“موسم سيدنا النبي”… طقوس احتفالية وأطباق تقليدية في الجزائر

“موسم سيدنا النبي”… طقوس احتفالية وأطباق تقليدية في الجزائر

البوصلة – يحظى الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في الجزائر باهتمام شعبي كبير، فالرمزية الدينية التي تحملها هذه المناسبة والطقوس والعادات الاجتماعية التي تتشابه بين مختلف المناطق، جعلتها تأخذ طابعاً احتفالياً مميزاً عاماً بعد عام. وتُعد هذه المناسبة فرصة لإحياء الروابط العائلية وتلقّي التهاني وتبادل الزيارات، ويصفها الجزائريون بـ “موسم سيدنا النبي”، وتحرص العائلات على إعداد الوجبات التقليدية والحلويات التي يتشاركها الجيران، بالإضافة إلى توزيع الطعام على الفقراء.

وغالباً ما يحضر الكسكسي والشخشوخة والتريدة على مائدة “عشاء المولد”، ما يدفع العائلات إلى شراء اللحوم والدجاج والحمص، لأنها من المكونات الرئيسية التي تستخدمها النساء خلال الطهي.

لمّة عائلية
تقول سامية هني، لـ”العربي الجديد”، إن ذكرى المولد النبوي فرصة لتلاقي الأسر، خصوصا بعد عامين من الإغلاق عاشتهما الجزائر والعالم بسبب تفشي وباء كورونا، وبالتالي سيكون الاحتفال هذا العام أجمل، مشددة على أن إحياء الذكرى يساهم في تمتين الروابط الأسرية، بعدما أثّر عليها الوباء ووسائل التواصل الاجتماعي.

في شوارع المدن الداخلية، خصوصاً في الأسواق الشعبية، تصدح الأصوات لاستقطاب الزبائن لشراء العجائن التقليدية التي تحضّرها النساء في البيوت. ويقبل الناس على شراء عجائن “الرشتة النيئة” التي يزدهر بيعها خلال هذه المناسبة، خصوصاً في العاصمة الجزائرية والمدن المجاورة لها، كالبليدة وبومرداس. ويُعد طبق “الرّشتة” (رقائق طويلة تشبه المعكرونة) أحد أهم الأطباق التي تعتمدها المرأة الجزائرية أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوي وغيرها من المناسبات. ويتألف الطبق من البصل المفروم والحمص والفلفل والدجاج واللفت، تضاف إليه بهارات الزنجبيل والقرفة والفلفل الأسود وحبات الهال.

بالإضافة إلى طبق الرّشتة، هناك طبقا الشخشوخة والتّريدة، ويطهيان باللحمة بدلاً من الدجاج والخضار، مثل الجزر والكوسة والحمص.
تقول فريدة بوسان، وهي من منطقة برج بوعريريج شرق الجزائر، إن رفيس التمر هو أيضا أحد الأطباق التقليدية الذي يتم تحضيره بمناسبة المولد النبوي، ويتم تناوله مع اللبن. وتوضح لـ”العربي الجديد” أن عشاء المولد يجمع الأسرة حول طبق تقليدي لا يمكن التخلي عنه عاما بعد عام، عدا عن الحناء للأطفال، وهو ما يزيد من فرحتهم بهذه المناسبة.

يكثر من الدعاء في هذه المناسبة (Getty)
يُكثر من الدعاء في هذه المناسبة (Getty)

ويحتفل الجزائريون بهذه المناسبة على مدى يومين أو أكثر. ويطلق على الاحتفال بذكرى المولد النبوي في البلاد طقس المولد أو احتفال المولد أو موسم المولد، ويعبّر الناس من خلاله عن مشاعرهم بهذه المناسبة، خصوصاً في مناطق أدرار وتيميمون جنوب الجزائر، التي تُعرف بإقامة احتفالات السبوع، وتنظم سهرات على مدار الأسبوع تشمل المديح النبوي وإعطاء الدروس والندوات حول المناسبة.

وتشهد العديد من المناطق إقامة رقصات فلكلورية والحضرة النبوية في مناطق قسنطينة وعنابة والببض ومستغانم. كما تفتح أبواب المساجد طوال يوم المولد، ليتاح للناس وضع التصدّق ليوزع المال على الفقراء من خلال صندوق الزكاة الخاص بكل جامع.

إلى ذلك، يقول أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة طاهري محمد بشار إن هذه العادات تعبّر عن إرث ثقافي ينتقل من جيل إلى جيل، ويُعد حلقة وصل بين الأجيال، ويسعى الجزائريون إلى إبقاء الذكرى حية من عام إلى آخر وفرصة للإكثار من الدعاء. وتُعد المناسبة القدسية هذه فرصة لفضّ الخصومات بين الأفراد. يضيف، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن الطقوس الاحتفالية الدينية تساهم في إشباع حاجات الأفراد وتحقيق التكامل والاستقرار الاجتماعي داخل المجموعة الواحدة، كما تساعد على ضبط وتنظيم السلوك داخل المجتمع.

تضامن اجتماعي 
وتساهم هذه المناسبة في إدخال الفرحة على قلوب الفئات المحرومة في الجزائر، ما يعد تجسيداً للتضامن الاجتماعي.

وتقام الولائم التي يطغى عليها الطابع التقليدي لصالح العائلات المعوزة، أو توزع اللحوم على مختلف الأسر. في هذا السياق، يقول عضو جمعية “ناس الخير” في منطقة غليزان (غرب الجزائر)، فريد مرواني، لـ”العربي الجديد”، إن هذه الولائم تساهم في تكريس روح التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء، مضيفاً أن هذه المناسبة “تخلق تماسكاً بين الأفراد في القرى والأحياء، وتؤكد على الهوية المشتركة في المجتمع”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: