نشرة فاعتبروا (155)

نشرة فاعتبروا (155)

بقلم د. عبدالحميد القضاة

لا يُثمنُ الشيءَ إلاّ من يعرف قيمتهُ

•       قبل حوالي ثمانين سنة كانت مدينة سامراء مدينة علمٍ، فيها جامعة على رأسها العلامة “أبو الحسن “، كان من أنبغ طلابه تلميذٌ فقير الحال، وكانت معيشته عن طريق راتب من قبل أستاذه “أبو الحسن”، وكان طموح التلميذ أن يُصبح أحد أعمدة العلم في العراق .

•       كان التلميذ جائعًا، لكنّه لا يملك إلاّ فلسًا ونصف الفلس علما أنّ تكلفة الوجبة من الخبز والفجل فلسين، اشترى بفلس واحد خبزة واحدة، وقال لبائع الفجل: معي نصف فلس؛ فرد البائع ولكن الباقة بفلسٍ كامل، سأعطيك علمي؛ سوف أفيدك في مسألة فقهية، فرد عليه بائع الفجل لو كان علمك ينفع لكسبت نصف فلس، اذهب وانقع علمك واشربه حتى تشبع.

•       كانت كلمات البائع قاسية، فخرج يجر أذيال الخيبة، وهو يتمتم لو كان علمي ينفع لكنت أكملت سعر باقة الفجل، علم عشر سنين لم يجلب لي نصف فلس، سأترك الجامعة وأبحث عن عمل أستطيع من خلاله أن أشتري ما أشتهي. افتقده أبو الحسن فسأل عنه وعن بيته، أريد أن أعرف السبب، دخل أبو الحسن بيته، فخجل الطالب ورحب بأستاذه أشد الترحيب.

•       فسأله لِمَ تركت الجامعة؟، سرد له القصة وعيناه تذرفان الدموع بغزارة، فأجابه أستاذه إليك خاتمي، بعه وأصلح حالك، فقبل الطالب هدية أستاذه، وعرض الخاتم للبيع،عرضه على الصائغ لكنه ظن أنّه سارقه، وبعد أن أطمئن لصدقه، أشتري الخاتم بألف دينار، توجه الطالب ليشكر أستاذه، فقال الأستاذ: أين ذهبت لبيع الخاتم؟، فرد إلى الصاغة بالطبع، فقال: لماذا إلى الصاغة؟، فرد لأنّهم خبراء في تثمين الخواتم، فرد الأستاذ متعجبًا، وقال:

•       فلماذا قبلت أن يُثمنك بائعُ الفجل ويُثمن علمك ويقول: إنّ علمك لا ينفع شيئًا؟، هل يُثمن البائع علمك؟، لا يُثمن الشيﺀ إلاّ من يعرف قيمته، وأنا أثمنك إنك من أعظم طلابي يابني، لا تدع من لا يعرف قيمتك يثمنك، التثمين يكون من صاحب الخبرة ومن يعرف قدرك، ارجع إلى درسك وعلمك،الناس معادن ولا يعرف قيمة المعدن النفيس إلاّ الصاغة في علم الرجال.

نكرهُ الذنبَ ولا نكرهُ المُذنبَ

•       مرّ أبو الدرداء بجماعة يسبّون رجلا ويضربونه، فقال لهم: ما الخبر؟، قالوا: رجلٌ وقع في ذنبٍ كبيرٍ، قال: أرأيتم لو وقع في بئرٍ أتخرجونه؟، قالوا: نعم، قال: لا تسبوه ولا تضربوه، وإنّما عِظوه وبصّروه، قالوا: أفلا تبغضه؟، قال: إنّما أبغض فعله، فإذا تركه فهو أخي، فوقف الرجلُ، وأعلنَ توبتهُ إلى اللهِ تأثرًا بما سمع .

للتذكرِ والتدبرِ

•       جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:”ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: