نخب لـ “البوصلة”: نهج الحكومة الجبائي سياسة قصيرة النظر والقادم أخطر

نخب لـ “البوصلة”: نهج الحكومة الجبائي سياسة قصيرة النظر والقادم أخطر

المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات لـ “البوصلة”:

تفكير الحكومة قصير الأمد لتحقيق مكاسب جزئية أمرٌ خاطئ ونتائجه سلبية

نهج الجباية ورفع الأسعار  “سياسة قصيرة النظر” وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية خطيرة

هناك جهة تستغل الارتفاعات العالمية وتضخمها وتتكسب منها على حساب المواطن الأردني

الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية د. سعيد ذياب لـ “البوصلة”:

الأحزاب عاجزة عن إيجاد قوة ضغط حقيقية لقيادة الشارع وإعادة الحكومة إلى صوابها.

الغالبية الساحقة من الشعب تعاني الفقر والحرمان والحكومة تسير بنا نحو المجهول.

“لماذا تدفع الحكومة الناس إلى الخروج للشارع”.

عمّان – رائد صبيح

عبرت نخبٌ سياسية وحزبية في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن رفضها القاطع لاستمرار الحكومة بسياستها الجبائية في رفع الأسعار على حساب المواطن، محذرين من انعكاسات ذلك على الواقع الاقتصادي والاجتماعي وردات الفعل الغاضبة التي يمكن أن تحدث في المستقبل القريب.

وطالبت النخب الحكومة بالابتعاد عن “السياسات قصيرة النظر” التي تسعى لتحقيق مكاسب جزئية دون النظر بعمق لخطورة مثل هذه السياسات وانعكاساتها، مشددين على ضرورة البحث عن حلول عملية لمواجهة الأزمات الاقتصادية وتوفير عيشٍ كريمٍ للمواطنين.

كما عبرت عن استهجانها الشديد لقيام فئة باستغلال الارتفاعات العالمية بأسعار المحروقات والسلع وتضخيمها وعكسها بشكلٍ غير عادل على الأسعار المحلية بهدف التكسب على حساب المواطن الأردني، مؤكدين على رفضهم لاستمرار غياب الشفافية في ملف استيراد النفط ‏وتسعير المحروقات التي تعتبر أسعارها في الأردن من الأعلى على مستوى العالم.

سياسة جبائية قصيرة النظر

أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ استمرار الحكومة بـ “نهج الجباية” عبر استمرار رفع الأسعار بهذه الطريقة الجنونية ما هو إلا “سياسة قصيرة النظر”، محذرًا في الوقت ذاته من خطورة انعكاسات ذلك اجتماعيًا واقتصاديًا وما تؤدي له من تراكم الضغوط التي يتحمّلها المواطن والنتائج السلبية على المدى الطويل والمتوسط.

وقال الحوارات: “أعتقد أنه كان على الحكومة بدلاً من القيام بعملية الرفع أن تخفض الضرائب، فصحيح أنّ الأسعار ارتفعت عالميًا ولكن إبقاءها مع تخفيض الضرائب سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد”.

واستدرك بالقول: بالتالي الاستمرار بهذه السياسة الجبائية قد يحقق مردودًا للخزينة وهذا أمرٌ مؤكد، ولكنّه على الجانب الآخر سيؤدي لتراجع العملية الاقتصادية برمّتها، ويرفع التضخم ويقلل القدرة الشرائية لدى المواطن، ويقلل من دخل الصناعة والتجارة.

د. منذر الحوارات: الحكومة تتحدث عن مشاريع كثيرة لكن للأسف على أرض الواقع نجد صفر نتائج

وأوضح أنه “عندما ترتفع أسعار المحروقات سيقل الطلب على منتجاتها وسيعزف الناس عن شرائها لارتفاع أسعارها، وهذا الأمر سينعكس من جهة أخرى على انخفاض واردات الضرائب”، مشددًا بالقول: “إذن هي عملية وحلقة متكاملة لا يجوز فصل عراها عن بعضها البعض”.

وقال الحوارات: للأسف التفكير قصير الأمد، والذي يتوافق مع “رغبة” بتحقيق مكاسب جزئية، هذه سياسة خاطئة وستؤدي لنتائج سلبية.

ولفت إلى أنّه “صحيح أنّ الأسعار ترتفع عالميًا ولكن النسبة في الارتفاع المحلي كما يقول الخبراء ولست منهم في هذا المجال، أكثر بكثير من الزيادات العالمية، لأنّه تلحق الزيادة العالمية زيادة على المستحقات الحكومية الموضوعة من ضرائب ورسوم”.

وتابع بالقول: بالتالي على الحكومة برأيي أنه عندما يزداد السعر أن لا تفرع معه مستحقات الحكومة المرافقة لعملية الرفع، لربما هذا يخفف من وطأة الارتفاع الحاد”.

وشدد الحوارات على أن “رفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني بدون شك سيخلق أزمة اقتصادية في الداخل لن تتوقف عند الاقتصاد، وسيكون لها أزمة اجتماعية، وترتب هذه الأزمة أزمات سياسية أخرى في المقابل”.

نهج جباية وإصلاح اقتصادي لا يجتمعان

وعبر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” عن أسفه الشديد من أنّ نهج الجباية الذي تتبعه الحكومة يهدم كل مزاعمها حول مشروع الإصلاح الاقتصادي؛ مؤكدًا أنه “لا أحد يثق أنّ الحكومة جادة بتحقيق إصلاح حقيقي للاقتصاد، لأنّ التجربة تثبت أن الحراك الحكومي في هذا المجال ينصب باتجاه واحد هو زيادة وارداتها من الضرائب”.

وقال المحلل السياسي: برأيي ليس لدى الحكومة مشروع حقيقي لا سياسيًا ولا اقتصاديًا، لأنّ هذه المشاريع التي تقوم بها اليوم ما هي إلا “مشاريع ترقيعية”، والهدف منها عبور المرحلة.

وحذر من أن فكرة عبور المرحلة قد تكون مغرية في بعض المرات، لكن ما لم توجد خطة إستراتيجية تتعامل مع الواقع العام السياسي والاقتصادي بشكلٍ جوهري ينظر للمستقبل البعيد والمتوسط والقريب، هذا الأمر إن استمر بالتفكير “القطّاعي” لكل أزمة بأزمتها وأنّ المهم عدم الانتقال لمرحلة أكثر سوءًا، إن استمرأنا طريق الحل بـ “القطاعي” بغض النظر عن تداعياتها السلبية في المستقبل، وأزمة النفط عالمية وأزمة الغذاء عالمية، ولكن نسب الارتفاع محليًا أكثر بكثير من معدل الارتفاع العالمي.

وقال الحوارات إن “هذا يدلل على السياسة الجبائية التي تتبعها الحكومة وعلى غياب الرقابة”، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن رفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني دون أن تنعكس فيها قيمة الارتفاع العالمي بشكل حقيقي، فمعنى ذلك أن هناك جهة تستغل الارتفاعات وتضخمها وتتكسب منها على حساب الناس العاديين والبسطاء.

“أضف إلى ذلك أن دخل المواطن لم يزداد، فأنت كنت تشتري السلعة بنصف دينار واليوم تشتريها بضعف سعرها ولكن دخلك بقي كما هو 400 دينار، ومعنى ذلك أنّك ستزداد فقرًا وتراجعًا، وتنسحب الطبقة الوسطى وتتحول إلى طبقة فقيرة، الأمر الذي من شأنه أن يخلق ردات فعلٍ اجتماعية ستعبر عن نفسها بحالات غضب اجتماعي ولا أحد في الحكومة يريد أن يدرك ذلك”، على حد تعبيره.

وختم الحوارات حديثه بالقول: “هناك مشاريع كثيرة لدى الحكومة وهناك مقولات نسمعها كل يوم ولكن للأسف عندما نأتي لأرض الواقع نجد صفر نتائج”، على حد وصفه.

غياب الحس الحكومي بالمسؤولية تجاه الشعب

بدوره اتهم الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب في تصريحاته لـ “البوصلة” الحكومة بأنّها في حالة من “غياب الحس بالمسؤولية تجاه الشعب”، مؤكدًا على أنّ قرار رفع أسعار المحروقات من أقسى القرارات التي تتخذها الحكومة، لأنّه سيكون له تداعيات أخرى على أسعار السلع ويؤدي لموجة ارتفاع جديدة في الأسعار، وإذا ما ربطنا الموضوع بثبات دخل المواطن الذي سينعكس بحالة من الفقر والحرمان ستزداد في المستقبل.

وقال ذياب: “الغريب أن الحكومة تستسهل رفع الأسعار وفرض المزيد من الضرائب ولا تفكر بأيّ حلٍ آخر من شأنه أن يخفف الأعباء المعيشية على المواطن، وهذا إنّ دل على شيء فإنّما يدلّ على غياب الحسّ بالمسؤولية تجاه الشعب”.

د. سعيد ذياب: الحكومة إمّا أنها تسعى لتوتير الحالة المجتمعية أو أنها متأكدة من استسلام الشارع لقراراتها

واضاف، “أعجبني مداخلة أحد النواب عندما تساءل لماذا تدفع الحكومة الناس إلى الخروج للشارع”.

وأشار ذياب إلى أنّ هذه الحكومة بسياساتها الحالية؛ واحدة من اثنتين، إمّا أنّها فعلاً تسعى لخلق توتير للحالة المجتمعية ودفعها للخروج للشارع، أو أنّها متأكدة من أنّ الشعب سيستسلم لقراراتها.

وقال: لا أجد شعبًا يعاني من أزمة شاملة مثل التي يعيشها الشعب الأردني، ونرى كل يوم تمركزًا للثروة بيد فئة قليلة من المجتمع، ولكن الغالبية الساحقة من الشعب تعاني من الفقر والحرمان، وهذا لا يعني سوى شيء واحد هو أننا نسير نحو المجهول.

أين أحزاب المعارضة؟

وحول ضعف أحزاب المعارضة وغيابها عن قيادة الشارع لمواجهة القرارات الحكومية، قال ذياب في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ الأحزاب تواجه اليوم حالة من “الفكاك” في العلاقة بينها وبين الشارع، مشددًا على أنّ هذه الإشكالية الحقيقية ليست وليدة اليوم.

وقال إن “هذا أضعف قدرة الأحزاب على توجيه الشارع ودفعه للحراك من أجل خلق قوة ضغط حقيقية تعيد الحكومة إلى صوابها.

ولفت ذياب قائلا: “أنا مقتنع أنّ المدخل بأن تدرك أحزاب المعارضة لدورها ومسؤوليتها بهذا الخصوص، فغياب الإدراك وعدم الوعي بقدرة الأحزاب على قيادة الشارع لتشكيل قوة ضغط حقيقية، هذا الغياب له أكثر من سبب، أولها تشتت المعارضة والخلافات التي تنخر صفوفها، وثانيا عجزها عن الوصول إلى حد أدنى من التوافقات السياسية حتى تنجح في قيادة المجتمع”.

وختم ذياب حديثه لـ “البوصلة” بالإشارة لسبب ثالث أسهم بإضعاف دورأحزاب المعارضة، قائلا: “بدون شك هناك سياسة تخريبية كانت مارستها الدولة تجاه الأحزاب وما زالت للتأثير عليها؛ وصلت إلى حد شلّ قدراتها”.

غياب الشفافية والحلول

من جانبه استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات لتصل لأعلى سعر لها في تاريخ الأردن على الإطلاق مقارنة بالسنوات الماضية ‏نتيجة استمرار نهج الجباية من جيوب المواطنين، عبر ما تفرضه الحكومة ‏من ضرائب مقطوعة باهظة على المحروقات تتجاوز ‏نسبة 100% لبعض أصنافها بما يثقل كاهل المواطنين والاقتصاد الوطني، مما يؤكد أن هذه الحكومة باتت عبئاً على الدولة والشعب كونها لا تملك نهج رفع الأسعار.

وجدد الحزب في هذا الصدد تساؤله عن أسباب استمرار غياب الشفافية في ملف استيراد النفط ‏وتسعير المحروقات التي تعتبر أسعارها في الأردن من الأعلى على مستوى العالم.

كما طالب الحزب الحكومة بالبحث ‏عن بدائل أخرى غير نهج رفع الأسعار، واللجوء إلى تخفيف الضريبة المقطوعة المفروضة على المحروقات، لما يتسبب به هذا النهج من زيادة في كلف الإنتاج بالنسبة لمختلف القطاعات الاقتصادية، ‏ويفاقم من الأزمة الاقتصادية التي يدفع كلفتها الوطن ‏والمواطن.‏

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: