د. عبدالله الغيلاني
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

مقاصد قرآنية: التدبر

د. عبدالله الغيلاني
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ذكر الله في القرآن عن القرآن خصائص غير أن خصائص القرآن تلك لا ينالها إلا من أدرك المعاني الهاجعة في أحشاء النص، وإلا تحولت التلاوة إلى أحرف تجري على الألسن ولا تجاوز الحناجر، وما لذلك أنزل القرآن: “بل هو آياتُ بيناتُ في صدور ِالذينَ أوتوا العلم”.

إن ثمار الخصائص القرآنية لا ينالها إلا من إستوفى الشرط وأخذ الكتاب بقوة، عندئذ تستقر المعاني في صدره فتنير بصيرته وتتحرك بها جوارحه وتسمو بها روحه وينشرح بها صدره وتُحكم بها حركته في الحياة. الترقي بالقرآن مراتب، وكل يبلغ من درجات الهدى و مراتب الإرتقاء بحسب تعلق قلبه وصدق سريرته وقوة عزمه وصفاء روحه: “و لقد يسرنا القرآنَ للذكر فهل من مدكر”.

يقابل هذه الصورة صورة أخرى مغايرة تماما: “وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً” والفارق بين الصورتين هو مستوى الاستعداد للتلقي: ففي المثال الأول كان التلقي بعقل متوثب لإدراك الحق ونفس تواقة للتزكي وقلب متصدع من خشية الله: “إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً”، وفي المثال الثاني إعراض وإستكبار يعبر عن حالة قلبية آسنة، قد أطبقت عليها الظلمات وتغلغل فيها الران وإستحوذ عليها الشيطان فإنطمست بصيرتها  فهوت إلى قاع سحيق.

 لذا كان “التدبر” من أجل مقاصد القرآن وأعظمها، بل هو واسطة العقد فيها، ذلك لإنه المقدمة الشرطية التي عنها تنبثق النتايج. وللتدبر الصادق شروط، منها حضور العقل، وصفاء القلب، والتجرد في إدراك الحق وقوة العزم على إرتقاء مدارج السمو. لن يستوي الناس في حيازة شروط التدبر هذه لتفاوت الهمم وتباين الارادات وإختلاف الاستعدادات، فكل أمرء ينال من ثمرات التدبر بقدر ما فيه من صدق وصفاء وتعظيم لهذا الكتاب.

إن التلاوة المجردة من التدبر تتحول الى تلاوة كمية – عسى أن يؤجر صاحبها- ولكنها لا تسمو بالروح ولا تزكي النفس ولا تشفي الصدور ولا تذهب الأحزان ولا تخرج القلب من حالة الجمود والتيبس والقسوة الى حالة السكينة والإنشراح والفرح بفضل وبرحمته.

القراءة المتدبرة الواعية هي التي تخترق العقل فتحرر المفاهيم وترقى بالمدركات وتنير البصائر، وتخترق القلب فتورثه وجلاً وخشوعاً وشوقاً الى الله، وتلامس الروح فتسمو بها الى عوالم الرفعة والكمال الانساني.

وللقراءة التدبيرية أمارات وثمرات، أقتصر على ثلاث منها على سبيل الإشارة:

 1. الوجل، وهو الخشية الممزوجة بالتعظيم والشوق: “إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون”

 2. الصفاء والتخشع، وأمارة ذلك تصدع القلب من خشية الله: “لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله “، وصدق التفاعل مع الآي القرآني وقابلية التأثر بموعود الله ووعيده: ” ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً”.

 3. اليقظة: يقظة العقل والقلب والروح، تلك اليقظة التي تحصن الإنسان من الغفلة البهيمية وتحفظه من الركون الى الدنيا. فهو دائم الوجل، متين الصلة بالله، متواتر الاشواق إلى لقائه شديد التطلع الى الآخرة، عظيم الفرح بفضل الله وبرحمته “فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”

لا ينال هدايات القرآن إلا من تدبر معانيه وتأمل دلالاته وأنصت اليه قلبه، عندئذ يسري وهجه في ثنايا الروح فيحيلها الى شيئٍ آخر. ألم نرَ كيف ذهل الجن لسماع آيات القرآن: “فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً”، فذاقوا حلاوته وأدركوا غاياته: “يهدي الى الرشد”، فإنقلبوا مؤمنين: “فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً”، ولعمق أثر القرآن فيهم طفقوا يبشرون وينذرون: “فلما قُضي ولوا إلى قومهم منذرين” ينشرون التوحيد وينذرونهم سوء العاقبة: “يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به”.

“تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق”

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts