نخبٌ تدعو لتذليل العقبات وإتمام المصالحة الفلسطينية خلف مشروعها الوطني

نخبٌ تدعو لتذليل العقبات وإتمام المصالحة الفلسطينية خلف مشروعها الوطني

كاظم عايش: لا بد من التوحد خلف الروح التي تسري في الشعب الفلسطيني ويجب أن نكون جميعًا وراءها داعمين لها

عاطف الجولاني: يجب مواصلة العمل فلسطينياً لتذليل العقبات الذاتية التي تعترض طريق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام

عمّان – رائد صبيح

على الرغم من حالة الإحباط التي يبديها مراقبون للحالة الفلسطينية الداخلية، وعجز مسار المصالحة من التقدم خطوة نحو الأمام رغم الجهود المبذولة في هذا السياق عربيًا وداخليًا وآخرها وثيقة “إعلان الجزائر” التي ما زالت عاجزة عن الشعار الذي حملته وهو “لم الشمل الفلسطيني وتحقيق الوحدة الفلسطينية”، إلا أنّ الدعوات ما تزال مستمرة لجميع الأطراف الفلسطينية لاستثمار اللحظة التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية وتذليل العقبات وصولاً لمشروع وطني فلسطيني يكون مظلة لجميع الفلسطينيين.

وأصدر مركز الزيتونة ورقة عملٍ ورقة سياسات بعنوان: فرص ”إعلان الجزائر“ في إنجاز المصالحة الفلسطينية ، أعدها الخبير في الشؤون السياسية والإستراتيجية الفلسطينية عاطف الجولاني، يؤكد فيها بأنّه وعلى الرغم من تضاؤل فرص نجاح المصالحة، وصعوبة الرهان على إنجاز تقدّم مهم خلال الفترة القادمة، إلا أنّه لا بدّ من “مواصلة العمل فلسطينياً لتذليل العقبات الذاتية التي تعترض طريق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام”.

كما أكد الجولاني على ضرورة “مواصلة الجهود لتشكيل الجبهة الفلسطينية الموحدة خلال الفترة القادمة التي تضغط باتجاه إصلاح البيت الفلسطيني، وإيجاد البيئة المناسبة لذلك. فليس ثمة تعارض بين التجاوب مع أي جهود عربية أو إقليمية أو دولية لإنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية، وبين بناء اصطفاف وطني يدعم المقاومة ويتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية”.

المصالحة مطلب عربي فلسطيني على كل المستويات

بدوره قال رئيس جمعية حق العودة للاجئين الفلسطينيين كاظم عايش في تصريحاته لـ “البوصلة”: إنّ المصالحة الفلسطينية مطلبٌ فلسطينيٌ على كل المستويات الشعبية والرسمية، وحتى أنّه مطلبٌ عربي، على الرغم من كل المصاعب والتحديات التي تواجهها.

ولفت عايش إلا أنه ينبغي الإجابة على سؤال محوري حول الأطراف التي يجب عليها أن تنخرط بشكل حقيقي في مصالحة حقيقية وتقديم تنازلات حقيقية لجعل هذا الهدف الأسمى يتحقق وفهم “عقدة المنشار” التي توضع بوجه هذه المصالحة، مؤكدًا على أنّ الإجابة المفترضة أنها يجب أن تكون بين أكبر فصيلين في الساحة الفلسطينية وهما فتح وحماس.

وأوضح أنّ “ما يحصل على الأرض أنّ حركة فتح لا تستطيع القيام بهذه المصالحة لأنّها رهنت قرارها للسلطة الفلسطينية التي تمثل العصب بالنسبة لها لا سيما وأنّها المستفيدة من وضع السلطة، ولذلك هي اعجز من أن تقدم على مصالحة حقيقية، على الرغم من وجود الكثير من الأفراد الوطنيين من أبناء فتح  الراغبين بالمصالحة، ولكن المتنفذين في فتح ممّن يقودون السلطة هؤلاء لا يستطيعون لأنّ هنالك شروطًا مفروضة على وجودهم في السلطة”.

عقدة المنشار بوجه المصالحة

ولفت عايش إلى أنّ “المطلوب من أي فلسطيني يريد أن ينخرط في قيادة مشروع للشعب الفلسطيني أن يوافق على الشرعية الدولية وقراراتها والاعتراف بالرباعية الدولية وقراراتها والاعتراف بـ “إسرائيل” يأتي ضمنًا، والتخلي عن الجزء الأكبر من أرض فلسطين المحتلة”.

وأكد أنّ “هذه عقدة المنشار في موضوع المصالحة الفلسطينية، ولذلك هم لا يستطيعون القول إنهم لا يريدون المصالحة، ولكن يقولون نحن نريد المصالحة، وعندما يجلسون على طاولة الحوار والمصالحة يقولون لهم عليكم الاعتراف بما يفرضه المجتمع الدولي علينا من شروط ومن ضمنها الاعتراف بالكيان الصهيوني”.

وشدد عايش على أنّه “لا يمكن لفتح أن تتخلى عن السلطة ومكاسبها، وإن فعلت ذلك وأرادت خوض معركتها مع المحتل هي تعرف الثمن جيدًا، وحينها سيغلق الباب عليها، كما أغلق العالم الباب على الحكومة المنتخبة التي ترأستها حماس ولم يعترف بها العالم، وافتعل لها العالم كل المشاكل حتى وصلنا لحالة الانقسام الفلسطيني التي نشهدها اليوم”.

ونوه إلى أنّ “فتح ليس لها شريك في السلطة، والأطراف الأخرى بما فيها حماس حين تجلس على طاولة الحوار تتحدث عن حدٍ أدنى من الشراكة في إدارة الحالة الفلسطينية إن أمكن تسميتها، فيطالبون بوقف التنسيق الأمني، وقد تتنازل فتح عن إلزام  حركة حماس أو غيرها في الكيان الصهيوني أو بعض القرارات المتعلقة بإفرازات أسلو”.

تفاهمات بإطار شكلي ودون أثر

واستدرك رئيس مركز حق العودة بالقول: لكن للأسف لا نتيجة لهذه التفاهمات وتبقى في إطارها الشكلي وقراراتها الثانوية، ولا قيمة لها طالما أنّ حركة فتح لا تنوي بسبب انخراطها في السلطة أن تقدم أي تنازلات خوفًا من انقطاع الدعم المادي الدولي والعربي عنها، وستحاصرها إسرائيل كما فعلت في ياسر عرفات عندما أراد الخروج عن النص الدولي المرسوم له”.

وتابع عايش بالقول: “ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يعلم أنّ مصيره لن يكون أحسن حالاً من عرفات إذا ما أقدم على تعديل المسار”.

وشدد على أنّ “الكيان الصهيوني هش ولولا الدعم الخارجي من أمريكا وغيرها لسقط منذ زمن، ولو قرر الفلسطينيون أن يتوحدوا خلف مشروع فلسطيني واحد، هذا سيسهم حتمًا في تعجيل انتهاء المشروع الصهيوني”.

ولفت إلى أنّ “الصهاينة لا يستمدون قوتهم من ذاتهم ومن داخلهم بل من حبل الناس الممدود لهم، الذي يجعل كيانهم قائمًا ومستمرًا، والمراهنة ليست على ضعف الكيان الصهيوني وحده، بل يجب أن يضعف الكيان الذي يمده بأسباب القوة من أمريكا وغيرها، وإن لم ترتخي قبضة أمريكا عن العالم وقطبيتها الواحدة، من الصعوبة بمكان أن نتحدث عن حالة ضعف في الكيان الصهيوني، لا سيما وأنّ المسألة أكبر من أن تكون محصورة في هذا الكيان”.

رسالة لجميع الأطراف الفلسطينية

وقال عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ الرسالة الأخيرة لأطراف الحوار والمصالحة الفلسطينية هي تلك التي يرسلها الشباب المقاوم الذين يضحون بأرواحهم ويظهروا كم الكيان الصهيوني هشٌ وهزيلٌ ولا يستطيع أن يواجه الشعب الفلسطيني بحال قرر هذا الشعب أن يأخذ حقه بالقوة والمواجهة والمقاومة والرفض لكل ما يفرض عليه.

وختم بالقول: الرسالة واضحة أنّه لا بد من التوحد خلف الروح التي تسري في الشعب الفلسطيني ويجب أن نكون جميعًا وراءها داعمين لها، لا أن ننسق أمنيًا للقبض على المقاومين وعلى عرين الأسود وغيرها من الظواهر الحيّة في الشعب الفلسطين، بل لا بد من دعمها حتى يتهيأ لنا بيئة دولية وإقليمية أفضل، حتى نستعيد حقوقنا وأعتقد أن ذلك ليس صعبًا، وبقاء الشعب الفلسطيني على مسار المقاومة سيجعل العالم يخضع في النهاية له لأنه لا يضيع حقٌ وراءه مطالب لا سيما إن كان من هؤلاء الشباب المقاومين الأبطال المؤمنين الذين يضحون  بأرواحهم من أجل أوطانهم.

دعوة لجبهة فلسطينية موحدة رغم المعوقات الكبيرة

وأصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة سياسات بعنوان: (فرص “إعلان الجزائر” في إنجاز المصالحة الفلسطينية)، وبحثت الورقة في فرص الاتفاق الجديد الذي وقَّعت عليه الفصائل الفلسطينية بتاريخ 2022/10/13 لإنجاز مصالحة فلسطينية جديّة تفتح المجال أمام تحقيق التوافق الوطني، وإعادة بناء مؤسسات القرار على أسس ديمقراطية، وإجراء الانتخابات التي تمّ تأجيلها قبل عامين إلى أجل غير محدد.

وناقشت الورقة السيناريوهات المحتملة لمستقبل المصالحة الفلسطينية، وخلصت إلى ضعف فرص إنجاز المصالحة وفق السقوف الزمنية التي حددها “إعلان الجزائر” ضمن المعطيات الراهنة وفي ظلّ المعوقات الكثيرة التي تواجهها، مع عدم التقليل من أهمية وتأثير الدور الجزائري في حال توفّرت الجديّة والرغبة القوية بمتابعة الجهود لتنفيذ “إعلان الجزائر”. وأشارت إلى أن أجواء المصالحات العربية والإقليمية يمكن أن تساعد في تذليل بعض العقبات.

وعلى الرغم من تضاؤل فرص نجاح المصالحة، وصعوبة الرهان على إنجاز تقدّم مهم خلال الفترة القادمة، فقد أوصت الورقة بمواصلة العمل فلسطينياً لتذليل العقبات الذاتية التي تعترض طريق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام. وفي حال لم تتوفّر القناعة بإمكانية إنجاز ذلك ضمن الظروف والمعطيات الراهنة، فلا ينبغي التقليل من أهمية تنسيق الجهود فلسطينياً خلال المرحلة القادمة لمواجهة التداعيات المتوقّعة لهيمنة اليمين المتطرف على المشهد السياسي في الكيان الصهيوني.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقّعت الفصائل الفلسطينية وثيقة “إعلان الجزائر” للمصالحة، في ختام أعمال مؤتمر “لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”.

ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بزعامة الرئيس محمود عباس.

لمطالعة الورقة السياسية التي أصدرها مركز الزيتونة كاملة.

ورقة سياسات: فرص ”إعلان الجزائر“ في إنجاز المصالحة الفلسطينية

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: