الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)
نشرة فاعتبروا (250)
- كنت طالبا في جامعة مانشستر، واضطررت لتصوير بعض الأوراق، وبالعادة يتقاضون أجرا رمزيا، وكنت مستعجلا لأن موعد الباص قد دنا، فلما أردت دفع القيمة وهي 99 بنس لم أجد فكة، فأعطيتها باوند وانصرفت مستعجلا، فلحقت بي خارج المكتب لتعطيني واحد بنس فقط لا غير، فقلت لها: لا داعي لذلك، فقالت: المبدأ مبدأ بغض النظر عن القيمة.
- الأمانة مبدأ بغض النظرعن كمية المسروق، والصدق مبدأ بغض النظرعن حجم الكذبة وهوية المكذوب عليه، لهذا لما ارتحل البخاري لطلب حديث من رجل، وجده قد أومأ لحماره أن في حجره طعام له، كي يطاوعه ويمشي، فتركه البخاري ولم يأخذ عنه.
- لأنه اعتبر أن من يكذب على حمار سيكذب على إنسان، ونحن على يقين أن حامي الجراد لن يخيب ظن إنسان احتمی به، فمن لم يخذل جرادة لن يخذل إنسانا، إن الأمور الكبيرة لها مؤشرات صغيرة!، استعمال هاتف العمل لأغراضك الشخصية،على بساطته خيانة.
- هذا يعني أن عندك استعداد أن تنتفع بكل ما يقع تحت يدك ولو لم يحق لك، قد أبدو مثاليًا بكلامي، ولكني لستُ كذلك بأفعالي، أنا أيضا أستخدم لمصلحتي أشياء صغيرة لا يحق لي استخدامها، ولكن ما كان لي أن أجعل الخطأ صوابأ لأني أرتكبه.
- v قدم على عمر بن عبد العزيز أحد ولاته، فأخذ عمر يسأله عن حال الرعية وأمور الناس، ولما فرغ منه التفت إليه الوالي وقال له: وأنت كيف حالك يا أمير المؤمنين فقال له انتظر!، وقام وأطفأ القنديل الكبير وأضاء قنديلا صغيرًا، فسأله الوالي: لمَ فعلت هذا؟!، فقال له: القنديل الأول من بيت المال وزيته من مال المسلمين وكنا ندبّر أمرهم، أما وقد فرغنا فما يحق لي، أنت تسأل عن حالي وما كان لي لأجيبك تحت ضوء قنديلهم، أنا بخير والحمد لله!
هدية النبي لعبد الله بن أنيس
- كان الصحابي الجليل عبد الله بن أنيس من الأنصار السابقين إلى الإسلام، بايع النبيّ على الإيمان في بيعة العقبة الأولى، وكان النبيّ قد انتدبه لمهمّةٍ بمفرده؛ إذ كلّفه بقتل خالد بن سفيان، الذي بدأ يجمع العرب لقتال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاستدعى الرسول عبد الله وأوكله بالمهمّة، ووصف له الرجل الذي سيقتله، فلمّا تنكّر عبد الله وجعل الخدع ليصل إلى الرجل تمكّن منه فقتله، فعاد إلى النبيّ متهلّلاً مستبشراً، فرضي له رسول الله ذلك، وأعطاه عصا، فتعجّب عبد الله من العصا، وسأل النبيّ عن سبب إعطائه إياها، فقال له رسول الله: “آيةٌ بَيْني وبَيْنَكَ يومَ القيامةِ إنَّ أقلَّ النَّاسِ المُتخِّصرونَ يومَئذٍ”، فاحتفظ بها عبد الله حتى مات، ووضعت معه في كفنه.