هؤلاء جميعًا في نظري مقصرون

هؤلاء جميعًا في نظري مقصرون

الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)

نشرة فاعتبروا  (194)

      أولًا: الناظرمن علٍ إلى الشباب التائهين الغارقين في ملذات الحياة، وهويرى كل التيه بحكم عمله كمعلمٍ أو أستاذ جامعي، ثم لا يُحرك ساكنًا تجاههم، لنصحهم وإرشادهم بالحسنى، ولا يختلط بهم، بحجة الحفاظ على الوظيفة، ولا يُجيد إلّا الإنتقادات، وفوق هذا يعتبر نفسه داعية.

      ثانيًا: الداعية الذي يُجهد نفسه، وهو يدعو ويوجه وينصح للآخرين، ولكنّه لا ينتبه لأهله، وبيته فيه خَرابٌ كثير، وأولاده في شبه ضياع، يُصلي في الصف الأول، والناس يتهامسون لو كان فيه خير لظهر على أهل بيته، فزوجته حاسرة، وابنته تخرج  متبرجة وبكامل زينتها.

      ثالثًا: المتبتلُ في محرابه، المنقطعُ عن الناس في محرابه، لا يُخالط الناس، ويظنُ أنه يُحسنُ صنعًا، ناسيًا ما قاله أهل العلمِ والمعرفة، بأن شآبيبَ الرحمةِ تتنزلُ على العاملين في ميادينهم، قبلَ أن تتنزلَ على العاكفين في محاريبهم، فرغم فضل ما يقوم به، إلاّ أنه لا يجوزُ له أن ينعزلَ عن المجتمع، فأولوية العمل أن ينشغل بالعبادة المتقدمة، المتمثلة بحماية المجتمع وإصلاحه.

      رابعًا: العالم الذي يبخل على الآخرين بعلمه، فلا يورّث علمه لأحد ولا ينشره، كسلًا أو خوفًا من المنافسة في المهنة أو خوفًا من الحاكم، وأهم هؤلاء حملة العلم الشرعيِ، فالعلمُ الراكدُ في العقول، لا يُفيدُ في شيء، فمثله كمثل كتابٍ على الرف الأعلى في المكتبة، لا يتلقى إلّا الغبار.

      خامسًا: الغني البخيل، الذي أعطاه الله مالًا وفيرًا، فبخل به على الفقراء والمساكين، اذا أخرج من جيبه دينارًا، تمطى وتململ وتردد، وكأنه يقطع شيئًا من جسده، ولا يظهرعليه أثر النعيم، وأكثر الناس تمنيًا لموته هم بعض أولاده، لشعورهم بالحرمان في حياته رغم يسر حاله.

      سادسًا: الشابُ القادرعلى التمام، الذي أعطاهُ اللهُ عقلًا متقدًا، وصحةً ممتازةً، وقدرًا كبيرًا من الذكاء، لكنه يتكاسل، ولا يستغل كل مواهبه، ولم أجد تعبيرًا عن مثل هؤلاء  الشباب خيرًا مما قاله المتنبي:

وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئًا ……. كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ

قم الليل إلا قليلا

      يخاطب رب العزة نبيه محمدًا ويوجهه لتحمل أعباء الدعوة قائلًا: “قم الليل إلا قليلًا”، أي يا محمد، مخالطة الناس بالنهار تحتاج للقرآن والصلاة بالليل!، وإذا كان هذا توجيه الله لمحمد، فكيف بمن هو دونه، ولعل هذا سر فتنة أقوام كانوا ملء السمع والبصر!!

      من يخرج إلى الناس بقلب وإيمان ضعيف كان عرضة للشبهة، ونهبًا للشهوة، وضعيفًا أمام الفتنة، وقد قال تعالى لنبيه: “قم الليل إلا قليلًا” و”إن لك في النهار سبحًا طويلًا”.

 فالفارغون سريعًا ما يُفتنون، والمفلسون سريعًا ما ينطفئون، وإذا كان الله قد سلم قلبك لرحمته بك، فلا تأمنن أن يتركك لنفسك لتماديك في الأمر، فحافظوا على أورادكم وأذكاركم وخلواتكم، فلستم أقوى من نبيكم، فلا تتركوا قلوبكم خواء فمن هذا الخواء يأتي البلاء.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: