هكذا يُحارب الاحتلال المبادرات الشبابية بالقدس؟

هكذا يُحارب الاحتلال المبادرات الشبابية بالقدس؟

البوصلة – بكل الوسائل والأساليب العنصرية التي لا تتوقف، تُحارب سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتلاحق الفعاليات والمبادرات الشبابية للوقاية والحد من انتشار فيروس “كورونا” المستجد في مدينة القدس المحتلة، بالرغم من حالة الطوارئ التي فرضتها الأزمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولم يرق للاحتلال تنفيذ مثل تلك المبادرات بالمدينة المقدسة والرامية لحماية المقدسيين والحد من تفشي الوباء، فعمد إلى منعها بالقوة وملاحقة القائمين عليها بالاعتقال والإبعاد عن أماكن سكناهم، باعتباره “صاحب السيادة على القدس، وأن لا سلطة فوق سلطته”.

فمنذ بدء الأزمة، اعتقلت قوات الاحتلال عشرات الشبان ممن بادروا بتعقيم الموافق العامة، وتوزيع نشرات وبوسترات توعوية حول الوقاية من “كورونا”، وصادرت معدات ومواد التعقيم، وحررت مخالفات مالية بقيمة 5 آلاف شيكل، بحجة “خرق السيادة الإسرائيلية على القدس، والقيام بنشاطات للسلطة الفلسطينية في المدينة”.

وحتى الطرود الغذائية لم تسلم من ممارسات الاحتلال، فداهمت قواتها محال ومخازن تجارية في صور باهر وصادرت المساعدات الغذائية المجهزة لصالح العائلات الفقيرة، كجزء من حملة التضامن الاجتماعي، في ظل حالة الشلل التام التي تعانيها المدينة المقدسة بسبب “كورونا”.

فرض سيطرته

رئيس لجنة أهالي حي وادي الحمص حمادة حمادة يقول وكالة “صفا” إن الاحتلال يحارب المبادرات الشبابية بالقدس ويستهدف الشبان المتطوعين في محاولة منه لفرض سيطرته على المدينة، ومنع أي فعالية أو نشاط لأي جهة خارجة عن سيطرته.

ويوضح أن ما حدث في صور باهر من اقتحام بشكل همجي ومصادرة عشرات الطرود الغذائية المنوي توزيعها على نحو 200 عائلة فقيرة في القرية، والاعتداء على الشبان بالضرب المبرح وإلقاء القنابل الصوتية والغازية، واعتقال عدد منهم ما هو إلا دليل واضح على مدى التخبط والهستيريا التي يعيشها الاحتلال في الوقت الراهن.

“الاحتلال لا يريد توزيع المساعدات من خلال المقدسيين أو المؤسسات الفلسطينية، بل عن طريق المؤسسات التابعة للبلدية الاحتلال مثل المراكز الجماهيرية المفروضة على المقدسيين، وهذا ما رفضه أهالي صور باهر ووافقوا على إعادة الطرود دون توزيعها لمستحقيها”.

ويشير إلى أن توزيع المساعدات يعد شأنًا داخليًا فلسطينيًا لا يحق للاحتلال التدخل فيه، لافتًا إلى أن عشرات الأسر الفقيرة في قرى جنوب القدس حُرمت من المساعدات جراء ممارسات الاحتلال، وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتي فرضتها أزمة “كورونا”.

ويؤكد أن الاحتلال يسعى لتكريس يهودية الدولة بممارسات واضحة على أرض الواقع، لا تقتصر أيضًا على محاربة الفعاليات والأنشطة الشبابية، بل تعدت إغلاق مقر مديرية التربية والتعليم بالقدس والمركز الصحي، ومنع محافظ القدس من التحرك وممارسة أعماله، وكذلك اعتبار أي تجمعات فلسطينية بالقدس مخالفة للقانون.

ولن تثني ممارسات الاحتلال أهالي القدس في الحفاظ على هويتهم الفلسطينية والمقدسية وثوابتهم مهما مارس الاحتلال من عمليات قمع واعتقال وملاحقة، فهم يحاولون بكل ما يملكون مقاومة سياسات الاحتلال بحيث لا يعرضون نفسهم للاعتقال والتهديد بوجودهم.

وفي وقت تدعي فيه سلطات الاحتلال أن المقدسيين لا يلتزمون بالإجراءات الصادرة للوقاية والحد من فيروس “كورونا”، فإن عناصرها لا تراعي أي من هذه الإجراءات أثناء الاعتقال والملاحقة والتفتيش وتحرير المخالفات.

تغول إسرائيلي

ويرى المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب أن الاحتلال ينظر لأي عمل جماعي واجتماعي بالقدس بأنه يؤسس لمنظومة جديدة تدفع أهالي المدينة للاستغناء عن الاحتلال وتبعيتهم له في كافة مناحي الحياء سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها.

ويوضح أبو دياب لوكالة “صفا” أن الاحتلال يحارب أي محاولة لدعم المقدسيين في ظل الظروف الصعبة هذه وتعطل الحياة، حتى لا ينافسه أحد على السيادة في القدس باعتباره “صاحب السيادة”، ولكي يفقد المقدسيين ثقتهم بالمؤسسات الفلسطينية والعربية.

ويريد الاحتلال أن يكون أي عمل بالقدس حتى لو كان مبادرات شبابية للوقاية من “كورونا” أو مساعدات إنسانية عن طريق مؤسساته من أجل تعزيز سيطرته على المدينة، بل يسعى لزيادة معاناة المقدسيين ولإفقارهم.

ويضيف أن الاحتلال لا يريد مؤسسات ومجموعات شبابية تسد الفراغ والنقص المتعمد بالقدس، وتساهم في مساعدة المقدسيين ودعمهم بكافة الوسائل لتخطي أزمتهم ومجابهة الوباء، خاصة أنه لا يقوم بالتزاماته وواجباته المنوطة به وفقًا للقوانين الدولية.

وأما الكاتب المقدسي راسم عبيدات، فيؤكد أن الاحتلال في زمن انتشار جائحة “كورونا” زاد من تغوله وتوحشه في استهدافه للمقدسيين، وصعد من حربه عليهم، بحيث يواصل حملات التنكيل بأهالي العيسوية بشكل شبه يومي، وفرض الغرامات بحجة عدم الالتزام بالتعليمات الخاصة بالوقاية من “كورونا”.

ويشير إلى أن المساعدات الإنسانية للأسر المحتاجة جرى السطو عليها في صور باهر واعتقال أعضاء من لجنة الطوارئ بالبلدة، ناهيك عن الاعتقالات المتكررة بحق المتطوعين الذين يقومون بتعقيم القرى والبلدات المقدسية وتقديم الخدمات لهم.

وبذلك، فإن الاحتلال يريد أن “يقول للمقدسيين وللسلطة ولكل القيادات والشخصيات المقدسية وغيرها، بأنه لا سلطة فوق سلطة الاحتلال، ولا مظهر سيادي فلسطيني في القدس، حتى لو كان على شكل إنساني أو عمل إغاثي كتوزيع طرود غذائية على الأسر المحتاجة”.

وبحسب عبيدات، فإن الاحتلال يرى في ذلك ما يُمكنه من تكثيف مخططاته ومشاريعه لاستكمال ترسيم حدود المدينة، بما يعزلها عن محيطها، وخاصة في منطقة الجنوب.

ويؤكد أن الحرب على المقدسيين والقيادات المقدسية والمتطوعين ستتسع في زمن “كورونا”، فالاحتلال رسائله واضحة، “نحن السيادة في القدس ولا حصانة لأي أحد فيها”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: