حلمي الأسمر
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

هجرة جماعية وشيكة من “إسرائيل”

حلمي الأسمر
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

الهجرة الجماعية الوشيكة من كيان العدو الصهيوني ليست بسبب العمليات الفدائية، ولا “المقاومة المنبرية” للجالسين في مقاطعة رام الله، ولا حتى هرباً من صواريخ غزة، ولا زيادة النقمة الفلسطينية الشعبية على ممارسات الاحتلال المتوحشة والمتصاعدة يوماً فيوماً، ولا من حجم التآكل في ما يسمّونه الأمن الشخصي للمستوطنين الصهاينة في فلسطين التاريخية، ولا من اختلال الميزان الديموغرافي بين العرب والإسرائيليين بين البحر والنهر، ولا من “الحرب القادمة” التي أصبحت جزءاً من الأدبيات المستقبلية في الوجدان الشعبي الصهيوني، وبالطبع هاجس المؤسسة العسكرية وأذرعها المختلفة، ولا بسبب “وخز الضمير” الذي تشعر به فئة غير قليلة من سكان الكيان جرّاء تحول “الدولة الديمقراطية” إلى نظام أبارتهايد متوحش، فيه قوانين مفصلة على مقاس السكان اليهود، وأخرى مختصة بالعرب، ولا بسبب أن هذا الكيان مُصدّر للمرتزقة والموت وأدواته ونظم التجسس المتطوّرة إلى مختلف الدول، ولا بسبب الفساد الذي ينخر مؤسسات “الدولة”، حيث تحوّلت نخبها الحاكمة إلى أشبه ما يكون برجال العصابات والمافيا الإجرامية، تحرّكهم الصراعات الشخصية والرغبة الجامحة في الحكم والسيطرة من دون نظر أو مراعاة لأي أخلاقيات أو قيم، ولا بسبب الصراع غير السياسي المرير بين هذه النخب، ولا بسبب الفروق الاجتماعية الكبيرة بين طبقات السكان، وزيادة الهوة بين من يملك ويعيش برفاه مفرط ومن يعيش حالة فقر مدقع، ولا بسبب سيادة قيم مادية بحتة غيبت أي مشاعر إنسانية أو رحمة بين البشر، ولا بسبب “عسكرة المجتمع” وتحويله إلى ترسانة أسلحة فتاكة، كل من يتحرك فيه “جنود”، هم إما على رأس الخدمة أو في الاحتياط رجالاً ونساءً، ولا بسبب وجود هذا الكيان الغريب وسط بحر من العرب والمسلمين الرافضين وجوده، المتحينين الفرصة للانقضاض عليه، متى ما سنحت الفرصة، صحيح أن كل هذه الأسباب، مجتمعة أو منفردة، كلها أو جلها، كفيلة بتفجير “الدولة” وتآكلها، ودفع جزء كبير من سكانها إلى التفكير في تركها، ولكنها لم تزل غير كافية لإحداث هذا الشعور الوشيك، وتحوله إلى قرارٍ ففعل ناجز.

الهجرة الجماعية الوشيكة التي قد تحصل قريباً، هي لسبب آخر غير كل تلك الأسباب، وهو لا يقلّ خطورة عنها، ليس على حياة من يفكّر في الهجرة من الصهاينة أنفسهم، بل هو خطر داهم على العرب في فلسطين وخارجها، بل هو خطر على الحياة البشرية نفسها على نحو آو آخر، لأن هذا الكيان الخارج من رحم العنصرية والتعصّب والشعور بتفوق الجنس اليهودي لم يعد آمناً لمن بقي من الطبقة العلمانية التي أسّسته، أو ما يسمّى القوى اليسارية والليبرالية، بل إن وجوده بقيادة تلك الفئة خطر على الكرة الأرضية بأسرها، ولفهم هذه المسألة أكثر، أنقل هنا بعض ما تشعر به هذه الطبقة على لسان أحد أبرز كتابها، وهو روغل ألفر، الذي نشر في صحيفة هآرتس العبرية مقالاً يوم 1/8/2022 بعنوان “اليسار في إسرائيل بقي له عمل سياسي ناجع واحد فقط، هو الهجرة إلى الخارج”، قال فيه مخاطباً ما بقي من فلول اليسار: “أنتم مقطوعون عن الواقع بمستويات تعرّض حياتكم للخطر. لأنكم تراهنون على المستقبل في إسرائيل، الذي هو ببساطة ليس لكم. بناءً على ذلك، أقترح عليكم، أيها اليساريون المصابون بالعمى، دورة مكثفة لرؤية الحقائق الواضحة. أنتم، أولادكم وأحفادكم (!)، يتوقع أن تغادروا البلاد بشكل جماعي. عليكم البدء بتنظيم أنفسكم قبل أن تضطروا إلى فعل ذلك وأنتم في حالة ذعر. قوى مناهضة للديمقراطية وظلامية، قوميون متطرّفون، عنصريون ومتدينون، الذين يحتقرون الليبراليين أمثالكم، ومعظمهم أكثر فقراً منكم ويكرهون أموالكم، سيسيطرون على هذه البلاد لسنوات طويلة”. ثم يضيف: “أي شيء لن يغير ذلك. لا محاكمة نتنياهو، ولا اضطرابات أخرى في المدن المختلطة، ولا موجة عمليات، ولا أسعار السكن. ذلك كله فقط سيعزّز الفاشية الصاعدة. أيضاً الديمغرافيا ستعزّزها. أنتم ستغادرون لأنه لا يوجد لكم ما تبحثون عنه هنا، لا مستقبل ولا بيت ولا شعور بالشراكة في مشروع وطني تتماهون معه بأهدافه وقيمه. كل ما ينتظركم في إسرائيل هو الاغتراب والشعور بالخجل العميق واليأس، لقد تمت هزيمتكم. الأمر انتهى”. والحل؟ هو “الاعتراف بالواقع شرطاً أول وضرورياً لعمل سياسي ناجع. حسناً، أحياناً لا يوجد خيار. أحياناً يكون المنفى هو العمل السياسي الناجع الوحيد. يجب علينا العودة إلى المنفى. نحن، معارضي الاحتلال والأبارتهايد، ملزمون بفهم أن الاحتلال الإسرائيلي يمكن كسره، إذا كان هذا ممكناً، فقط من الخارج، بمساعدة البيت الأبيض وأوروبا. هنا لا يوجد أي احتمال. هذا هو الوضع”.

ترى ما الذي أوصل هذا الكاتب، ومن يمثل من قوى اليسار واليهودية غير الصهيونية إلى هذه النتيجة؟ إنها الأرقام الصادمة التي أظهرها أحدث استطلاع للرأي في الكيان الصهيوني الذي يشهد حراكاً محموماً تمهيداً للذهاب إلى انتخابات “الكنيست” في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، هذه الأرقام تقول إن 70% من أبناء 18 – 25 يعتبرون أنفسهم من الوسط – يمين ويمين. 46% هم يمين تماماً. 10% فقط يعتبرون أنفسهم يساراً. الشباب يعطون كتلة بنيامين نتنياهو 71 مقعداً. في جدول مقاعدهم، الصهيونية الدينية لإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هي الحزب الثاني من حيث حجمه، 14 مقعداً.

أما نتنياهو العائد لقيادة الكيان الصهيوني، فهو معروف جيداً للقارئ العربي، بكل ما تحمله شخصيته من كراهية للعرب واحتقار لهم، وخطر عليهم أيضاً. أما الملك الجديد لإسرائيل، القادم من رحم تنظيم الكهانية الذي صُنِّف إسرائيلياً في وقت ما “إرهابياً”، فهو إيتمار بن غفير، الذي كان في الفترة التي سبقت حلّ الكنيست “نجم” الاقتحامات للأقصى والاستفزاز للعرب وحتى لليهود الليبراليين واليساريين، فهو يعتبر الفئتين عدواً له، ولم يترك موقعاً أو فرصة (وهو عضو كنيست) إلا استغلها للتبشير بالمعركة الكبرى بين العرب واليهود، التي تمهد لعودة المسيح وفق معتقده، لذا هو يجتهد في فعل كل ما من شأنه “تسخين” الأوضاع واستفزاز مشاعر العرب والمسلمين الدينية لتفجير المشهد لتقريب الوصول إلى “الخلاص” وفق رؤية الصهيونية الدينية الموغلة بالتطرّف!

بقيت كلمة، ففي وقتٍ يُربي فيه الكيان “التدين” اليهودي والتطرّف الأيديولوجي ويسمّنه ويُعلي من شأنه، يُحارَب “التدين” في بلاد العرب والمسلمين، وتلاحق حتى دور تحفيظ القرآن الكريم، وتلك مفارقة كبرى، سيدفع ثمنها غالياً من يهرع لقطع صلته بشعبه وأمته ودينه ويجثو للتحالف مع كيان ينزلق بسرعة جنونية نحو عنصرية متوحشة، ترى فيمن يحالفه من “الأعداء” مجرّد خدّام لمشروعه العنصري، لا شركاء في بناء حياة مشتركة كريمة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts