هدنة لاعتبارات تكتيكية.. هل يقود نتنياهو إسرائيل نحو حرب أهلية؟

هدنة لاعتبارات تكتيكية.. هل يقود نتنياهو إسرائيل نحو حرب أهلية؟

نتنياهو

في اليوم التالي لبيان رئيس الحكومة نتنياهو عن تجميد سن قوانين الانقلاب النظامي، أصبح واضحاً أن هذه العملية لا تعكس استسلاماً حقيقياً، بل هدنة مؤقتة لاعتبارات تكتيكية. إذا اختار الائتلاف في البداية أسلوب “الصدمة والخوف” وقصف الذي استهدف تحطيم مقاومة المعارضة بالقوانين، اضطر الآن إلى الانسحاب إزاء اللقاء مع جبهة مصممة أقامتها حركة الاحتجاج. وصلت المقاومة إلى الذروة عقب قرار نتنياهو الخاطئ إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه الأحد الماضي.

الاحتجاج حقق إنجازاً مؤثراً – لو لم يحدث لوقفنا الآن أمام تشريع واسع كحقيقة واقعة. ولكن اليمين فقط وقف لإعادة التنظيم من جديد. مثلما يدلل على ذلك مشروع قانون المحاكمة الذي وضع أمس على طاولة الكنيست تمهيداً للقراءتين الثانية والثالثة. ما زال نتنياهو على مسافة قصيرة من تحقيق هدفه الرئيسي، حتى لو اضطر للتوقف بسبب الظروف. بقيت دوافعه على حالها. على المدى البعيد، هو بحاجة إلى تمرير القوانين من أجل استقرار الائتلاف وتخريب الإجراء القضائي الجنائي ضده.

استجاب نتنياهو في هذه الأثناء لطلبات المعارضة والاحتجاج فقط لعدم وجود خيار آخر. أمس، تم افتتاح مفاوضات جديدة بين الطرفين برعاية رئيس الدولة إسحق هرتسوغ. من المرجح أن الاحتجاج سيستمر في الفترة الانتقالية، لكنه بحجم أصغر. في الأسبوع القادم ستخرج الكنيست إلى العطلة وستبدأ فترة الأعياد. هذه الأمور تتوافق أيضاً مع تعب في أوساط المشاركين في الاحتجاج الذين خرجوا إلى الشوارع كل أسبوع مدة ثلاثة أشهر متواصلة. ولا يمكن تجاهل وجود تأييد كبير في أوساط الجمهور للتوصل إلى خطة مصالحة. وحتى الآن، رداً على خطوات الحكومة، فقد نهض معسكر ليبرالي ديمقراطي كبير في الجهة المقابلة، ووضعت بنية تحتية أساسية فعالة لمواصلة النضال. ليت سياسيي المعسكر يكونون مستعدين ويقظين مثل ناخبيهم.

وضع قانون المحاكمة يدل على نوايا نتنياهو في مواصلة النضال. وقضية غالانت بقيت موضوعاً غريباً جداً. مساء الأحد، أعلن رئيس الحكومة عن إقالة وزير الدفاع، وأدخل الدولة إلى دوامة، لكن لم يكلف نفسه حتى الآن عناء إرسال رسالة الإقالة لغالنت، التي قد تدخل إلى حيز التنفيذ خلال 48 ساعة من لحظة تسلمها. شارك الاثنان في نقاش أمني في مكتب رئيس الحكومة.

في هذه الأثناء، تم التسريب بأن نتنياهو يتوقع من غالانت الاستقالة من الكنيست على أساس القانون النرويجي، كشرط لبقائه في منصب وزير الدفاع. إذا كان هذا حقاً هو الطلب فسبب ذلك بسيط، وهو أن نتنياهو يريد التأكد من وجود أغلبية داخل الكنيست مؤكدة للتصويت على القانون. في اللحظة التي سيقرر فيها بأن المعارضة والاحتجاج قد ضعفا وأن الظروف نضجت للسير إلى الأمان، فسيتم تقديم القانون مرة أخرى للتصويت عليه. ولكن غالنت يرى بأن نتنياهو لم يعد يستطيع الاعتماد عليه في المجال السياسي. وهذا بشكل عام لا يرتبط بحقيبة الدفاع التي تشغله بدرجة أقل. لم يعد غالانت جندياً في التنظيم، ولم يعد ملزماً بالخضوع الأعمى للقائد، مثل الذي يعلن عنه صبح مساء كثير من الوزراء وأعضاء كنيست من الليكود. تناولت الإقالة الولاء واستهدفت ردع الآخرين. حتى لو جلس داخل المكتب وزير – دمية م وغير مؤهل، يعتقد نتنياهو أن بإمكانه التعايش مع ذلك. من المهم معرفة كيف تبدو الأمور من البنتاغون، فقد عولت واشنطن على غالنت كرجل الاتصال الرئيسي في الحكومة المتطرفة والخطيرة التي تشكلت في إسرائيل.

عدم اليقين حول مكانة غالانت (من غير الواضح إذا كان هذا نتيجة تخبط نتنياهو أو محاولة لابتزاز تنازلات من وزير الدفاع) ينزلق أيضاً إلى الدول والتنظيمات المجاورة. هل يقدر “حزب الله” وحماس بأنه وزيراً يعمل بوظيفة جزئية يقف على رأس جهاز الأمن، والذي يعمل إلى جانب رئيس حكومة ذي رأي مشوش بسبب مشكلاته القانونية والأزمة السياسية الاستثنائية؟ هذا وضع غير صحي تماماً كلما مر الوقت، وهو يحدث في ذروة فترة أمنية متوترة.
غالانت، باستثناء ظهوره في لجنة الخارجية والأمن وزيارة الجنود المصابين، قلل من ظهوره في النشاطات العامة منذ قرار إقالته. تحته، يحاول رئيس الأركان هرتسي هليفي البدء بحذر بمحاولة إصلاح أضرار الفترة الأخيرة التي هو غير واثق كلياً بأنها انتهت. أمس، زار قاعدة سلاح الجو “رمات دافيد” وكأنه يريد القول “عدنا إلى الوضع الطبيعي”. في هذه الأثناء، من المرجح أن بعض الطيارين في الاحتياط الذين علقوا خدمتهم، سيعودون إلى التدريبات إلى حين أن يتضح إذا عاد الائتلاف إلى جهود التشريع.

بداية جيدة

يتعلق أحد التطورات المقلقة في هذا الأسبوع بالوعد الذي أعطاه نتنياهو لبن غفير بشأن تشكيل الحرس الوطني. يدور الحديث عن سلسلة من التعهدات السابقة التي لم تنفّذ (هذا مفاجأة، مفاجأة). لم يتم بعد تحديد ميزانية أو إجراءات منظمة، والشرطة أيضاً تجد صعوبة في تجنيد رجال شرطة جدد. مبدئياً، لدينا مدخل لإقامة كتائب عاصفة، من نوع “باسيج إسرائيلي” بروحية الأصل الإيراني، التي خدمت مباشرة النظام.

أول أمس، وبعد نداءات واضحة من قبل نتنياهو، خرج بن غفير وسموتريتش وآخرون إلى الشوارع مئات الأعضاء في تنظيمات عنيفة مثل “لافاميليا” و”لاهفاه”. في القدس هاجم مؤيدو “بيتار” مراسل حداشوت 13 يوسي إيلي والمصور آفي كشمان وأصابوهما.

وهاجم مشاغبون آخرون سائق سيارة فلسطينياً، تم إنقاذه من عملية فتك بعد تدخل المواطنين. في بيسان، وضع نشطاء ليكود حاجزاً طياراً وقاموا بـ “عملية انتقاء” لمنع مجيء أعضاء كيبوتسات إلى المظاهرة. وفي المساء عندما بدأ الجمهور يتفرق بعد انتهاء المظاهرة في تل أبيب، انطلقت عصابات صيد من أوساط مؤيدي فريق “بني يهودا” خلف المتظاهرين الذين كانوا في شوارع جانبية ومظلمة في محاولة للمس بهم.

هذه مجموعات منفلتة العقال، تعمل طبقاً لإشارات من الأعلى. إذا لم يبدأ “الشاباك” والشرطة بعلاجها بصورة منهجية وعميقة أكثر، فقد ينتهي أحد هذه الأحداث بالقتل.

قام “الشابك” في السنوات الأخيرة بفحص إخراج “لاهفاه” من القانون مرتين، لكنه توصل إلى الاستنتاج بأنه لا يملك ما يكفي من الأدلة للإعلان عنها كتنظيم إرهابي. أمس، أعلن “الشاباك” والشرطة أنهم اعتقلوا ثلاثة نشطاء من اليمين قرب المظاهرة في القدس وهم يحملون مسدساً مرخصاً. نشر الثلاثة في الشبكات الاجتماعية فيلم فيديو هددوا فيه بالمس بالمتظاهرين ضد الانقلاب. هذه بداية جيدة، لكن يمكن الافتراض أن هناك كثيرين يتجولون في الخارج ولديهم نوايا خبيثة مشابهة.

عاموس هرئيل
هآرتس 29/3/2023

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: