معارض تونسي: سنحتفل بـ”14 يناير” والثورة مستمرة ضد “الانقلاب”

معارض تونسي: سنحتفل بـ”14 يناير” والثورة مستمرة ضد “الانقلاب”

قال عز الدين الحزقي، المتحدث باسم الإضراب عن الطعام الذي تنفذه مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” (شعبية) في تونس، إنهم سيحتفلون بـ 14 يناير كونه “يومًا للثورة” في 2011، مشددا على أن الثورة لا تزال مستمرة ضد “الانقلاب”.

الرئيس التونسي قيس سعيد، غَيَّرَ تاريخ الاحتفال بالثورة إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول، بدلا عن 14 يناير/ كانون الثاني كما جرت العادة، وهو اليوم الذي أطاحت فيه الثورة بنظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).

وحول هذا التغيير قال الحزقي (يساري)، في مقابلة مع الأناضول بمقر الإضراب عن الطعام الذي ينفذه سياسيون ونواب وأعضاء في حراك “مواطنون ضد الانقلاب” بالعاصمة تونس: “المستبدون الذين سبقوا هذا السيد (يقصد سعيد) تنكروا للتاريخ كذلك”.

وتابع: “هذا الذي لم يشارك في أي مرحلة من مراحل تاريخ هذا البلد في أي حراك وطني يريد أن يغيّر تاريخا بتاريخ”.

وأردف: “بداية الثورة كانت يوم 17 ديسمبر (2010) ويوم العيد يوم 14 (يناير) وسنحتفل بالثورة يوم 14 (يناير)”.

وشدد الحزقي (77 عاما) على أن “الثورة لا تزال مستمرة، وهي ليست بضاعة في المغازة (المتجر) نذهب لنشتريها وتنتهي المسألة”.

واستطرد: “الثورة مسار يدوم سنوات وعقود، إنما اليوم الذي أخذت فيه معرجا لتفتح أمامنا أبواب الحرية هو يوم 14 (سقوط نظام بن علي)، وسنحتفل بيوم الحرية، لأنها تسبق الديمقراطية”.

وبشأن اعتبار وزير الداخلية أن تحركاتهم ودعواتهم للتظاهر يوم 14 يناير تمثل “فتنة”، قال الحزقي: “نحن ملتزمون بالدستور، والدستور يسمح لنا بالتظاهر والاعتصام والإضراب”.

وأضاف: “لسنا في حوار مع هؤلاء أو خصومة معهم، نحن نناضل ضدهم وضد بقائهم، لذلك لا نعير أي اهتمام لما يقولون ولما يفترون”.

ومنذ 25 يوليو/ تموز الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ سعيد إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر المقبل، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس هذه الإجراءات وتعتبرها “انقلابا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وجائحة كورونا.

** إضراب الجوع

في 23 ديسمبر الماضي، أعلنت “مواطنون ضد الانقلاب” بدء إضراب عن الطعام؛ احتجاجا على ما قالت إنه “دخول تونس في منعطف قمعي حقيقي”، عبر “الحكم الفردي وإخماد أصوات المعارضين”، والاعتداء على اعتصام المبادرة يومي 17 و18 ديسمبر، ومنع حزبيين من التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة (بالعاصمة)، إضافة إلى التضييق على الإعلام.

وبخصوص هذا الإضراب، قال الحزقي “جاء إضرابنا إثر الهجمة الشرسة للأمن القمعي التابع لأجهزة الداخلية ومليشيات المنقلب (يقصد سعيد) يوم 18 ديسمبر، حين هوجمنا من طرف مدنيين لا نعرف مصدرهم”.

وشدد سعيد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر خمس سنوات، على عدم المساس بالحقوق والحريات، وقال إن إجراءاته الاستثنائية هي “تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة التونسية من خطر داهم”، وفق تقديره.

وتابع الحزقي أن “الأمن كان عليه أن يحرس شعبه، ويدافع عنه لأن الشعب هو الذي يدفع أجرة المنقلب وأجرة الأمن”، واعتبر إن الإضربا عن الطعام جاء “لنحتج على ما وقع يومها ولنحتج على المحاكمات العسكرية للمدنيين وللنواب الشرعيين”.

وزاد بأن “نواب شرعيين (محتجزين) في السجون بأوامر عسكرية، وهذا خرق لكل القوانين، والجهاز القضائي يُهرسل (يتعرض لضغط ومضايقة) يوميا من قبل سعيد، لأنه يريد أن يحتويه كما يريد أن يدجن الصحافة”.

** قضاة شرفاء

ووفق الحزقي فإن “الرئيس (سعيد) نصَّب نفسه قاضيا ومدعيا عاما وباحثا، وهو يسير في طريق هو نفسه لا يعلم إلى أين”.

وتابع: “يتمّ اختطاف وزير سابق (نور الدين البحيري) ويتمّ محاكمة رئيس جمهورية سابق (محمد المنصف المرزوقي) وليس هناك ملف (قضائي)”.

ورأى أن “الرئيس يسعى للسيطرة على القضاء، كما فعل مع بعض الأجهزة الأمنية والقليل من جيشنا الوطني الجمهوري، ولكن هناك قضاة شرفاء، وهو فاقد لأدوات نجاح انقلابه”

** عملية فرز

الحزقي أفاد بأن من أهداف الإضراب عن الطعام “دعوة من يدعي الديمقراطية ومن يدعي الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ومن يرفض أن يرى دبابة أمام مجلس النواب”.

وأردف: “عندما تشاهد دبابة أمام مجلس الشعب يصيبك الإحباط، ومعلوم أن (قصر) القصبة (مقر رئاسة الحكومة في العاصمة) رمز الدولة منذ الدولة الحسينية (1229 – 1574) لأول مرة يقع غلقها، وقد أغلقها هذا المنقلب”.

ورأى أن “الانقلاب كان امتحانا وفاصلا وفرزا.. هناك عملية فرز منذ 25 يوليو داخل المجتمع التونسي بين من يؤمن بالفعل بالحريات والديمقراطية التي تفرض قبول الآخر وقبول نتائج الاقتراع وتقبل الصراع الفكري وترفض العنف ومن يدّعي ذلك”.

وزاد بأن “إضرابنا كشف الكل، كشف مدعيي الديمقراطية وهم غير ديمقراطيين، كما كشف مدعيي حقوق الإنسان”.

واستطرد: “هناك منظمة تدعى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان (تأسست عام 1976) وهناك عشرات في السجون من المدونين والمدنيين وعشرات تم الاحتفاظ بهم في إقامة إجبارية وعشرات مُنِعوا من السفر، نحن قمنا بإضراب جوع والرابطة لم تتكلم”.

وفسّر الحزقي صمت الرابطة وبعض النخب بأنهم “أناس معادين للديمقراطيين ولا يزالون يعيشون في القرون الوسطى، ولهم تفكير قَبَلي، فالتشفي والغل والحقد لهف عقولهم وقبلوا أن يكون هناك عنتر (..) يأتي على حصانه ليريحهم من جماعة (يقصد حركة “النهضة” صاحبة أكبر كتلة في البرلمان) لا يقبلونهم أيديولوجيا”.

واعتبر الحزقي أن “هؤلاء ليسوا نخبا تقدمية ولا حداثية، بل قبائل يدَّعون الثقافة وهم أبعد ما يكونوا عن الثقافة، لأن المثقف حر والحر يدافع عن الناس ويقبل الآخر ويموت من أجله”.

** مولود جديد

إلا أن المعارض اليساري استدرك: “لم نفقد الأمل، وندعو هؤلاء أن يلتحقوا بنا.. إضرابنا يندرج ضمن كشف خروقات سعيد للعيان”.

وأردف أن الإضراب قام بالفرز بين النخب، مبينا أنهم تمكنوا “من تجميع البعض من النخب التي لم تكن تلتقي قبل اليوم وتناقشنا كثيرا خلال نصف الشهر الفارط”.

وألمح إلى أن الحوار الذي تمّ بين نخب من توجهات فكرية مختلفة “سينبعث منه مولود جديد يحمل مشعل تونس الأفضل”.

وأوضح: “هناك وطنيون سيبعثون جسما (كيانا) جديدا ينقذ تونس من الانقلاب ومن التيه وينقذ الدولة التي تفككت عن طريق هذا السيد وعن طريق الجهاز الذي يقف وراءه الذي غايته بث الفوضى ليتمكن من مسك السلطة”.

** من وراء سعيد؟

وبحسب الحزقي “هناك قوى تقف وراء سعيد من بقايا الجهاز النوفمبري (أتباع نظام زين العابدين بن علي) وعائلات مافيوزية، وهناك تقاطع مصالح مع بعض الدول، ولو أن ذلك خفت الآن، ولكنها لا تزال تعمل”.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، انقلب رئيس الوزراء آنذاك زين العابدين بن علي، على الرئيس الحبيب بورقيبة، وتولى السلطة بزعم عجز الأخير عن الاضطلاع بمهام الرئاسة.

وحول موقف الاتحاد العام للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس، مما يحدث، قال الحزقي إنها “نقابية وغالبا النقابات تمسك العصا من الوسط”.

وتابع: “مواقف الاتحاد مضطربة وغالبا تخضع لموازين القوى، وهناك صراع داخل القيادة، والمحدد ليست القيادة بل القاعدة”، مضيفًا: “أنا متأكد أن هناك بداية وعي لدى الهياكل القاعدية للاتحاد التي ستضغط لوضع حد للخلافات داخل القيادة”.

** “اليسار الوظيفي”

والخزقي من رموز حركة “برسبكتيف” (آفاق) اليسارية، التي عارضت الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة (1957-1987) في ستينيات القرن الماضي وهو من سجناء هذه الحقبة.

ورفض الحزقي أن يسمى “اليسار” الذي يساند إجراءات سعيد باليسار، قائلا: “أنا لا أسميهم يسارا.. لا يعقل أن أُسمي شخصا يشمت ويتشفى بشخص آخر لأنه يختلف عنه بأنه يساري”.

وأضاف: “هذا اليسار الذي ذهب مع بن علي عام 1991 ضد الإسلاميين لا أسميه يسارا، هو ليس بيسار هو وظيفي، وهو لا يزال موجودا”.

وتابع: “حينما تقاطعت مصالحنا اليوم مع النهضة مثلا في مناهضة الانقلاب، اختاروا (بعض اليساريين) الاستبداد لأنهم حقودين فقط وليسوا مبدئيين، يقبلون معذبهم ويقبلون الاستبدادي ويرفضون الخصم الفكري”، مفسرًا ذلك بأنهم “عاجزون على أن يلعبوا لعبة الديمقراطية والانتخابات”.

واستطرد: “أنا شخصيا لم أعادِ الاتجاه الإسلامي أيام كنت عضوا في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان (في الثمانينات)، بل ناضلت معهم ولم أتخاصم يوما مع الاتجاه الإسلامي (النهضة حاليا)، بل بالعكس تواجدنا كثيرا في اعتصامات ومظاهرات لأنهم تونسيون مثلنا”.

** “العمالة”.. تهمة متكررة

وحول اتهامات سعيد المتكررة لخصومه بالعمالة للخارج، قال الحزقي: “حوكمت عام 1974 بنفس التهمة، وبن علي كان يقول نفس الكلام”.

وشدد على أن سعيد “مرتبط بالخارج للنخاع.. مثل من سبقه بن علي وبورقيبة، هو لا يخاطب إلا أسياده في الخارج “، على حد قوله.

وتابع: “هو (سعيد) لا يخاطب التونسيين ولا الصحافة التونسية ولا يتناقش مع التونسيين”.

وختم بأن “هناك قوى خارجية تستعمله، وفرنسا التي كانت متورطة في بداية الأمر دفعته، لكنها الآن بدأت تتراجع، والغرب يحكم البلاد، ونحن وطنيون دافعنا عن السيادة الوطنية منذ 50 سنة”.

(الأناضول)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: