الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)
كان يخرج ليلًا في شوارع المدينة وأزقة الحواري ليتفقد حال الرعية عن كثب، ذات مساء إذ بأعرابية تناجي زوجها الغائب وتنشد في ذكراه شعرًا، فيقترب ليسألها من خلف الدار: ما بك يا أختاه؟، فترد: لقد ذهب زوجي إلى ساحات القتال منذ أشهر وإني أشتاق إليه.
فيرجع إلى دار ابنته حفصة ويسألها: كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟، وتستحيي الابنة فيخاطبها متوسلًا: لولا أنه شئ أريد النظر به لما سألتك، فتجيب الابنة الخجلى: أربعة أشهر أو خمسة.
يعود الفاروق إلى داره ويكتب لأمراء الأجناد “لاتحبسوا الجيوش فوق أربعة أشهر”، ويصبح الأمر قانونًا صاغته الأعرابية وحفصة، ويحفظ للمرأة أهم حقوقها.
ويتابع الفاروق التجوال الليلي متفقدًا، وإذ بطفل يُصدر أنينًا حزينًا، فيقترب من الدار ويسأل عما به؟ فترد أمه: “إني أفطمه يا أمير المؤمنين”، فيحاورها ليكتشف أن الأم فطمت طفلها قبل موعده لحاجتها لمائة درهم كان يصرفها بيت المال لكل طفل بعد الفطام.
يرجع الفاروق لا لينام؛ إذ أن أنين ذاك الطفل لم يبارح عقله وقلبه، فيصدر أمرًا بصرف المائة درهم للطفل منذ الولادة وليس بعد الفطام، ليُصبح الأمر قانونًا يحفظ حقوق الأطفال.
امرأة جردته ذات جمعة من لقب أمير المؤمنين حين قالت: “أخطأت يا عمر”، ورفضت قانون المهر الذي صاغه، فلم يكابر ولم يزج بها في السجن، بل اعترف وقال: “أخطأ عمر وأصابت امرأة”، ثم سحب قانونه وترك للمجتمع أمر تحديد المهور حسب الاستطاعة.
هكذا تُصنع القوانين، حسب مصلحة المجتمع وطموحاته، وذلك بالغوص في قاع المجتمع المستهدف، فالمجتمع هو مصدر القوانين وليس السلطة، ولكن ليس في القوم عمر!
صيدلية التربية
إذا رأيت ابنك يبكي فلا تضيع وقتك بإسكاته، أشر إلى حمامة أو غيمة بالسماء لينظر إليها وسيسكت، لأن فسيولوجية الانسان بالبكاء هي بالنظر للأسفل.
إذا أردت الأبناء أن ينهوا اللعب فلا تقل لهم انتهوا الآن، بل قل بقي خمس دقائق، ثم عد إليهم وقل بقيت دقيقتان ثم قل الآن، وسينهون.
إن كنت أمام مجموعة من الأطفال في مكان فيه ضوضاء عالية، وأردت لفت انتباههم فقل: “الذي يسمعني يرفع يده”. الأول سيرفع ثم الثاني وتنتقل كالعدوى وسيصمت الجميع.
من بركات القران
هنيئًا لتلك البيوت التي يُتلىٰ فيها القرآن الكريم يوميًا، يعيش أهلها في نعيمٍ سرمديّ، كيف لا، وقلوب أهلها تُروىٰ بكلام الله يوميًا، وما تَجِفُّ قَط، قال صلىٰ الله عليه وسلم: ” البيتُ الذي يُقْرَأُ فيه القرآنُ ، يتراءى لأهلِ السماءِ كما تَتَراءَى النجومُ لأهْلِ الأرضِ”.
(البوصلة)