مسلمو فرنسا: لسنا انفصاليين ونرفض الزج بنا في معارك انتخابية

مسلمو فرنسا: لسنا انفصاليين ونرفض الزج بنا في معارك انتخابية

مسلمو فرنسا: لسنا انفصاليين ونرفض الزج بنا في معارك انتخابية

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلسلة من التدابير لمحاربة كل أشكال “التطرف الإسلامي” مستخدما تعبيرا مثيرا للجدل هو “الإسلام الانفصالي”، مما خلف ردود فعل واسعة لدى مسلمي فرنسا.

واعتبر عدد من ممثلي الجالية الإسلامية أن بعضا من هذه الإجراءات كانوا سباقين لاقتراحها لحماية أبنائهم من كل أشكال التطرف، وعبروا عن رفضهم أن يُزج بهم مرة أخرى في مزايدات سياسية بين الأحزاب مع اقتراب أجل الانتخابات البلدية المقررة الشهر المقبل.

وبخصوص أبرز هذه الإجراءات التي أعلنها ماكرون قبل يومين، وقف استقدام أئمة ومدرسين للغة العربية من عدد من الدول الإسلامية، ووقف كل أشكال تدخل هذه الدول في بناء أو تسيير مساجد ومدارس إسلامية، كما شدد على أن بلاده لن تسمح بانتشار الإسلام السياسي.

انفصال
وعبر أنور كبيبش، رئيس مجلس الديانة الإسلامية سابقا، ورئيس المنظمة الإسلامية “تجمع مسلمي فرنسا”، عن تحفظه بشأن تعبير “الانفصال”، مؤكدا أن بعض مظاهر الانفصال عن المجتمع وقيم الجمهورية الفرنسية ليس بسبب التشدد في مظاهر التدين، ولكن أحيانا كثيرة بسبب عوامل اقتصادية واجتماعية، بينها الفقر والتهميش والإقصاء والعنصرية.

كما أكد أنور كبيبش في تصرح للجزيرة نت أنه لا يجب وصم ملايين المسلمين بـ “الانفصاليين”، مؤكدا أن “الانفصالية” ظاهرة هامشية تمس فئة قليلة من المسلمين الفرنسيين، لهم قراءة ضيقة للإسلام، أما الأغلبية الساحقة منهم فهي مندمجة وتحترم قيم الجمهورية الفرنسية خصوصا مبدأ العلمانية. 

ولفت كبيبش أن أغلب الإجراءات التي أعلنها ماكرون كان قد اقترحها عندما كان رئيسا للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، بينها وقف استقدام أئمة من عدد من الدول الإسلامية، لأن هؤلاء الأئمة أغلبهم لا يتقنون اللغة الفرنسية، ولا يفقهون كثيرا في قيم الجمهورية الفرنسية، وبالتالي لا يمكنهم التواصل وتوجيه خطاب ديني يتناسب مع طبيعة النظام العلماني الفرنسي حسب وصفه.

وأوضح كبيبش أن لا مانع لديه أيضا في وقف استقدام مدرسين أجانب لتدريس اللغة العربية، لأن أغلبهم لا يتقن اللغة الفرنسية وبالتالي، يفضل تدريسها كلغة حية في المدارس الفرنسية، مثل باقي اللغات الحية الأخرى لكل الفرنسيين وليس لأبناء الجاليات الإسلامية فقط.

واقع
يشار إلى أن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير قد أكد يوم الأربعاء في تصريح صحفي أن فرنسا قد أبلغت كلا من المغرب والجزائر وتركيا بقرار تخفيض عدد الأئمة الوافدين من هذه الدول اعتبارا من هذا العام، وأنها لن تستقبل أي إمام أجنبي بحلول عام 2024، لكي يتسنى لممثلي الديانة الإسلامية في فرنسا تكوين أئمة فرنسيين خلال السنوات الأربع القادمة.

بدوره عبر أحمد جاب الله، الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، (تضم نحو 300 جمعية إسلامية)، عن استغرابه من استخدام الرئيس الفرنسي لتعبير “الانفصال الإسلامي”، مؤكدا أن الواقع على الأرض يفند هذه المزاعم، لأن مسلمي فرنسا مندمجون ويساهمون بإيجابية في مجتمعهم، ويعتلون مناصب ووظائف مهمة في كل المجالات والتخصصات.

وأوضح جاب الله في تصريح للجزيرة نت، أنه إذا كانت هناك انعزالية بسبب الدين فهي لفئة شاذة وهامشية، أما أغلب حالات الانفصال فلها جذور اقتصادية واجتماعية، بسبب التمييز والعنصرية التي تعيشها هذه الفئة من المسلمين.

أراجيف
ولفت الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، إلى أن حديث الرئيس ماكرون عن محاربة الإسلام السياسي أمر غير مفهوم، لأنه ببساطة غير موجود، ومجرد أراجيف، معتبرا أنه يجري حث المسلمين على عدم الانفصال لكن حينما يرغبوِن بلعب دور إيجابي في المجتمع واقتحام كل المجالات بما فيها السياسة، يتهمون بنشر الإسلام السياسي.

وأشار جاب الله إلى أن مسلمي فرنسا ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها إلى هذا النوع من الخطاب الذي يعتمد على التهويل والتضخيم لظواهر اجتماعية واقتصادية لتعطى صبغة دينية لأهداف سياسية وانتخابية.

ظاهرة انتخابية
يذكر أن فرنسا مقبلة على انتخابات بلدية مهمة الشهر المقبل، وحزب ماكرون الحاكم قد يمنى بهزيمة مدوية حسب استطلاعات الرأي، بعد تدني شعبيته بسبب عدد من الإصلاحات الحكومية الليبرالية التي لاقت رفضا شعبيا واسعا خصوصا إصلاح نظام التقاعد.

في السياق نفسه، اعتبر بشير العبيدي الأكاديمي والمحاضر في حوار الثقافات، أن حملة الانتخابات البلدية الفرنسية فتحت الباب أمام المزايدات التي دأب السياسيون الفرنسيون على خوضها، طمعا في حصد أكثر عدد من الأصوات.

وأكد العبيدي في تصريح للجزيرة نت، أن الرأي العام الفرنسي والأوروبي يتجه نحو أفكار اليمين المتطرف منذ سنوات، فخطاب السياسة يستثمر في محور تقليدي سهل الاستهداف ومأمون من ردود الفعل.

وأضاف أنه من هذا الباب “لا أعتبر خطاب ماكرون جديدا”، ولا يحمل أي إضافة عدا مزيد من تقسيم الفرنسيين، إذ من المعروف أن الديمقراطيات -يوضح المتحدث- تحكم عبر التخويف والترهيب وحشد الناس في اتجاه مواقف أغلبها للتستر على أوضاع أخرى تعجز الطبقة السياسية عن معالجتها وتصرف الناس عنها باختلاق مثل هذه القضايا المفتعلة، حسب وصفه. (الجزيرة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: