرها على الأردن فقط، بل على المنطقة العربية ككل، وبالتالي نصبح أسرى لدول المنابع وهذا شيء خطير جدّا”.

هل حلت الحكومة الأردنية مشاكلنا الكبرى مع العدو الصهيوني؟

وقال الحوارات إن الاتفاق الذي تم توقيعه يثير مجموعة من التساؤلات المتعلقة بمسيرة العلاقة مع كيان الاحتلال، ومصير سلوكه في الضفة الغربية وقطاع غزة وما وصل إليه من تهويد للقدس وضغط على الوصاية الهاشمية.

وأشار إلى أنه “يفترض أن الأردن كدولة تعاقب كيان الاحتلال على إجراءاته التصعيدية لأنّ أغلب سلوكه داخل الضفة الغربية سيمس الأردن بالجوهر وتضييق الخناق على إنشاء دولة فلسطينية، وقضية تهجير الفلسطينيين، وحتى فيما يتعلق باستمرار الوصاية الهاشمية على القدس”.

“إذن يجب على الحكومة أن تجيبنا هل تغير شيء من هذه القضايا الكبرى”، على حد تعبير الحوارات.

وشدد على أن “الذهاب للتوقيع مع كيان الاحتلال على مشاريع كبيرة وإستراتيجية، وكأنّي بالحكومة تقول أنها حلت هذه الأمور مع الاحتلال، وبالتالي الآن بدأنا نقيم علاقات إستراتيجية وطبيعية”.

د. منذر الحوارات: الاحتلال حدد موقفه بشكل معادٍ للأردن خلال السنوات الماضية وعلى هذا الأساس يجب أن نتعامل معه

وأضاف أن “هذا الأمر يدعو الأردنيين لمطالبة الحكومة بكشف ماهية ما حصل أو أن الحكومة تواطأت على إجراءات الاحتلال ووافقت عليها ولم يعد لديها النية ولا الرغبة في محاسبته والتوقف عند هذه الإجراءات التي تضيق على الفلسطينيين وعلى الأردن، ورضيت بالأمر الواقع وأن كل الكلام الذي سمعناه سابقًا لا يعدو كونه ترهات لا تتجاوز مجرد الكلام واللحظة التي قيلت فيه”.

وقال الحوارات: كدولة ترفض إجراءات العدوّ بل ترفض إجراءات دولة أخرى في قضايا إستراتيجية (لأكون براغماتيا أكثر) يفترض اتخاذ إجراءات اقتصادية لمعاقبتها أو الوقوف في وجهها.

واستدرك: “لكن ما يحصل الآن هو تعزيز للعلاقات، لن أذهب للقول حول جدوى المشروع ولا علاقة لنا هنا بالاقتصاد”.

ونوه إلى أنه “في النهاية كل دولة لها منظومة إستراتيجية من السياسات تحدد من تتعامل معه اقتصاديًا ومن لا تتعامل معه”، مضيفًا: “يفترض أنه خلال السنوات الماضية حددت إسرائيل موقفها بشكل معادٍ تماما للأردن، بشكل يمس الأردن ويمس مستقبله وحتى بقاءه، والعودة لهذا السلوك يعني أن شيئًا ما تغيّر، وعلى الحكومة أن تجيب”.

لماذا لم تعرض على مجلس النواب؟

ومن جانبٍ آخر، لفت الحوارات إلى أن “هذه اتفاقية دولية تعقد ووقع عليها وزراء وليست اتفاقية بين شركات صغرى، بل هي اتفاقية عابرة للشركات باتجاه الحكومات وربما تتجاوزها إلى مشروع إقليمي كبير يرسم للمنطقة ويراد له أن يسير وأن تتزعمه دولة الاحتلال وتديره وترسم فيه ومن خلاله مستقبل الدول وربما مستقبل المنطقة ككل”.

وأشار إلى أن “هذا الاتفاق وقعته الحكومة بدون أي عرض على الأقل ولو صوريا على مجلس النواب، الحكومة وقعت لنفسها وأعطت لنفسها الحق بأن ترهن مستقبل الأردن كله للاحتلال”.

ولفت إلى أن “هذه الاتفاقية لا تتعلق بهذه الحكومة أو أي حكومة أخرى بل تتعلق بمستقبل الأردن، والماء كاستراتيجية”.

وشدد الحوارات على أنه “عندما توقع اتفاقيات بين دول يجب أن تعرض على مجلس الأمة ويتم الموافقة عليها، وإصدارها بشكل قانوني مشرعن”.

واستدرك: “أما هذا التوقيع باعتقادي هو مخالف للدستور، ومخالف لحق المواطن الأردني، وما تحدثوا من أنه إعلان نوايا لا ينطلي على الأردنيين”.

وأكد أن “المفاوضات كانت منذ أشهر حول هذا الموضوع، وإذا كانت الحكومة صرحت مجرد إعلان نوايا فهم يكذبون على الناس، لأن الإعلام العالمي تحدث عن توقيع اتفاقية، والصحف الإسرائيلية تحدثت على أنه توقيع اتفاقية، والجميع تحدث عن مشروع ناجز للتنفيذ، وليس مشروعًا للنقاش ودراسة الجدوى”.

وأوضح الحوارات أن “الجدوى مدروسة، وآلية التنفيذ مدروسة، والشركات التي ستنفذ مدروسة، وبالتالي هذا الكلام لن ينطلي على أحد وفكرة أن الحكومة تعيش في جزيرة معزولة وأن الناس مجرد جزر محيطة بها، لا هذا يجب أن يتوقف”.

وتابع حديثه بالقول: “وقعوا اتفاقية الغاز وكان هناك غبن كبير بحق الأردن، وقعوا اتفاقية أو كادوا يوقعوا اتفافية الكازينو وكان هناك غبن كبير على الأردن، ووقعوا اتفاقية أو كادوا يوقعوا اتفاقية جر مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت، وللأسف الشديد إسرائيل قطعت بهم ولم تنفذ”.

“وقعوا كل المشاريع بارادة الحكومة لنفسها وانعكست في النهاية ضد مصلحة الشعب الأردني”، على حد تعبير الحوارات.

ونوه إلى أنه في اتفاقية السلام كان هنالك نص يتحدث عن المياه للأردن، واليوم نريد أن نشتري المياه من “إسرائيل”.

واستدرك بالقول: على الرغم من أهمية أي مشروع لكن كان ينبغي ربطه بخطوات سياسية على أرض الواقع وتحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية وأن لا نجعل إسرائيل دولة طبيعية في المنطقة.

وشدد الخبير الإستراتيجي على أن “القضية الفلسطينية بالنسبة لنا مختلفة عن أي بلد آخر، وهي قضية أردنية بحتة، وبالتالي مقارنة العلاقة بين الأردن والقضية الفلسطينية مع أي دولة أخرى هي مقارنة فاشلة”.

وأكد على ضرورة أن تبقى علاقة الأردن بـ”إسرائيل” قائمة على أساس أنه كيان محتل يمارس سياساته التعسفية الظالمة ضد الفلسطينيين والمقدسات، وبالتالي كيف نقيم معهم علاقات وصداقة واتفاقيات غاز ونفط ومياه وغيره.

وختم حديثه إلى “البوصلة” بالتأكيد على أنه “يجب أن تعرض الاتفاقية على مجلس النواب وعليه أن يرفضها وبالتالي تعود الحكومة لولاية الشعب على الاتفاقيات الدولية”.

توقيع إعلان نوايا مع الاحتلال

ووقع الأردن في معرض إكسبو 2020 دبي أمس الاثنين، إعلان نوايا عام دولة الاحتلال برعاية إماراتية أمريكية، للدخول في عملية تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه.

وكان مساعد أمين عام وزارة المياه والري، الناطق الإعلامي باسم الوزارة عمر سلامة أوضح أن إعلان النوايا الموقع اليوم، يعني الدخول في عملية دراسات جدوى العام المقبل 2022، من الممكن أن يحصل الأردن من خلالها على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، مبينا أن توقيع الإعلان ليس اتفاقا فنيا او قانونيا، وأن المشروع لن ينفذ دون حصول الأردن على هذه الكمية من المياه سنويا.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: