مقدسي الهوى يفرحه سماع الأجراس والأذان (بورتريه)

مقدسي الهوى يفرحه سماع الأجراس والأذان (بورتريه)

لا يتعب ولا يمل ولا يتراجع بدفاعه عن مدينة القدس، لا يكترث كثيرا للعواقب التي وصلت إلى محاولة تسميمه بعد أن قامت مؤسسة إسرائيلية برش مواد كيميائية سامة خطرة بالقرب من البطريركية في المدينة المقدسة.

يقول لوفد زاره أخيرا في المستشفى في العاصمة الأردنية عمان حيث يتلقى العلاج أن محاولة تسميمه قد تكون “محاولة اغتيال أو محاولة أقل من الاغتيال”، وقد تكون محاولة لإلحاق الأذى به  وإبقائه في حالة مرض دون قتله.

يقف كل يوم في الأجواء الباردة والماطرة أو شديدة الحرارة  في ساحات المسجد الأقصى  يهتف ضد الاحتلال وضد مخططاته بحق المقدسات الإسلامية.

يؤكد رئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المطران عطا الله حنا  باستمرار  قوله: ” أنا عربي فلسطيني أفتخر بأني مسيحي من الشرق”.

يعيد تكرار مصطلحات مثل ” الوعي ثم الوعي”، و”العقلانية”، مؤكدا أن الحوار الطريق الوحيد لحل مشاكل الفلسطينيين الداخلية، كما أن الوحدة والمقاومة وحدهما ، الطريق لدحر الاحتلال الإسرائيلي.

لا ييأس من توجيه نداءات استغاثة إلى كل الأحرار في العالم، وإلى كل الكنائس، وكل المرجعيات الروحية الإسلامية، للوقوف إلى جانب الفلسطينيين، لأن هدف الاحتلال ليس “سرقة الأوقاف فقط، بل إخلاء القدس من أبنائها”. بحسب المطران حنا.

يقول:” أنا في القدس منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولدت في قرية الرامة بالجليل الأعلى، وهناك أنهيت دراستي الثانوية وبعدها ذهبت إلى اليونان لدراسة اللاهوت والفلسفة، ومنذ عودتي إلى فلسطين عام 1990 وأنا موجود وباق في القدس، وكما نقول في لغتنا العربية “من عاشر القوم صار منهم”، فأنا مقدسي الهوى والانتماء، أعشق القدس ولا يمكنني أن أتصور نفسي خارجها، في صبيحة كل يوم أسمع الأجراس والأذان وألتقي مع أبناء القدس الذين أحبهم.”

يضيف “القدس التي عرفتها سابقا تختلف عن اليوم، المستوطنون أعدادهم تزايدت والاحتلال يسعى لتهميشنا ويريدنا أن نتحول إلى ضيوف في مدينتنا. لقد تغيرت القدس ولكنني لست متشائما بل إنني متفائل إلى أقصى درجة، لأن مآل كل ظالم مر من هذه الأرض إلى الزوال، وللاحتلال بداية وستكون له نهاية، وهي آتية لا محالة.”

يشتكي من تراجع  دراماتيكي في أعداد المسيحيين في القدس، فالهجرة متواصلة بسبب سياسات الاحتلال والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، وغيرها من العوامل، التي جعلت بعض المسيحيين يقررون ترك القدس والانتقال إلى أماكن أخرى.

يتحدث بألم عن هجرة داخلية بترك البلدة القديمة والإقامة في مدن أخرى داخل فلسطين مثل بيت لحم وبيت جالا مثلا، وهناك هجرة إلى أميركا وأستراليا وأوروبا.

استهداف الاحتلال للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، ولكن تداعياته تظهر أكثر لدى المسيحيين لأنهم أقل عددا. بحسب المطران.

في مدينة القدس احتفل الفلسطينيون  بإضاءة شجرة الميلاد في أكثر من مدينة وقرية، هذه الاحتفالات تقول إن الفلسطينيين على الرغم من جراحهم ومعاناتهم فإنهم يفرحون ويضيئون أنوارهم، لأنهم يعشقون الحياة والحرية ويحبون هذه الأرض، ويفخرون بموطنهم الذي ولد فيه السيد المسيح عليه السلام. كما يقول المطران بفخر وانفعال شديد.

يتحدث عن القدس بوصفها القبلة الأولى للمسيحيين وليس للمسلمين فقط،  يوضح بقوله :”  عندما  نتحدث عن القدس وفلسطين نتحدث عن مهد المسيحية، فقبل ألفي عام ولد السيد المسيح في بلادنا وانطلقت رسالته إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك فإن مدينة القدس في العرف المسيحي هي القبلة الأولى والوحيدة، وأهم الأماكن المقدسة فيها، ولا سيما كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم والبشارة في الناصرة، وغيرها”.

يدافع عن المسيحيين الفلسطينيين مؤكدا أنهم” أصيلون في انتمائهم لوطنهم وليسوا بضاعة مستوردة من الغرب، وليسوا من مخلفات حملة الفرنجة الصليبية -كما يسميها البعض- ولهم امتداد لم ينقطع لأكثر من ألفي عام، وهم مرتبطون وباقون في هذه الأرض، بالرغم من كل التحديات والظروف”.

يرفض وصف المسيحيين في فلسطين بالطوائف يقول: “لا وجود للطوائف في فلسطين، والمسيحيون هنا ليسوا طائفة. هم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني الأصيل، بامتداده الإقليمي، وواجباته الوطنية حيال فلسطين والدول العربية.”

يواصل التأكيد  على عروبة المسيحيين والانتماء العربي للقومية العربية، والانتماء إلى شعب مناضل، شعب يسعى، منذ عشرات السنين، لنيل الحرية. يقول:” ليس لدي إحصائية بما قدم المسيحي أو المسلم، فنحن في بلادنا لا نقسم الشهداء إلى مسيحيين أو مسلمين، فكل الشهداء شهداؤنا “.

يتحدث بغضب حول ما يسمى “المسيحية الصهيونية” قائلا إن هذا مصطلح :”ليس موجودا في مفرداتنا الكنسية واللاهوتية ولا يوجد هنالك شيء اسمه “مسيحية صهيونية” ومن اوجد هذا التيار المتصهين في أمريكا وفي غيرها من الأماكن إنما هدفه هو الإساءة للديانة المسيحية وتفسير الكتاب المقدس بشكل مغلوط وفق أجنداتهم وبرامجهم وأهدافهم السياسية”.

يضيف “هم اقرب إلى اليهودية الصهيونية، وأدبياتهم لا علاقة لها بالقيم المسيحية وبالتراث والتقليد المسيحي العريق” موضحا أن هذا التيار وجد “خدمة للمشروع الصهيوني الإرهابي العنصري وهؤلاء يستغلون المسيحية ويتخذونها طلاء خارجيا لهم في حين أن معتقداتهم هي غريبة ومناقضة لقيم الانجيل المقدس”.

معربا عن أمله في أن لا تصف وسائل الإعلام التي تريد أن تتحدث عن هذا التيار بـ “المسيحية الصهيونية ” لأن هذا “يسيء للمسيحية المشرقية النقية التي بزغ نورها من فلسطين ومن انطاكيه والاسكندرية ومن هذا المشرق وانتقلت رسالتها إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنه يمكن وصف هذا التيار بالمتصهينين الذين يطلقون على أنفسهم زورا وبهتانا بأنهم مسيحيون.”

وقال “هؤلاء عندما يأتون إلى فلسطين لا يزورون كنيسة المهد وكنيسة القيامة ولا يهتمون اطلاقا بمسألة الحضور المسيحي في فلسطين وفي المشرق العربي، بل هؤلاء هم جزء من المشروع التدميري الذي استهدف مشرقنا وشرد الكثيرين من المسيحيين، كما أنهم جزء من المؤامرة التي تستهدف مدينة القدس والقضية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني المظلوم”.

يواصل المطران حنا عطالله معركته في شحذ الهمم للصمود والبقاء في فلسطين  والدفاع عن القدس ومقدساتها وأوقافها والانحياز لهذا المشرق وهويته الحضارية والروحية والإنسانية، وتأكيد الصلة التاريخية والدينية والقومية بين مسيحيي الشرق وفلسطين.

المطران حنا يرد على محاولة اغتياله مؤكدا أنه “لا توجد قوة قادرة على إسكاتنا أيا كانت الوسائل المستخدمة في ذلك”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: