مشروع الممر الأوسط.. ماذا تعرف عن البديل التركي للتجارة العالمية؟

مشروع الممر الأوسط.. ماذا تعرف عن البديل التركي للتجارة العالمية؟

الممر الأوسط

في ظل استمرار التبعات السلبية للحرب الروسية-الأوكرانية التي دخلت شهرها الخامس، عادت الأنظار إلى التوجه نحو تركيا وموقعها الاستراتيجي الفريد، كيف لا وهي البوابة التي تربط الشرق بالغرب على طول طريق النقل المعروف باسم “الممر الأوسط”، الذي ظهر بديلاً قوياً لمنافسة الممر الشمالي المستخدَم لنقل البضائع المتبادلة دولياً، والمارّ عبر الأراضي الروسية والبيلاروسية.

منذ عام 2019 تتسارع الأعمال بين تركيا والصين لمواءمة مشروع “الممر الأوسط” التركي ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وبالتالي تعزيز الروابط بين بوابتَي طريق الحرير التاريخي الغربية والشرقية، بما سيجعل “الممر الأوسط” الذي يشمل تركيا بديلاً قويّاً من حيث التكلفة والوقت.

وإلى جانب كون “الممر الأوسط” جزءاً محورياً من مشروع الحزام والطريق الصيني، فإنه أيضاً أقصر في المسافة من الممر الشمالي الذي يمرّ من الصين عبر روسيا وبيلاروسيا للوصول إلى أوروبا، وكذلك عن طريق التجارة الجنوبي الذي يمرّ عبر قناة السويس.

إعلان باكو

عقد وزراء الخارجية والنقل في تركيا وأذربيجان وكازاخستان، الاثنين، اجتماعاً في باكو، لبحث مبادرة “الممر الأوسط”، إذ تُعَدّ مبادرة الممر بين الشرق والغرب والوسط عبر بحر قزوين والبحر الأسود، المعروفة باسم “الممر الأوسط”، أحد أهمّ أجزاء الجهود المبذولة لإحياء طريق التجارة القديم لطريق الحرير الذي يربط بين شرق آسيا وأوروبا.

وعقب الاجتماع، وقعت الدول الثلاث، على “إعلان باكو” بشأن تطوير إمكانات “الممر الأوسط” الشرقي الغربي مع بحر قزوين.

ويُعتبر “الممر الأوسط” بين الصين وأوروبا عبر تركيا أحد الممرات الرئيسية الستة لمبادرة الحزام والطريق الصينية التي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ لأول مرة عام 2013. وتستند مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI) إلى فرعين رئيسيين هما الحزام الاقتصادي لطريق الحرير (SREB) وطريق الحرير البحري (MSR) لربط الصين بإفريقيا وأوروبا عبر الشبكات البرية والبحرية على طول ستة ممرات.

تجدر الإشارة إلى أن تركيا هي من طرح مبادرة طريق الحرير الجديدة المسماة “الممر الأوسط” عام 2019، لإنشاء شبكة سكك حديدية على مستوى المنطقة تنطلق من الأراضي التركية إلى آسيا الوسطى (كازاخستان وتركمانستان وغيرهما) عبر القوقاز (جورجيا وأذربيجان).

الممر الأوسط بالأرقام

في حديثه أمام الجمعية العامة لاتحاد طرق النقل الدولية عبر قزوين، صرّح وزير النقل والبنية التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو بأن “الممر الأوسط” هو بديل قوي للممر الشمالي من حيث المسافة والوقت، مستشهداً بالأرقام قائلاً: “إذا اختار قطار الشحن الذي يغادر من الصين إلى أوروبا الممر الأوسط وتركيا، فإنه يسافر 7000 كيلومتر في 12 يوماً مقارنةً بمسافة 10.000 كيلومتر ووقت سفر لا يقلّ عن 15 يوماً في حال سلك طريق الممر الشمالي، أما إذا اختار نفس القطار الممر الجنوبي فإنه سيسافر عندها 20.000 كيلومتر بالسفينة فوق قناة السويس ليصل إلى أوروبا في 45-60 يوماً”.

ولفت الوزير إلى أن هذه الأرقام توضّح مدى فائدة تأمين الممر الأوسط في التجارة العالمية بين آسيا وأوروبا، وأكد أيضاً أنه عبر هذه المبادرة سيُحيَى طريق الحرير التاريخي من خلال طريق الحرير الحديدي، بما ينعكس مباشرةً على تطوير وتسهيل وزيادة حجم التجارة بين آسيا وأوروبا بفضل استثمارات البنية التحتية والنقل الجديدة.

النقل ثلاثي الوسائط

يُعتبر “الممر الأوسط” بين الصين وأوروبا طريقاً جديداً متعدد الوسائط، إذ سيمر عبر قيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان. وبعد عبور بحر قزوين بالعبّارة ستُنقَل البضائع والحاويات إلى تركيا من خلال استخدام خطة سكة حديد باكو-تبليسي-قارص وصولاً إلى تركيا، ومنها عبر نفق مرمراي أسفل البوسفور في إسطنبول سيواصل القطار طريقه إلى أوروبا.

فيما سيبدأ المسار الجديد للممر الأوسط في مدينة كاشغر الصينية، ثم يتجه إلى أوش في قرغيزستان، ومنها إلى أنديجان في أوزبكستان، ثم إلى محطة سكة حديد فاراب وميناء تركمانباشي في تركمانستان، ولاحقاً عبر العبَّارات إلى آلات في أذربيجان، ومن أذربيجان إلى محطة القردباني في جورجيا. بعد هذه النقطة سيتجه الطريق الجديد إلى محطة السكك الحديدية التركية في قارص ثم إلى إسطنبول أو المواني البحرية في تركيا.

يرتكز شريان النقل المقترح عبر “الممر الأوسط” على السكك الحديدية، ومع ذلك سيشمل أيضاً وسائط نقل أخرى، مثل الشاحنات والعبَّارات. من المتوقع تشغيل الشاحنات في القسم بين كاشغر وأوش باستخدام ممر السيارات الحالي بين الصين وأوزبكستان (من كاشغر إلى طشقند عبر أوش وأنديجان). ستنقل العبَّارات الحاويات من تركمانستان إلى أذربيجان عبر بحر قزوين.

يشار إلى أن النقل والتجارة من آسيا إلى أوروبا يجريان عبر ثلاثة ممرات رئيسية، “الشمالي” الذي يمر بروسيا، و“الجنوبي” الذي يمر بإيران، و“الأوسط” الذي يمر من الأراضي التركية.

وللممرات الثلاثة أهمية استراتيجية كبيرة للدول التي تمر بها، إلا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا زادت من المشكلات الأمنية للممر الشمالي. كذلك فإن العقوبات على إيران والنزاعات الموجودة بمنطقة الشرق الأوسط تجعل الممر الجنوبي عالي الخطورة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: