مفوض حقوق الإنسان ينتقد التعديلات الدستورية ويطالب بفتح حوار وطني مسؤول

مفوض حقوق الإنسان ينتقد التعديلات الدستورية ويطالب بفتح حوار وطني مسؤول

عمان – البوصلة

عبر مفوض المركز الوطني لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي عن انتقاده لأيّ تعديلات دستورية من شأنها أن توجد جهات غير “تمثيلية” للشعب الأردني، مؤكدًا في الوقت ذاته أن بعض التعديلات الدستورية المطروحة غير مقبولة لأنها تفصل من ناحية قانونية بين “السلطة والمساءلة” وهذا أمرٌ لا يجوز، الأمر الذي يستلزم اليوم فتح حوارٍ وطنيٍ مسؤول مع كافة الفئات لتقريب وجهات النظر بين المواطن والمسؤولين.

وقال العرموطي في ندوة استضافها مركز حماية وحرية الصحفيين أمس حول حقوق الإنسان في الأردن إن “السلطة صنو المسؤولية ومتلازمة معها”، محذرًا في الوقت ذاته من أن أي “منح صلاحيات عليا مباشرة بدون توقيع الوزراء والحكومة عليها سيفتح بابا لن يسد وستكون سابقة”.

وأضاف، نحن كمركز وطني لحقوق الإنسان مقيدون بولايتنا، ولكن الدستور هو المنظومة الأعلى للحقوق، ولذلك عندما نناقش تعديلات دستورية فنحن نناقش حقوق الإنسان بطريقة أخرى، فولاية المركز تتضمن تعزيز النهج الديمقراطي.

وشدد على أن “الشعب مصدر السلطات، وضرورة الفصل بين السلطات، ولا يجوز هناك سلطات غير تمثيلية مثل المحكمة الدستورية، فهي غير مستندة لإرادة الشعب”، مشددًا على أن “الصفة التمثيلية يجب أن تكون في كل السلطات”.

وأضاف أنه من غير المقبول “الفصل بين النيابة والوزارة”، مؤكدًا أن “كل نظام الحكومة البرلمانية قائم على هذا الحجر، ونقول لا يجوز الفصل، وإذا فصلنا فأنت هدمت النظام كله”.

وأكد أن الحديث عن فترة زمنية طويلة لعشرين عاما لقيام حكومات حزبية وتجريدها من الوزارات السيادية تحت ذريعة الخوف من “تجاذبات الأحزاب” أمر لا يشجع على الديمقراطية والعمل الحزبي، وهو أشبه بمن يطلق النار على قدميه.

ونوه إلى أن “الخروج ببدعة الفصل ما بين السلطة والمساءلة أمرٌ لا يجوز، فنظامنا ليس رئاسيًا، ومن يفعل ذلك يسعى لتخريب البلد”.

وأشار العرموطي أنه لا يجوز لأحد إنكار دور المركز الوطني لحقوق الإنسان في تحقيق قفزات فيما يتعلق بالواقع الحقوقي خاصة في السجون، وتأثير تقارير المركز على تحسين تلك البيئة.

ونوه إلى أن المركز حقق اختراقة حقوقية في الأردن وجعل الثقافة الحقوقية تدخل للعقلية السائدة وتحسب لها حسابًا.

وأضاف أنه “قد لا يكون الاحترام للمركز كمان نرجوا ولكن تأثير المركز على السلطات من خلال الضابطة العدلية وكشف الانتهاكات وإبرازها وإحراج الجهات ذات العلاقة، وهذا حال المؤسسات الرقابية”.

وشدد على أن الذي يملك البت في القضايا هو القضاء، ولكن وجود مؤسسات حقوقية مستقلة وتملك حق الرقابة هو أمر مهم جدًا لا سيما ما له من تأثير على الدولة.

وقال العرموطي: كنت في ديوان المظالم ويأتينا في السنة 5 آلاف شكوى، وكان يحل 80% منها، واليوم في المركز الوطني لحقوق الإنسان بالكاد تصلنا 400 قضية ونسهم بشكل كبير في حلها”.

واستدرك بالقول: صحيح أن وجود مركز لحقوق الإنسان هو جزء من الواقع التجميلي و”المكياج” والديكتور الذي تتطلبه الدول الحديثة للحصول على المنح وهذا كثير من دول العالم ولسنا غرباء عنه، لكن ذلك لا يقلل من دور المركز وأهميته.

وأكد على أهمية ما حصل من وعي بدرجة ما  في الجانب الحقوقي عند النخب والطبقة الوسطى، وهذا يؤكد أن المركز الوطني لحقوق الإنسان حاجة وضرورة، وأصبح قناعة لدى الدولة.

وأضاف العرموطي أن وجود المؤسسات الحقوقية متسق مع موجة الحداثة شئنا أو أبينا وإن كنا مقلدين في هذه الموجة، صحيح أنها تخدم إعطاء شرعية للدولة في المجتمع الدولي ولكن لا نستطيع أن ننفي تماما أنها حاجة وأن “النخبة لا تمثل على العالم بها فقط”، ووجودها يمنع الكثير من تفاقم الأوضاع والانتهاكات في حقوق الإنسان.

ونوه إلى أن كثيرًا ما يتم الحديث عن وجود فساد في أمريكا للمقارنة بواقع بلدنا، مستدركًا: نعم هناك فساد في أمريكا ولكن هناك من يراقب ويحاسب وينظف هذا الفساد أولاً بأول ولكن نحن في الأردن اختنقنا بالفساد”.

وعن سبب تأخير التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان، أكد أنّ إنجاز التقرير كان في آذار الماضي والهدف منه تجويد التقرير وإثراؤه وعرضه على لجان مجلس الأمناء للاستفادة من خبراته، مشددًا على أن “التأخير ليس مماطلة وإنما بسبب الجهد الذي بذل لإنجاز التقرير”.

وأضاف بالقول: لا أعتقد أن مجلس الأمناء يشكل عائقًا لعمل المركز الوطني لحقوق الإنسان بدليل أن تقرير المركز حول الانتخابات الأخيرة كان بسقوف مرتفعة ولم يكن هناك أي إعاقة له.

وانتقد العرموطي “البيروقراطية” التي تسبب إحراجًا للدولة والحكومة في القضايا الحقوقية مثل اعتقال الطلاب الذي تمّ مؤخرًا، مع التأكيد على أن “هذا لا يبرئ الحكومة في التجاوزات التي تحدث”.

وشدد على أن “الدخول إلى المئوية الجديدة والانفتاح والحديث عن الإصلاح وحقوق الإنسان يجب أن يكون النوايا له قرائن على أرض الواقع”.

وفي رد العرموطي على سؤال “هل تحولنا لدولة قمعية”، انتقد هذا المصطلح لا سيما وأن الأردن ما زال يسمح بالتظاهر وفيه مساحة، على الرغم من أن هناك تراجعًا كبيرًا اليوم في الحريات في الأردن.

وأكد أن كلمة “دولة قمعية” تحتاج لمتابعة المعايير التي وضعتها التقارير الدولية، مستدركًا بالقول: شخصيا كلمة “قمعية” كبيرة ونظلم بلدنا إذا وصفناها بهذه الطريقة.

وقال العرموطي: في المركز الوطني والأردن وقعنا على الاتفاقيات الدولية، وعندما يتم يعطى صلاحيات للمركز الوطني هذا مؤشر على رغبة في التزام الدولة بالجانب الحقوقي، ولا يجوز أن نرمي دولتنا بالحجارة بل ندافع عنها ونقويها.

وأكد أنه لا يجوز تقييد أماكن التظاهر والتعبير عن الرأي بحسب القانون، موضحًا أن أي مظاهرة تريد جلب الأنظار تذهب لأماكن حساسة حتى تصل رسالتها للجهات المعنية.

وأضاف، “نحن بحاجة ماسة لإتمام المزيد في سياق حقوق الإنسان مستقبلاً وهو أهم ممّا مضى، وأمامنا عمل كبير في هذا الجانب للوقوف إلى جانب حقوق الإنسان”. مشددًا بالقول: “يجب تخفيف القيود وإطلاق الحوار مع كافة مؤسسات المجتمع”.

وتابع بالقول: “كثير من الإشكالات تقع بسبب عدم وجود حوار ووجود عوائق نفسية بين المسؤول والمواطن، فلا بد من إيجاد صيغة تمثيلية لجميع المواطنين ونتحدث في كل القضايا حتى نصل إلى حلول وعدى عن ذلك سيبقى مكياج لتجميل بعض الرتوش هنا وهناك”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: