هل أصبح إصلاح التعليم في الأردن مجرد شكلٍ و”تشطيباتٍ خارجيةٍ” فقط؟

هل أصبح إصلاح التعليم في الأردن مجرد شكلٍ و”تشطيباتٍ خارجيةٍ” فقط؟

عمّان – رائد صبيح

أكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في سلسلة حديثها لـ “البوصلة” حول إصلاح العملية التعليمية والتربوية، على ضرورة أن لا تصرف وزارة التربية والتعليم جُلّ اهتمامها فقط على “إصلاحٍ ظاهريٍ” لمرحلةٍ تعليميةٍ واحدةٍ هي “التوجيهي”، واصفة ما يجري اليوم بأنّه أصبح مجرد “تشطيبات خارجية” تعطي مظهرًا جماليًا ولكنّه في حقيقته يسير خلف نموذجٍ غربيٍ لا يصلح في الأردن، لافتة في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يستمع المسؤولون في هذا الميدان للخبراء الذين قضوا جُل حياتهم في هذا القطاع التعليمي والتربوي. 

وقالت عربيات: “استوقفني مشهد متكرر، وهو تشطيب بناية من الخارج بشكل ملفت للنظر، فقلتُ في نفسي، إذا كانت العناية بالمظهر الخارجي كما نرى، فلا بدّ أن يكون المبنى من الداخل مبهراً، لكن عندما دخلتُ المبنى رأيتُ العجب العجاب، جدراناً متصدِّعة، شقوقاً في السقوف والأرض، رمالاً وأتربة منثورةٌ هنا وهناك، فتساءلت كيف يمكن تجميل المنظر الخارجي دون أدنى اهتمام بالبيت الداخلي؟! وكيف يمكن استخدام هذه الأبنية إذا كان ما في داخلها يثيرُ الألم والحسرة؟ “.

وتابعت بالقول: “نعم، هذا المشهد متكرر على الصعيد الإنساني، فترى أشخاصاً تُظهر على وجوهها ما تُخفيه مشاعرها وقلوبها!! يبتسمون في وجهك وقلوبهم حاقدة ناقدة كارهةً لكل ما تحقق من نجاحات وإنجازات، كذلك الأمر على الصعيد المجتمعي، لكن أن يصل هذا المشهد لمفصل أساسيّ في المجتمع، هنا تكمن الكارثة والمصيبة حقاً !! لقد وصل هذا المشهد لأساس بناء الإنسان وهو التعليم!”.

المستشارة بشرى عربيات: الإصلاح الحقيقي للتعليم ليس من أجلنا بل من أجل أجيال تسعى للاستقرار العلمي والمجتمعي

التعليم ليس توجيهي فقط

ولفتت إلى أنّه “ومنذ سنوات انصبَّ إهتمام وزارة التربية والتعليم على مرحلة الثانوية العامة، وكأنَّ التعليم فقط توجيهي، حتى أنه تمَّ تسمية هذا الإمتحان بإسم وزير المرحلة وهذا بالطبع لم يكن له تأثيراً إيجابياً على التعليم، بل بالعكس هناك تراجع ملحوظ في مخرجات التعليم ومنذ سنوات”، مؤكدة أنّ الإهتمام بالمرحلة الثانوية على حساب المراحل الأساسية الدنيا والعليا يشبه تماماً من يقوم بتشطيب البناء من الخارج دون الإهتمام في البيت الداخلي.

وأشارت عربيات إلى أنّ هذا ما يحدث في المجتمع، ليس فقط في الوزارة فترى أولياء الأمور يعلنون حالة طوارئ في البيت إذا كان أحد أفراد العائلة وصل لهذه المرحلة تحت شعار ” في بيتنا توجيهي ” ، والأسوأ انتقال هذا لكثير من المدارس الحكومية والخاصة، بأن يتم الإهتمام بتدريس التوجيهي فقط على حساب تأسيس من هم قادمون في الأعوام التالية لهذه المرحلة.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: هل بتنا نتجه “نَحوَ الأُميَّة” في منظومتنا التعليمية بدلاً من محوها؟

وقالت: هنا أودّ أن أشير إلى نقطة هامة وهي أين رقابة المشرفين على ما يحدث في المدارس سواءً الحكومية أو الخاصة، وتحديداً المدارس الخاصة التي لم تلتزم بدوام مدرسي، لكنها ملتزمة بالعطل المدرسية، تلك المدارس التي لم ولن تعوِّض الفاقد التعليمي للطلبة، تلك المدارس التي يقفز فيها المعلمون قفزات في المادة العلمية دون تأسيس ودون منطق، تلك المدارس التي لم تكمل حتى اللحظة منهاج الصف العاشر للفوج المقبل على الثانوية العامة.

وشددت على أنّ “الأهم في هذا الموضوع هو إجراء تعديل على مرحلة الثانوية العامة ليصبح على سنتين، كما قرأنا وسمعنا، بحيث يتم توزيع الطلبة بعد الصف التاسع للفروع الأكاديمية والمهنية، الصف التاسع للعام القادم هو الصف الثامن لهذا العام، بمعنى أنه الجيل الذي فقد عاماً ونصف تقريباً من الدراسة داخل المدرسة بسبب الجائحة، هذا الجيل الذي ربما لا يقرأ ولا يكتب جيداً، وبالتأكيد لا يعرف أين يتوجه بعد الصف التاسع”.  

وأوضحت بالقول: “أرى أن ما يحدث هو تشطيب البيت من الخارج لمرحلة واحدة فقط، بينما الداخل يشكو ضعفاً في القراءة والكتابة ، ناهيك عن ضعف التأسيس في المواد العلمية والرياضيات، الأمر الذي سوف يزيد من الفجوة في التعليم مما سيؤدي إلى كشف خطأ تشطيب المبنى من الخارج دون الإهتمام بما في داخله”.

تغيير غير مستوعب

ولفتت الخبيرة التربوية إلى مشكلة أخرى في الإصلاح التعليمي المنشور قد يضر بالعملية التعليمية ألا وهو ” أنّ المناهج متغيرة بشكلٍ متسارع، بأسلوب لا يستوعبه أبناؤنا الطلبة ولا المعلمين وحتى أولياء الأمور، فلماذا الإستعجال في تغيير أسس المرحلة الثانوية؟ وإن كان لا بدّ من التغيير، فلماذا لا يعود فصلين كما كان قبل سنوات ؟؟ أما إذا كانت الفكرة تقليد البرامج الأجنبية شيئاً فشيئاً، فإني لا أرى من ذلك فائدةً تُرجى، ذلك لأن كل نظام له خصوصية، ونحن نعلم أن الثانوية العامة في الأردن كانت مضرب مثل لكثير من الدول العربية والأجنبية، فما هي الفائدة من هذا التغيير”.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية: هدفنا الأسمى الارتقاء بمستوى التعليم وليس النقد

وقالت عربيات: كنتُ وما زلتُ أتمنى أن يستمع المسؤولون إلى ذوي الخبرة في الميدان التربوي سواءً للبرنامج الوطني أو البرامج الدولية، فكما يُقال، ما خاب من استشار، وبذلك لا تسقط هذه المتغيرات على رؤوس الطلبة وأولياء أمورهم سقوطاً قسرياً بحيث لا يكاد يستوعب ما يحدث، يأتي تعديل جديد، وربما نرى ونسمع في قادم الأيام أن الإخوة في العائلة الواحدة تقدَّموا لأنماط مختلفة في الثانوية العامة، فلماذا؟.

وختمت عربيات حديثها لـ “البوصلة” بالقول: “كان التعليم بخير، وسيبقى كذلك طالما أننا نستمع إلى بعضنا البعض، وطالما أننا نتشاور، ليس من أجلنا! لا أيها السادة، ليس من أجلنا، إنه من أجل أجيال ترنو إلى الإستقرار المعرفي حتى تتمكن من الوصول إلى الاستقرار العلمي والمجتمعي، حمى الله الأردن “.

شكل التعديل القادم على التوجيهي

وكان وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، عزمي محافظة،  كشف نهاية العام الماضي أن التوجه بأن تصبح الثانوية العامة “التوجيهي” على عامين، وإنهاء المرحلة الثانوية عند الصف الثاني عشر في المدرسة وامتحان التوجيهي “الجديد” للقبول الجامعي.

وقال محافظة لـ “المملكة” إن “امتحان التوجيهي “الجديد” سيكون على شكل مواد محددة؛ 3-4 مواد في الصف الحادي عشر ومثلها في الصف الثاني عشر”.

وأضاف محافظة: “سيكون هناك معدل للامتحان (وزن) ومعدل لمجموعة من المواد القريبة من التخصص المراد دراسته في الامتحان ولمادة أو مادتين قريبة جدا من التخصص”.

إقرأ أيضًا: التربية توضح بشأن تطوير مناهج “التوجيهي” العام المقبل

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: