الدكتور عبدالحميد القضاة – رحمه الله –
- من فنون الأدب اختيار اللفظ المناسب فقالوا: “لكل مقـام مقـال”، فيُقال للمريض: “مُعافى” وللأعمى: “بصير” وللأعور: “كريم العين“، سأل هارون الرشيد وزيره الفضل بن الربيع عن حزمة الخيزران: “ما هذه؟ فأجابه: “عروق الرماح يا أمير المؤمنين.”
- أتدرون لماذا لم يقل له: إنها الخيزران؟، لأن أم هارون الرشيد كان اسمها “الخيزران”، فالوزير يعرف من يخاطب… أحد الخلفاء سأل ابنه من باب الاختبار: “ما جمع مسواك؟“، فأجاب: “ضد محاسنك يا أمير المؤمنين”، لأن الأدب هذّب لسان الابن، وحلّى طباعه.
- v ولما سُئِل العباس “أنت أكبر أم رسول الله ؟”، فأجاب العباس قائلًا: “هو أكبر مني، ولكن أنا ولدت قبله“، ما أجملها من إجابة في قمة الأدب لمقام رسول الله عليه الصلاة والسلام. اختيار الألفاظ قيمة ضاعت للأسف فى مجتمعاتنا، يجب أن نعي جيدًا أن بين كسر القلوب وكسبها خيطًا رفيعا اسمه “الأسلوب”.
فقير سارق وقاضٍ عادل
- في كندا تم جلب رجل عجوز قام بسرقة رغيف خبز ليمثل أمام المحكمة؛ واعترف العجوز بفعلته، ولم يحاول أن ينكرها، ولكنّه برَّر ذلك بقوله: “كنت أتضور جوعاً”.
- قال له القاضي: “أنت تعرف أنك سارق، وسوف أحكم عليك بدفع عشرة دولارات، وأعرف أنك لا تملكها لأنك سرقت رغيف الخبز؛ لذلك سأدفعها عنك، صمت جميع الحضور في تلك اللحظة؛ وشاهدوا القاضي يخرج عشرة دولارات من جيبه ويطلب أن تودع في الخزينة كبدل حكم هذا العجوز.
- ثم وقف ونظر إلى الحضور وقال: “محكوم عليكم جميعاً بدفع عشرة دولارت؛ لأنكم تعيشون في بلدة يضطر فيها الفقير إلى سرقة رغيف خبز”. وفي تلك الجلسة تم جمع أربعمائة وثمانون دولارًا ومنحها القاضي للرجل العجوز. قاضٍ ينقصه الإسلام.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- “مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ، إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً”.
- إرشاد إلى صحبة العلماء والصلحاء ومجالستهم، فإنها تنفع في الدنيا والآخرة، وإلى تجنب مصاحبة الأشرار، فإنها تورث الشر، كالريح إذا هبت على الطيب عبقت طيبا، وعلى النتن حملت نتنا .
(البوصلة)
