نخبٌ تحذر من تغييب “الحوار” قبل إقرار قوانين تمس كل الأردنيين

نخبٌ تحذر من تغييب “الحوار” قبل إقرار قوانين تمس كل الأردنيين

عمّان – رائد صبيح

في الوقت الذي تزعم فيه الحكومة ومجلس النواب إجراء حواراتٍ موسعةٍ حول مشاريع قوانين بالغة الحساسية وتمس المجتمع الأردني وقطاعاتٍ حساسة بشكلٍ مباشرٍ، يكتشف الشارع الأردني بأنّ الجهات صاحبة العلاقة في مثل تلك القوانين مغيبة تمامًا عن أيّ دعوة للحوار وإبداء رأيها وتخوفاتها والتخفيف من قلق الشارع الأردني حيالها.

فمشاريع قوانين متعلقة بالضمان الاجتماعي وحقوق الطفل والمجلس الطبي وما سبقها من قوانين بالطريقة ذاتها، يتمّ السعي لـ “سلقها” وتمريرها عبر هذا المجلس وهذه الحكومة رغم كل التحفظات والتخوفات الشعبية تجاههها، الأمر الذي يفاقم “أزمة الثقة” ويعمقها، بحسب مراقبين.  

تشريعات لخدمة الناس وليست لإقلاقهم

وقالت النائب السابق هدى العتوم في تصريحاتها لـ “البوصلة” إنّ الأصل في التشريعات أنّها تأتي لخدمة الناس ولا تأتي لإقلاق راحتهم، معبرة عن أسفها الشديد من أنّ عدم وجود حوار مفتوح يؤدي إلى تجاوزات على القانون، لا سيما وأنّ القانون يأتي تحت مظلة الحوارات والمداولات حتى من يشارك في صناعة القانون وتشريعه ومن يؤمن به يلتزم به في النهاية.

ولفتت إلى أنّه “إن لم يكن المواطن مؤمنًا بالقانون ويعلم أن هذا القانون ضد مصلحته وعلى عكس ما يجب أن تكون عليه القوانين كيف تريد من الناس أن تؤمن بأنّ العجلة التشريعية حقيقية وسليمة”.

وطالبت العتوم الحكومة ومجلس النواب بتحسس الرأي الشعبي الواعي الذي يُثار على مواقع التواصل الاجتماعي من أناس واعية تقرأ وتفهم، مؤكدة على ضرورة  أن يلتفت المسؤولون لكل هذه الآراء والتخوفات من كافة أصناف الناس وتوجهاتهم سواء كان لديه ثقافة عالية جدًا في أي مجال أو من عنده ثقافة بسيطة جدًا، أو من عنده تخوفات وقلق إزاء التشريعات.

وشددت على أنّ “أخذ الآراء والمداولات من أجل اتساع الآفاق ومعرفة التخوفات والتخلص من شوائب القوانين”، منوهة إلى أنّه عندما “تشرع اللجان المختصة في مجلس النواب القوانين ولا تسمع إلا نفسها، ستضطر لتعديله أكثر من مرة، وهذا ما يحصل في قوانينا للأسف”.

أزمة ثقة تتفاقم

وقالت العتوم إنّ “أزمة الثقة بين الدولة والمواطن حاصلة وما يجري من تغييب للحوار الحقيقي يعمقها بكل أسف أكثر، والدائرتان اللتان تسهمان بتعميق الفجوة هما مجلس النواب الذي من المفترض أن يكون هو المرجعية التشريعية والحكومة التي تقدم مثل هذه القوانين التي تسبب الجدل من الأساس، وهما تتحملان المسؤولية عن ذلك”.

وأوضحت: “عندما كنا نجلس كلجان نيابية على طاولة الحوار مع مؤسسات المجتمع المدني والفئات المعنية بالقانون، في الحقيقة كنّا نستفيد منهم أكثر من القانون بذاته، لأنّه من يطبق القانون ويعلم مداخله ومخارجه يستطيع أن يعطيك بالضبط حاجة هذا القطاع وحاجة هذا الميدان”.

وحذرت من أنه “عندما نستثني أهل الميدان أنفسهم كيف نستطيع أن ننزل إلى الواقع، وأنت تنظر في مكان كحكومة ومجلس نواب من برجك والواقع مختلف تمامًا، ولذلك يجب أن تأتي بأهل الواقع لأخذ وجهة نظرهم حتى ينزلوا قانونك لأرض الواقع، وكل القوانين بتخصصاتها أن تناقش وتعديلاتها مع الفئة المعنية”.

15 جهة معتبرة تغيب عن مناقشة قانون حقوق الطفل

وقالت النائب هدى العتوم لـ “البوصلة“: على سبيل المثال في قانون حقوق الطفل وجهنا مذكرة وقعت عليها رابطة علماء الأردن وأكثر من 14 جهة من مؤسسات المجتمع المدني المعتبرة؛ لكن للأسف لا أعلم حتى اللحظة أنّ اللجنة النيابية المعنية بمناقشة القانون استدعت أيًا من الموقعين على هذه المذكرة لأي حوار داخل أروقة المجلس.

وأضافت إن قضية التطمينات بأنّ ما يجري من مداولات اليوم تأخذ جميع الآراء، ليس صحيحًا، ويجب أن تجلس اللجنة المعنية بمناقشة أي قانون مع الناس على طاولة الحوار، وما يُتحدث به من بعيد، ليس كما يُتحدث به على طاولة البرلمان وأروقته.

وشددت العتوم على أنّ “الأصل دعوة جميع الفئات من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وغيرها من الجهات المعنية بالقوانين مثار الجدل والنقاش، لأن مجلس النواب يشرع لـ 11 مليون مواطن في هذا البلد ولهم عليكم حق بأن يكون لهم ممثلون ينطقون بأصواتهم”.

ولفتت إلى أنّه “في النهاية هؤلاء يعبرون عن صوت وضمير الناس، إن لم تأخذ بذلك فمتى تكون التشريعات تمس حاجات الناس وتزرع الطمأنينة في هذا البلد”.

وختمت حديثها بالقول: قانون الطفل عمل قلقًا في كل بيت، حتى الناس الذين لا يعلمون شيئًا عن أبعاده ومواده، والبيئة لا تسمح بزيادة التوتر والضغط في الشارع الأردني ولا زيادة الهموم لدى المجتمع الأردني، ولم يبق لدى الأردنيين شيئًا يكافحوا من أجله سوى أبنائهم واليوم جعلتم الأردنيين يكافحون مرة أخرى كيف نحمي أبناءنا من قوانين الحكومة وهذا شيءٌ غير منطقي.

غضب تجاه تعديلات “الضمان”

ليس هذا فحسب، فقد أثارت تعديلات قانون الضمان الاجتماعي جدلاً واسعًا، فيما اتهم خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي مؤسسة الضمان الاجتماعي بتغييب الحوار حول تعديلات القانون المقدمة لمجلس النواب.

وتساءل الصبيحي في منشورٍ له على موقع “فسبوك” رصدته “البوصلة“: أين الحوار الوطني الذي أطلقتموه حول مقترحات التعديل، وأنتم كل فترة تخرجون بمقترحات تعديل جديدة.

وأضاف، “عن أي انفتاح وشفافية تتحدث الحكومة إذا كان المسؤولون على هذه الشاكلة من التخوّف والارتباك وعدم الثقة بالنفس وعدم القدرة على تحمّل الرأي الآخر، كيف سيحدث الإصلاح والتغيير إذا كان المسؤول العام لا يُطيق مَنْ يعارض سياساته وآراءه واجتهاداته وقراراته؟”.

وشدد على أنّ “هذا الموضوع جدّ خطير، والمسألة تتجاوز عدم الرغبة بحضور موسى أو فيصل أو محمد أو أيمن أو غيرهم لهكذا فعالية، إنها مؤشّر خطير لما وصلت إليه الإدارة العامة في الدولة من ضعف وارتباك وتلكّؤ وعدم ثقة.. ثم يتساءلون لماذا ثمة هُوّة سحيقة بين المواطن والدولة!”.

نقابة الأطباء آخر من يعلم

من جانبه أكد النائب صالح العرموطي في تصريحاته لـ “البوصلة” أن الحكومة لم تقم باستشارة نقابة الأطباء والخدمات الطبية الملكية في مشروع قانون المجلس الطبي الأردني لسنة 2022 التي قدمتها إلى مجلس النواب، مستغربا تجاوز هذه الجهات الطبية الهامة في المملكة.

يذكر أن رؤساء جمعيات علمية في نقابة الأطباء وعددها 51 جمعية، أبلغوا بكتاب رسمي وجّه لوزير الصحة أن مشروع قانون المجلس الطبي الأردني لسنة 2022 “لا يصلح”، وفقا لنقيب الأطباء، زياد الزعبي.

وقال الزعبي، لبرنامج “صوت المملكة”، الخميس، إنّ 38 ألف طبيب وطبية منتسبون لدى نقابة الأطباء، حيث إنّ الجمعيات العلمية اجتمعت وقررت بأن مشروع القانون “لا يصلح”.

وأضاف، أنّه لم يتم استشارة النقابة في صياغة مشروع قانون المجلس الطبي الأردني الذي أعيد تسميته بعد إقراره المجلس الأردني للاختصاصات الصحية لسنة 2022، في الوقت الذي قال فيه عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية محمد الخلايلة إنه تم عقد اجتماعات مع نقابة الأطباء وقطاعات طبية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: