هذا ما تريده “إسرائيل” من إعلانات الكشف عن آثار بالداخل المحتل

هذا ما تريده “إسرائيل” من إعلانات الكشف عن آثار بالداخل المحتل


لم تكن الإعلانات المتتالية لما تسمى سلطة الآثار الإسرائيلية عن اكتشافات عديدة لأثار في العديد من المناطق في الأراضي المحتلة عام 1948، محض صدفة، أو انعكاس لمصداقية هذه السلطة.

فهذه السلطة التي أصلًا شُكلت من أجل نهب الأثار الإسلامية والمسيحية في فلسطين منذ عقود ماضية، تتغول على الأماكن الأثرية في مجمل الأراضي المحتلة، بدعم من رأس الهرم السياسي الإسرائيلي.

ومؤخرًا أعلنت السلطة المذكورة وعبر مراحل عن اكتشاف قرية بأكملها ذات طابع إسلامي بحت في مدينة رهط في النقب، وقالت في حينه “إنها اكتشفت أقدم مساجد فلسطين”.

وبعد أقل من شهر، عادت سلطة الأثار التابعة للاحتلال، لنشر تفاصيل عن الكشف عن مزرعة كبيرة ضمت بيوتًا وآبار مياه وغرفًا رخامية، وقد عرف الموقع بحسب مواقع نقلت الخبر كقصر يعود تاريخه إلى 1200 سنة.

هذان الاكتشافان يضافان إلى إعلان سلطة الآثار مسجدًا آخر في أرجاء المدينة المذكورة قبل نحو سنة يعود تاريخه إلى فترة قريبة.

وبالطبع، فإن هذه الإعلانات لا تعني بأي حل من الأحوال مصداقية سلطة الآثار الإسرائيلية، كما أن الإعلان عنها تغطية على جرائم تُرتكب ضد الآثار خلف الكواليس، كما يرى مختصون بالآثار وبالشأن السياسي.

هدف الترويج بـ”ندرتها”

ويقول المختص بشئون الآثار ربيع خميسة لوكالة “صفا”: “إن سلطة الآثار الإسرائيلية تقوم منذ فترة ليست بالقصيرة بالكثير من الحفريات والأبحاث، وتنشر نتائج بعض هذه العمليات، وتتعمد تسليط الضوء عليه”.

ويرى المختص بأن عددًا من الاكتشافات التي قيل إنها “نادرة ومهمة”، هي ليست في الحقيقة كذلك، بالرغم من أهميتها التاريخية والأثرية العالية جدًا.

المختص بالشأن السياسي عبد الرازق متاني يقول: “إن بعض ما تم الإعلان عن اكتشافه وبحسب اطلاعي والدراسات التي قمت بها، وبرغم أهميته وقيمته التاريخية والأثرية العالية جدًا، هو ليس نادر، مثل المسجد في النقب، كما يزعمون”.

ويضيف: “سبق وأن قمت بتوثيق 26 مسجدًا آخر من الفترة الإسلامية المبكرة ضمن إعدادي لرسالة الدكتوراه التي تناولت موضوع عمارة وعمران المساجد في الأردن وفلسطين (638-1917)”.

وقال: “لا بد أن نشير إلى أن اكتشاف المسجد والمزرعة جاء ضمن حفريات إنقاذ، وهي التي تأتي بهدف تحرير المواقع وإجازتها لعمليات التطوير والبناء بعد أن يُكتشف فيها آثار أثناء الأعمال الإنشائية”.

ويفسّر حديثه بالقول إن هذا يعني أنها ليست حفريات خُطط لها وتمت عن قصد بهدف البحث العلمي؛ بل إنها حفريات ملزمة بحسب القانون الإسرائيلي، وذلك على أثر اكتشاف آثار فيها، ليتم بعد ذلك التقرير إما أن يحرر المكان لأعمال البناء والتطوير أو يحجز إذا عثر فيها على أشياء مهمة.

تجريف بعضها بعد الإعلانات

ومن خلال دراسته الموسعة لهذه المواقع، وجد متاني أن معظم مساجد الفترة الإسلامية المبكرة بالداخل الفلسطيني، وخصوصًا في النقب وغالباً ما كشفت خلال حفريات الإنقاذ، لا تتوفر حولها معلومات موسعة.

ويرى أن هذه المواقع في أحيان كثيرة تم جرفها وإزالتها بعد اكتشافها ليمر من فوقها شارع أو تبنى فوقها عمارة.

ويكمل: “كما أنها لم تلقَ الاهتمام اللائق، وحتى الآن لم ينشر حول غالبيتها التقارير والمعلومات الوافية، لتبقى هذه المواقع شبه مغيبة”.

ويؤكد أن هناك “الكثير من العبث بتاريخ المنطقة والفترات الإسلامية، وخصوصُا الفترة الإسلامية المبكرة، وأن “إسرائيل” من خلال هذه الاكتشافات “تعيش هاجس السيطرة على المكان وفرض سيادتها على كافة أرض فلسطين”.

كما أنها أيضًا “تعيش هوسًا إضافياً يتلخص في عملية تهويد البلاد وفرض سلطانها من خلال قوننة هذه السيطرة وإضفاء الشرعية والموضوعية على أعمالها”.

وتُعد سلطة الآثار الإسرائيلية جسماً حيوياً لا يمكن فصله عن المؤسسة الإسرائيلية، وإنما هو يتماشى مع مصالح المؤسسة الإسرائيلية العليا؛ التي شاركت وما زالت تشارك ليل نهار في طمس وتدمير الآثار العربية بل وجرف عدد لا يحصى من المقدسات ونبش وانتهاك العديد من المقابر.

وانتهكت هذه السلطة خلال الفترات الماضية، عدة أماكن أثرية ومقابر، مقبرة مأمن الله الإسلامية العريقة في القدس والتي نُبشت بغرض إقامة “متحف التسامح، وأيضًا مقبرة الرملة أو كفر سابا والزرنوقة وغيرها من المقابر، والقائمة تطول.

تغطية انتهاكات ومخططات عقود

ولذلك، فإن المختص متاني، يشدد على أنه “يمكن النظر إلى التناقض الموجود بين الكشف عن هذه المواقع وبين أعمال المؤسسة الإسرائيلية ومساعيها لتهويد الآثار، بأنها تقوم بإشغال الرأي العام بين الفينة والأخرى بمكتشف هنا أو هناك”.

ويُجزم بأن “الناس مغيبين بهذا الإشغال وهذه الإعلانات عن الساحة، وعن حقيقة طمس وتجريف الآثار العربية على مر السنين”.

يقول: “يتم من خلال ذلك التعبئة الفكرية من خلال التكرار المتعمّد وتسليط الأضواء على الاكتشاف، ليرسخ في الأذهان موضوعية الأعمال التي تقوم بها المؤسسة وليصبح جزءاً لا يتجزأ من العقل اللاواعي عما يجري من مخططات”.

كما أن “المؤسسة الإسرائيلية فقدت مصداقيتها وموضوعيتها إثر رصد ومتابعة وكشف هذه الانتهاكات التي تقوم بها من قبل المؤسسات الإعلامية والناشطين الفلسطينيين وفضحها عالميًا”.

لذلك فإنها ترى في الاكتشافات التي تعلنها “ما يحفظ ماء وجهها، أمام هذه الانتهاكات المخططات المدروسة التي تهدف لتزوير التاريخ الفلسطيني العربي لأرض فلسطين”، وفق متاني.

WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.17 AM.jpeg
WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.16 AM.jpeg
WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.16 AM (1).jpeg
WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.15 AM.jpeg
WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.14 AM.jpeg
WhatsApp Image 2022-09-25 at 11.52.14 AM (1).jpeg
32.jpg
Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: