نخب لـ “البوصلة”: أي خطاب إعلامي غربي “عنصري” مدانٌ ومرفوضٌ

نخب لـ “البوصلة”: أي خطاب إعلامي غربي “عنصري” مدانٌ ومرفوضٌ

طالبوا المؤسسات الإعلامية الغربية بامتلاك جرأة الاعتذار ومحاسبة المتجاوزين

عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة القضاة لـ “البوصلة”:

– المبادئ التي ينادي بها الغرب ديكورية لخدمة أهداف سياسية.

– كثير من الإعلام الغربي يتلاعب بالمصطلحات وصرنا ضحايا لـ “التنميط” الذي يمارسه ضدنا.

– الإعلام العربي يتبنّى قشور الإعلام الغربي ونسينا قضايانا الأساسية.

– لا توجد على الإطلاق وسيلة إعلام محايدة والإعلام الغربي تحول لـ “إعلام دولة” يدافع عن نفسه.

الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور لـ “البوصلة”:

– أي خطابٍ عنصريٍ يحاول أن يسيء لمكانة الناس بسبب عرقهم أو دينهم مرفوضٌ تماماً.

– المعياران الأساسيان اللذان يجب أن تلتزمهما وسائل الإعلام هما حقوق الإنسان وتحري الحقيقة.

– يجب على الإعلاميين الغربيين امتلاك الجرأة للاعتذار عن أخطاء الخطاب العنصري.

– الإنسانية لا تتجزأ ويجب أن نقف ضد الحروب وسقوط الضحايا ومع حق الناس في تقرير مصيرها.

عمان – رائد صبيح

أثار “الخطاب الإعلامي العنصري” الذي مارسه عددٌ من صحفيي ومراسلي قنوات إعلامية غربية كبرى استياءً عربيًا وإسلاميًا، لا سيما وما حمله من مقارنات وتعبيرات تعد “تنميطًا، وتمييزاً” يسيء لحقوق الإنسان وترفضه أخلاقيات الإعلام المهني، واحتوى في طياته دفاعًا عن حقوق الإنسان في أوكرانيا ورفض الحرب التي تجري فيها باعتبارها جزءًا من العالم المتحضر وليست دولة من دول العالم الثالث كالعراق وسوريا وأفغانستان حتى يجري فيها ما يجري، وكأنّ الحديث يوحي بأنّ الحقوق الإنسانية تتجزأ فتمنح لطبقة وتحجب عن آخرين.

هذا السلوك الصادر عن بعض الإعلاميين الغربيين، لقي استهجانًا ورفضًا واسعين، واعتبره مراقبون يمس أخلاقيات الإعلام وموضوعيته في الصميم، فيما وصفه آخرون بـ “المعايير الغربية المزدوجة” حين يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين، التي تغير المعايير إن وقع الانتهاك بحق “أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء” من مواطني الدول الغربية.

ورفضت نخبٌ إعلامية أردنية تحدثت إليها “البوصلة” هذا الخطاب الإعلامي العنصري الموجه ضدّ فئة بعينها، مؤكدين على أنّ المعايير المزدوجة والتنميط الذي يمارسه بعض الإعلاميين الغربيين أمرٌ مستهجن وغير مقبول.

وطالبت النخب وسائل الإعلام الغربية التي وقع مراسلوها في هذه الأخطاء والتجاوزات المسيئة لمهنة الإعلام أن تمتلك جرأة الاعتذار لمن صدرت بحقهم الإساءة ومحاسبة من تجاوز أخلاقيات مهنة الصحافة ولم يلتزم بالمعايير الحقوقية التي تحترم الإنسانية ككل لا يتجزأ، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة أن يمتلك العالم العربي والإسلامي القيادات والنخب القادرة على تقديم رواية حقيقية تتبنى قضايانا وتدافع عنها بقوة في الإعلام العالمي.

المبادئ الغربية المزعومة لخدمة أغراض سياسية

وأكد عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة في تصريحاته لـ “البوصلة” على أنّ العرب والمسلمين طالما كانوا ضحايا للتلاعب بالمصطلحات والمحتوى والتنميط خلال الحروب، معبرًا في الوقت ذاته عن أسفه الشديد للعجز في القدرة على تقديم رواية حقيقية عربية تتبنّى قضايانا وتدفع بالقوة ذاتها التي تنتجها الماكينة الإعلامية الغربية حتى في تناول قضايانا.

وتابع حديثه بالقول: للأسف تابعنا بعض المقابلات التي تحدث فيها مراسلو وكالات الأنباء عن أطفال بعيون زرقاء وبشرة بيضاء وأنهم ليسوا أطفالاً من سوريا وأفغانستان، منوهًا إلى أن المبادئ التي كان ينادي بها الغرب طول الفترات الماضية ديكورية، ويستغلها لنواحي سياسية لخدمة أغراضه.

وأشار إلى عددٍ من مظاهر التضليل الإعلامي الغربي، فتم نشر صورة عهد التميمي الفلسطينية على أنها فتاة أوكرانية وتقاوم الجنود الروس، وتم وصف الأوكرانيين الذين يواجهون الدبابات الروسية بأنّهم أبطال، فيما الإعلام ذاته كان يصف مقاولة الفلسطيني لدولة الاحتلال المعتدية ويقف بوجه دباباتهم بأنه إرهابي.

خالد القضاة: أصبحنا نتبنّى قشور الإعلام الغربي وتم إشغالنا بالتفاصيل حتى نسينا قضيتنا المركزية

وانتقد القضاة ما تسرب لإعلامنا من مصطلحات وصفها بـالـ “معربة”، موضحًا أننا في إعلامنا اليوم استبدلنا الاحتلال بـ “النزاع”، واستبدلنا المعتقلين بـ”الأسرى”، وتم استبدال الأرض المحتلة ومنطقة الوطن العربي بـ “الشرق الأوسط”، وأصبحنا نكرر هذه المصطلحات التي كانت في طيّها مصطلحات سياسية تسعى إلى محو قضايانا من ذهن المجتمع العربي، وتم تبنيّها من قبل وسائل الإعلام المحلية.

وتابع حديثه بالقول: في تناولنا للقضية الفلسطينية والتي طفت على السطح بالمقارنة، فنحن لا نسعى لتحسين شروط الاحتلال بل نسعى لإزالة الاحتلال، فلا نطلب بزيادة الخدمات والرعاية الصحية للمعتقلين، فنحن نريد زوال الاحتلال حتى ينال هؤلاء المعتقلين والأسرى حريتهم.

واستدرك القضاة: “أصبحنا نتبنّى قشور الإعلام الغربي وننسى قضيتنا الأساسية، فتم إشغالنا بالتفاصيل حتى نسينا قضيتنا المركزية”.

وأشار إلى أنه في قضية الحرب الروسية الأوكرانية، ذهب الإعلاميون الغربيون لأصل القضية وسموا المصطلحات بأسمائها فتحدثوا عن الاعتداء الروسي والاحتلال الروسي ونسبوا المقاومة للأوكرانيين ووصفوها بالمقاومة المشروعة التي تستحق الدعم، وركزوا على حقوق اللاجئين والدفاع عنهم ودعمهم.

العقل الذي يدير المشهد الإعلامي العربي عاجز

وانتقد القضاة ما أسماه “العقل الذي يدير المشهد الإعلامي العربي، مؤكدًا أن هذا العقل الذي يدير المشهد للأسف لم يكن بمستوى قضايانا العربية، والقيادات الإعلامية العربية انساقت وراء قصص تجميل صورة الاحتلال، ووراء مؤتمرات وندوات ودورات تدريبية، كانت في باطنها تمحو القضية الأساسية وتشغلنا بالقشورة وتشغلنا بذلك حتى امتدت تلك المصطلحات إلى وسائلنا الإعلامية وأصبحنا نتبنّاها وننشرها بلا علمٍ منا وننقلها من جيلٍ إلى جيل.

“وهنا مكمن الخطورة لأن الجيل الحالي الذي هو يقود شبكات التواصل الاجتماعي لم يعايش تلك القضايا، ولم يعش النكبة الأولى أو الثانية، وهم يرسخ في أذهانهم ما يردده الإعلام لم يعيشوا تلك القضايا ويرسخ في أذهانهم اليوم ما يردده الإعلام عن تلك القضايا”، على حد تعبيره.

وتابع حديثه: تحولت القضية الفلسطينة مثلاً إلى قضية نزاع على الأرض بدلاً من قضية احتلال، وتحولت قصة المقاومة إلى “إرهاب”، وهي مقاومة مشروعة، كما هي مشروعة في أوكرانيا، وأصبحنا ننساق وراء العناوين البراقة الغربية وننسى أنها تحمل في طياتها قتلاً لقضايانا الأساسية.

الخدعة الكبيرة.. وحياد الإعلام الغربي

ووصف القضاة ما يسمّى بحياد الإعلام الغربي وموضوعيته بـ “الخدعة الكبيرة” التي نعيشها، مشددًا على أنه: ليس هناك وسيلة إعلامية محايدة، فهناك سياسة تحريرية تضعها القيادات ولها أهداف ظاهرية وأخرى مبطنة تسعى لتحقيقها على فترات طويلة، ولا توجد على الإطلاق وسيلة إعلام محايدة.

وأشار إلى أن كل الإعلام لديه سياسة مرتبطة بمصدر التمويل سواء كانت دولة أو حزب أو منظمات، ونبحب عن مصادر التمويل لوسائل الإعلام تلك لنكتشف أهدافها.

وتابع القضاة بالقول: إن سياسات التحرير تطفوا إلى السطح وتظهر عندما تكون على المحك، وكل الغرب تنتفض في إعلامها للدفاع عن وجودها لأنها تعتقد أن دخول روسيا إلى أوكرانيا هو تهديد لأمنهم فانتفضت تلك الوسائل للدفاع عن وجودها وتحولت من الإعلام الخاص المحايد إلى إعلام دولة.

وحذر في نهاية حديثه لـ “البوصلة” من كم المعلومات الهائل التي يتلاقها الإعلام ويعيد نشرها فيما تحتوي في جوانبها كثيرًا من التضليل المركب والممنهج ويحتوي على كثير من الفنون الصحفية من صور وفيديوهات يمكن أن يخدع بها كثير من الناس، مطالبًأ الإعلاميين بضرورة التروّي قبل نشرها.

الإعلام وجرأة الاعتذار والمحاسبة

من جانبه طالب المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور في تصريحاته لـ “البوصلة” وسائل الإعلام الغربية الكبرى التي وقعت في أخطاء التمييز العنصري بضرورة امتلاك الجرأة على الاعتذار ومحاسبة الإعلاميين والصحفيين الذين مارسوا هذا السلوك الذي يمس أخلاقيات الإعلام والصحافة ويتنافى مع أهم معاييرها وهو احترام حقوق الإنسان بغض النظر عن شكله ولونه ودينه.

ولكن منصور أكد على ضرورة عدم إصدار الأحكام وتعميمها فالإعلام الغربي ليس كلاً واحدًا، وبعض الحوادث التي تحدث على لسان بعض المراسلين في هذه الوسيلة أو تلك لا يعني أن كل الإعلام الغربي عنصري أو أنه لا يتبع المعايير الإعلامية، منوهًا إلى أنه لا يجوز أن نصدر الأحكام بسبب حوادث وأخطاء هنا أو هناك، ونحن بحاجة لدراسة وأدوات للرصد وتحليل للمحتوى تعطيك معلومات حول عدد الوسائل الإعلامية الغربية التي مارست العنصرية في تغطياتها.

وشدد منصور في الوقت ذاته على أن أي “خطابٍ عنصريٍ يحاول أن يسيء لمكانة الناس استنادًا لعرق أو دين أو جنسية هذا شيءٌ مرفوضٌ ومدان، مشيرًا إلى أن المعيار الأساسي الذي نتبعه كوسائل إعلام، يتمثل أولاً في المعيار الحقوقي: حقوق الإنسان المتساوية ولا تقبل التجزئة، فكل المهاجرين ومن يضطروا بأوقات الحروب للخروج من بلدانهم يجب أن يعاملوا باحترام وتصان حقوقهم والدول موقعة على اتفاقيات بهذا السياق، وههذا بالنسبة لنا غير قابل للبس”.

نضال منصور: الإعلام منقسم إزاء الحرب في أوكرانيا لكن التضليل والأخبار الزائفة مرفوضة

وتابع بالقول: أما المعيار الثاني، فإنه يجب على الصحافة أن تلتزم بالحقيقة وتتحراها، بمعنى إذا كان هناك عربيٌ أو مسلم مارس عملاً إرهابيا، فهذا لا يعني أن كل العرب والمسلمين يمارسوا إعمالاً إرهابية وبالتالي تصنيف الناس ووصمهم وتنميطهم هذا أمرٌ مرفوضٌ تمامًا.

وأوضح منصور: هذه الهواجس التي رأيناها هي مظاهر مؤسفة لبعض مراسلي وسائل إعلام كبيرة جدًا، والمهم هنا أن بعض الصحفيين الذين أخطأوا امتلكوا شجاعة الاعتذار، وعلى وسائل الإعلام مساءلتهم لأن هناك معايير وسياسات تحرير يجب أن تكون متبعة في وسائل الإعلام المحترمة التي تتبع معايير مهنية وديمقراطية.

إعلام منقسم لكن التضليل مرفوض

وقال نضال منصور إننا إذا نظرنا للمشهد في العالم العربي تجاه تغطية الحرب في أوكرانيا سنجده منقسمًا، فجزء يعتقد أنّ روسيا هي المنقذ وأن روسيا ستعيد التوازن الإستراتيجي في المنطقة والعالم، وستحرر بعد أوكرانيا العالم، وفي المقابل هناك من يقف ضد روسيا لأنه يعتقد أنها شيوعية وماركسية، وهذا كلامٌ لا يجوز”.

وشدد منصور في ختام تصريحاته لـ “البوصلة” على أننا يجب أن نكون ضد الحروب وضد سقوط الضحايا ومع حق الناس في تقرير مصيرها وهذه المبادئ التي ندعو لها، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن التضليل والاجتزاء والأخبار الزائفة كلها مرفوضة سواء كانت في وسائل إعلام عربية أو غربية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: