مستشارة تربوية: حجم تسرب الطلبة من المدارس مؤشرٌ خطيرٌ لا ينبغي الاستهانة به

مستشارة تربوية: حجم تسرب الطلبة من المدارس مؤشرٌ خطيرٌ لا ينبغي الاستهانة به

عمّان – البوصلة

حذرت المستشارة التربوية بشرى عربيات، في تصريحاتها لـ “البوصلة” من أنّ ما تُطالعنا به الأخبار والتقارير حول نسبة تسرُّب الطلاب من المدارس، وخاصةً بين “الطالبات”، تعتبر مؤشرًا خطيرًا وجديدًا على التعليم في الأردن.

وقالت عربيات: إنّه يجب علينا كمتخصصين في الشأن التربوي أن نقف عند هذه النسب والأعداد المذكورة، إذ أن وجود ما يقارب من سبعة آلاف طالب متسرب “سنوياً” في مرحلة التعليم الأساسي، رقمٌ لا ينبغي الإستهانة به.

وتابعت: لقد شاهدنا بأعيننا خلال جائحة كورونا فئة من هؤلاء الطلبة الذين كانوا يعملون في محلات الخضار والمحلات التجارية، متسربين مما كان يسمى التعلُّم عن بُعد، وقد زاد مقدار الفجوة التعليمية والسلوكية في المجتمع بشكلٍ لافت للأسف الشديد الأمر الذي يستوجب دراسة أسباب التسرب من المدارس في المرحلة الأساسية، فما الذي يبحث عنه الطلبة في أزقَّة الشوارع وفي المحلات التجارية؟ ناهيك عن تسرب طلبة الجامعات أيضاً، لكن بدون أرقام محسوبة نتيجة عدم المتابعة.

المستشارة بشرى عربيات: غياب دور المعلم المربي وغياب المعلم القدوة في كثير من المدارس مؤسف جدًا

واستدركت عربيات بالقول: “ويبقى السؤال، إلى أين يتوجه طلبة المرحلة الأساسية الدنيا أو العليا؟ بل ما الذي يدفعهم لعدم الإلتحاق بالدوام المدرسي؟ وأين يتواجد هؤلاء خلال فترة الدوام المدرسي؟”.

وأضاف، بأنّه لا شك أن لكل سؤال جواب، ولكل سبب نتيجة، ولعل من أقرب الإجابات المنطقية أن بيئة المدارس ليست جاذبة للطلبة بل إن معظم هؤلاء الطلبة لا يمتلكون الرغبة في التعلُّم! والسبب الأكبر هو عدم وجود معلمين فاعلين داخل كثير من المدارس الحكومية والخاصة، بل إن معظم هؤلاء المعلمين موجودين لإشغال الفراغ وتقاضي الراتب! وطالما أن الرواتب مستمرة، والوظيفة مضمونة في المدارس الحكومية تحديداً، فإنَّ المعلمين والمعلمات لا يقومون بالجهد المطلوب منهم، ولا يكترثون للمتسربين.

وعبرت عن أسفها الشديد لغياب دور المعلم المربي وغياب المعلم القدوة في كثير من المدارس، مطالبة في الوقت ذاته  بإعادة تقييم المعلمين بما يتناسب مع مقدار الأمل والطموح، وعدم بقاء أي شخص لا يؤدي مهنته بأمانة ومسؤولية في موقع المعلم أو المدير أو القائد التربوي.

وقالت عربيات: وهنا أودُّ أن أشير أن كثيرًا من المرشدين التربويين داخل المدارس الحكومية بحاجة إلى إرشاد، ناهيك عن أن معظم المدارس الخاصة والحكومية لا يوجد فيها من يقوم بهذا الدور، مع أني أعتقد أن كل معلم يجب أن يكون مرشداً تربوياً، وبالتالي لا تكفي الشهادة الأكاديمية ليكون معلماً، بل لا بد من وجود فحص للسلوكيات قبل أن يتم تعيين أي شخص في وزارة التربية والتعليم مهما كان موقعه.

تساؤلات مقلقة حول التسرب

وتابعت عربيات حديثها لـ “البوصلة” بالقول: إلى أين؟ ولماذا؟ سؤال مثير للقلق، أين يقضي هؤلاء الطلبة أوقاتهم؟ ومع من؟ وكيف ولماذا؟ مما لا شك فيه أن لانتشار مواقع التواصل الإجتماعي بشكلٍ سلبي دور كبير في وجود ما يسمى “بالمؤثرين” المشهورين الذين يستخدمون مواقع التواصل الإجتماعي للوصول إلى الفئات الهشَّة في المجتمع.

“وأقول “هشَّة” نتيجة الفراغ الفكري والعقائدي والتربوي لدى كثير من أبنائنا الطلبة من جهة، ولدى فئة من المعلمين والمعلمات من جهةٍ أخرى، والأخطر وجود فئة هشَّة من الآباء والأمهات الذين لم يدركوا بعد مسؤولية الأسرة”، على حد تعبيرها.

وأوضحت عربيات بالقول: “برأيي لو تمَّ البحث  بجدِّيَّة عن هذه الفئة المتسربة من الفتيات والفتيان، لوجدناهم يسرحون ويمرحون في أماكن الترفيه للألعاب الإلكترونية، ولو لم يمتلك أحدهم المال الكافي لذلك، فإنه يمكن أن يتصرف تصرفات غير أخلاقية للحصول على المال، إذاً الموضوع خطير كما أشرت ولا يجب أن يُستهان به”.

وقالت: أضف إلى ما سبق، إستهانة الطلبة بامتحان الثانوية العامة مؤخراً، إذ جاءت نتائج هذا الإمتحان بمعدلات مرتفعة لثلاث سنوات متتالية، هذه النتائج غير مسبوقة على الإطلاق في تاريخ التعليم، إضافة إلى ضعف وتراجع المناهج التعليمية المقررة في كثير من المراحل الدراسية، الأمر الذي دفع ويدفع بالطلبة إلى التساؤل “لماذا نذهب إلى المدرسة؟”.

غياب الدافعية لدى الطلبة و”المخرِّبين”

ونوهت عربيات بالقول:  للأسف لم نعد نلمس الدافعية لدى كثير من الطلبة، وكما ذكرت قبل قليل أن لكل سبب نتيجة، ولعلَّ السبب الأبرز هو عدم وجود الأب والأم والمعلم القدوة، مستدركة بالقول: ليس هذا فحسب؛ بل إنَّ هؤلاء الطلبة خرجوا للبحث عن  “قدوات” في المولات وعلى وسائل التواصل الإجتماعي”.

وشددت على أنّ “المؤلم حقاً أن يتم الترويج بقوة لما يسمَّى بالمؤثرين، والذين معظمهم في حقيقة الأمر، ما هم إلا “مخرِّبين” للفكر والعقل والقيم والأخلاق، إذ قد يفكر الطلبة لماذا يدرسون، طالما أن هناك “كثيرًا” من الطرق التي تمكنهم الحصول على المال من خلالها”.

وختمت عربيات حديثها لـ “البوصلة” بالقول: “لذلك علينا الحذر من هذا الترويج والمحاولة بكل ما أوتينا من قوة لمهاجمة كل ما يتواجد من أفكار سلبية في المجتمع، وهذه المسؤولية تقع على عاتق الجميع، سواءً داخل المدرسة والبيت أو خارجها”، معبرة عن أسفها في الوقت ذاته لأننا “قد افتقدنا مؤخراً روح الطفولة في هذا الجيل، وروح المسؤولية بين المعلمين والمربين وأولياء الأمور، ونأمل أن تكون هناك صحوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

وزارة التربية: التسرب من المدارس لدى الإناث أكثر من الذكور

يذكر أنّ رئيس قسم التعليم غير النظامي في وزارة التربية والتعليم خالد المحارب، أكد أن التسرب من المدارس لدى الإناث أكثر من الذكور.

وأضاف خلال حديثه لبرنامج “جلسة علنية” الذي يبث على قناة “المملكة” أن 3 طلاب لكل ألف هي نسبة التسرب المدرسي.

“نسب تسرب الإناث تقدر بـ4 طالبات لكل ألف، ويوجد قرابة 7 آلاف طالب متسرب سنويا في مرحلة التعليم الأساسي”، وفق المحارب.

وبيّن أن وزارة التربية والتعليم تركز بموضوع التسرب المدرسي على الجانب الوقائي، مشيرا إلى أن موضوع التسرب من المدارس يقاس بالنوع وليس بالكم.

وتحدث المحارب عن وجود خطة إجرائية للتسرب من المدارس، مبينا أن الخطة وقائية وعلاجية.

ولفت المحارب إلى أن الطلاب هم محور العملية التعليمية ولا بد من مراعاة الفروقات الفردية بينهم.

“لدينا جهود للمرشدين التربويين لتقديم خدمات الدعم النفسي” وفق المحارب.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: