نيويورك تايمز: مشكلة إيران ليست في برنامجها النووي ولكن صواريخها الدقيقة

نيويورك تايمز: مشكلة إيران ليست في برنامجها النووي ولكن صواريخها الدقيقة

نووي إيران

قال المعلق توماس فريدمان إن الشرق الأوسط الذي تركه الرئيس المنتخب جوزيف بايدن قبل أربعة أعوام مختلف عن الشرق الأوسط اليوم. وفي مقاله بصحيفة “نيويورك تايمز” قال إن المسألة لم تعد تتعلق فقط بالعودة إلى الاتفاقية النووية التي خرج منها الرئيس دونالد ترامب عام 2018.

ومع اغتيال عالم الذرة الإيراني وأهم مصمم للرؤوس النووية محسن فخري زادة، فمهمة الرئيس المقبل ستكون معقدة. وقال إن لديه نصيحة لبايدن وهي أن يدرس ما حدث في الساعات الأولى من 14 أيلول/سبتمبر 2019، عندما شن سلاح الجو الإيراني 20 طائرة بدون طيار وصواريخ موجهة بدقة باتجاه منشأة أبقيق الحيوية التي يتم فيها معالجة النفط مما تسبب بأضرار فادحة. وكانت لحظة فارقة. وحلقت الطائرات الإيرانية المسيرة والصواريخ على مستوى منخفض وبقوة حيث لم تكتشفها الرادارات السعودية أو الأمريكية.

شعر المحللون الإسرائيليون بالدهشة من القدرات التي أظهرتها إيران

وشعر المحللون الإسرائيليون بالدهشة من القدرات التي أظهرتها إيران، وقالوا إن هذا الهجوم المفاجئ هو “بيل هاربر” الشرق الأوسط. ويقول فريدمان إن رأيهم كان صائبا لأن الشرق الأوسط الجديد تم تشكيله من خلال الصواريخ الإيرانية الموجهة بدقة وبرد الرئيس دونالد ترامب وبرد إسرائيل ورد السعودية والإمارات. والكثير من المراقبين لم ينتبهوا للعملية. وكان رد الرئيس ترامب أنه لم يفعل شيئا، ولم يأمر بعملية انتقامية نيابة عن السعوديين، رغم هجوم إيران وبدون أن تستفز قلب البنية التحتية السعودية النفطية.

وبعد عدة أسابيع أرسل ترامب 3.000 جندي أمريكي وبعض البطاريات المضادة للصواريخ إلى السعودية في محاولة لتقوية دفاعاتها وبرسالة في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2019: “سنرسل قوات وأمورا أخرى إلى الشرق الأوسط لمساعدة السعوديين ولكن هل أنتم مستعدون؟ ووافقت السعودية بناء على طلب مني على دفع كلفة كل شيء سنقوم به، وهذا أولا”.

وكان هذا بالتأكيد أولا، فطلب ترامب كما يقول الكاتب يعكس التغير العميق في الرأي العام الأمريكي. وكانت رسالته: “أعزائي السعوديين، صارت أمريكا اليوم أكبر منتج للنفط في العالم، وسنخرج من الشرق الأوسط وأنا مستعد لبيعكم الكثير من الأسلحة التي تستطيعون دفع ثمنها ولكن لا تعتمدوا علينا لخوض معاركم، ولو أردتم القوات الأمريكية فعليكم إخراج أموالكم”. فهذا التحول الأمريكي أدى لولادة أول عنصر سيواجه بايدن في الشرق الأوسط واتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وبين إسرائيل والبحرين والمستويات الجديدة من التعاون الأمني بين إسرائيل والسعودية والتي ستزدهر وتتحول إلى علاقات رسمية قريبا، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زار السعودية الأسبوع الماضي.

ويقول فريدمان إن ترامب أجبر إسرائيل والدول العربية السنية الرئيسية لتخفف من اعتمادها على الولايات المتحدة والتعاون بينهم أنفسهم ضد التهديدات الجديدة مثل إيران، بدلا من القتال في القضايا القديمة مثل فلسطين. وهذا قد يعطي أمريكا الفرصة لتأمين مصالحها في الشرق الأوسط بدماء وأموال قليلة، وربما كان أهم إنجاز لترامب في مجال السياسة الخارجية. وأهم نتيجة لها هي تعقيد محاولات بايدن لإعادة فتح الملف النووي الذي خرج منه ترامب في 2018، وسيواجه إسرائيل والبحرين والإمارات والسعودية وهي تتعاون ضمن تحالف هلامي ضد إيران. وهذا سيعقد مهمة بايدن والأثر الثاني لهجوم أبقيق على إسرائيل. فبعد تمزيق ترامب المعاهدة النووية تخلت إيران عن التزاماتها لتقييد مستويات تخصيب اليورانيوم التي يمكن استخدامها في بناء قنبلتها النووية.

ما يقلق هو الصواريخ الإيرانية الدقيقة التي استخدمت ضد السعودية وتحاول تصديرها إلى جماعاتها الوكيلة

ولكنها قالت منذ انتخاب بايدن إنها مستعدة للعودة أتوماتيكيا للاتفاق لو قامت الإدارة المقبلة بتخفيف العقوبات التي شلت اقتصادها. وهي مستعدة بعد رفع العقوبات عنها لمناقشة القضايا الإقليمية مثل صواريخها الدقيقة وقدراتها. وعند هذه النقطة ستبدأ الأمور بالتعقيد لبايدن. صحيح أن إسرائيل وحلفاءها العرب الجدد لا تريد توصل إيران لتطوير القنبلة النووية، ولكن هناك في إسرائيل من يقول لك إن منظور حصول إيران على القنبلة النووية ليس ما يقلقهم لأن إيران لن تستخدمها، بل وسيكون قرارا انتحاريا من القادة ورجال الدين في استخدامها. بل ما يقلقهم هو الصواريخ الإيرانية الدقيقة التي استخدمت ضد السعودية وتحاول تصديرها إلى جماعاتها الوكيلة في لبنان واليمن وسوريا والعراق والتي تمثل تهديدا قاتلا للسعودية وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والعراق والقوات الأمريكية بالمنطقة. ولدى إيران شبكة من المصانع التي تقوم بتصنيع صواريخها الدقيقة.

ولو حاول بايدن التوصل إلى تفاهم مع إيران حول برنامجها النووي والتخلي عن العقوبات قبل التفاهم على صادرات إيران من الصواريخ الدقيقة فسيواجه مقاومة من إسرائيل والسعودية والإمارات. ولماذا أصبحت صواريخ إيران الدقيقة مهمة؟ يجيب بالعودة إلى حرب 2006 عندما أطلق حزب الله 20 صاروخ أرض- جو غبية وغير موجهة على أهداف إسرائيلية وعلى أمل تدميرها. لكنه بالصواريخ الدقيقة يستطيع إطلاق 20 صاروخا تصيب كل هدف، مثل المطارات والمفاعل النووي والموانئ ومولدات الطاقة والمصانع التكنولوجية والقواعد العسكرية.

ولهذا السبب تخوض إسرائيل حربا سرية مع إيران خلال السنوات الخمس الماضية، وبهدف منع طهران من محاصرتها بالجماعات الوكيلة لها في لبنان وسوريا والعراق وغزة وكلها مسلحة بصواريخ دقيقة. وتحاول السعودية عمل نفس الشيء ضد جماعة إيران في اليمن التي أطلقت صواريخ على مطاراتها.

ويقول كريم ساجدبور من وقفية كارنيغي: “فكر بالفرق بين براعة الهواتف الغبية والذكية” و”خلال العقود الماضية استنفذنا كل الجهود لمنع إيران الحصول على الأسلحة الكبيرة ولكن آلاف الأسلحة الذكية الصغيرة التي تملكها إيران وتنتشر وأصبحت التهديد الحقيقي لجيرانها”. ولهذا السبب فلا تريد إسرائيل وحلفاؤها في الخليج رؤية أمريكا وهي تتخلى عن نفوذها، وهي العقوبات في الملف النووي قبل أن تحصل على التزام إيراني بالتوقف عن تصدير هذه الأسلحة الدقيقة للجماعات الوكيلة عنها. وستجد إدارة بايدن صعوبة في التفاوض.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: