مستشارة تربوية ترصد الآثار السلبية لتعليم أكثر من لغتين في المدارس

مستشارة تربوية ترصد الآثار السلبية لتعليم أكثر من لغتين في المدارس

عمّان – البوصلة

دعت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” إلى عدم تشتيت الأطفال في سنٍ مبكرة بتعلم أكثر من لغتين، الأمر الذي من شأنه أن يؤتي نتائج عكسية في ضعف تعلم اللغة الأمّ وعدم التمكن منها، موجهةً في الوقت ذاته رسالة للمدارس والأهالي بأن نرفق بأطفالنا ولا نعمل على تحميلهم أعباءً لا يُطيقونها، ناهيك عن إختزال مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية، الأمرُ الذي ستكون له آثارٌ سلبية على هويّة وتربية الجيل الحالي والقادم.

وقالت عربيات: انتشرت في السنوات الماضية فكرة تعليم لغات متعددة للأطفال في سنّ مبكرة، وما زالت تتصدر المدارس الخاصة إعلانات على المواقع الرسمية لها، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، هذه الإعلانات تتعلق بتعليم أكثر من لغة أجنبية للأطفال تبدأ من مرحلة الروضة، فترى إعلانات تشير إلى تعليم اللغة الفرنسية والإسبانية، حتى اللغة الصينية إضافةً للغة الإنجليزية، دون أدنى إهتمام باللغة العربية.

وتابعت بالقول: من هنا بدأت حكاية تشتيت الطلبة بتعلُّم أكثر من لغتين بحجة التحضُّر،  ولكن ومن خلال مشاهدات كثيرة، كان ذلك على حساب تعليم الطلبة لغتهم الأمّ وهي اللغة العربية، إضافة إلى ضعف واضح لدى العديد من الطلبة في إتقان اللغة الإنجليزية، الأمر الذي دفع ببعض أولياء الأمور اللجوء إلى برامج تقوية لأبنائهم في اللغة الإنجليزية، علماً بأن أبناءهم يدرسون أنظمة البرامج الأجنبية.

مقارنة بدول أخرى

ولفت عربيات إلى أننّا “لو عقدنا مقارنة بيننا وبين بعض الدول الأجنبية، لوجدنا إهتمامهم بتعليم لغتهم الأمّ إضافة للغة الإنجليزية كونُها لغة عالمية، حتى إن دول الشرق الأقصى ومنها الصين على سبيل المثال يعملون على تدريس اللغة الأصلية دون تشتيت أطفالهم بلغات أخرى، إضافة إلى أن القنوات الفضائية لديهم تتحدث اللغة الصينية فقط، ولا يمكننا سماع اللغة الإنجليزية إلا في بعض مواضيع الأخبار وهذا الكلام وِفق شهود عيان مقيمين هناك”.

المستشارة بشرى عربيات: يجب أن لا نستهين بما وصلَ إليه آباؤنا وأن نرفق بأطفالنا ولا نحملهم أعباءً لا يُطيقونها

وأضافت أنّ “الأمر كذلك في تركيا، من الصعب أن تجد من يتحدث الإنجليزية حتى في المحلات التجارية، إذاً الموضوع عبارة عن فكرة نثق بها أو لا نثق، وهي أهمية تعليم اللغة الأمّ منذ الصغر لأن اللغة جزءاً مهماً من هويّة وشخصية الإنسان”.

إتقان اللغة الأصلية أولاً

وقالت الخبيرة التربوية: “لستُ ضد تعليم لغة ثالثة، ولكن أرى أن يبدأ تعليم اللغة الثالثة بعد إتقان اللغتين العربية والإنجليزية، وبعد وصول الطالب للصف التاسع أو العاشر، على أن يرغب في أن يتعلم أي لغة إضافية ، وليس من أجل التباهي والتفاخر، لأنَّ الأهمّ هو التباهي والتفاخر بأنه يتقن لغته الأصلية”.

 وأضافت: من خلال تجربتي في تدريس البرامج الأجنبية لسنوات عديدة، سمعت من الطلبة عبارة ترنُّ في أذني، وهي (لم نتقن لا العربية ولا الإنجليزية)، والأسوأ مشاهدات عديدة أثناء المراقبة لامتحان في اللغة العربية أو التربية الإسلامية، لا يستطيع طلبة الصف العاشر، على سبيل المثال لا الحصر،  قراءة الأسئلة، إضافة إلى عدم القدرة على التعبير لكتابة الإجابة، بل إنَّ معظمهم يكتبون باللهجة العاميَّة، وفي المقابل تجدُ بعض المعلمين يمنحوهم علامات خيالية لا تليق بالمستوى المأمول! والنتيحة استمرار الطلبة بالإستهتار بأهمية تعلُّم اللغة العربية.

ولفتت عربيات إلى مشكلة بالإضافة لما سبق تتعلق بما طرأ من تعديل على المناهج الدراسية، من إضافة مصطلحات وحروف وأرقام إنجليزية في المواد العلمية والرياضيات، الأمرُ الذي عمل، ويعمل على تشتيت الطلبة ، فتراهم يقرؤون السؤال باللغة العربية، ويبدؤون الحلّ من اليسار لليمين، معبرة عن أسفها بالقول:  شخصياً لم أستوعب حتى الآن ما هي الفكرة وراء ذلك! إذ لو كان الموضوع تهيئة للدراسة في الجامعات، لما وصلَ كثير من الناس إلى مراحل علمية متقدمة، وهم من تعلَّموا اللغة الإنجليزية بدءاً من الصف الخامس.

وختمت تصريحاتها لـ “البوصلة” بالقول: لذلك يجب أن لا نستهين بما وصلَ إليه آباؤنا، وأن نرفق بأطفالنا ولا نعمل على تحميلهم أعباءً لا يُطيقونها، ناهيك عن إختزال مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية، الأمرُ الذي ستكون له آثاراً سلبية على هويّة وتربية الجيل الحالي والقادم، مشددة على أنّ “خلاصة الأمر، هي عدّة لغات، لكن هناك أولويات”، على حد تعبيرها.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: