هل ترتقي مدارس الـ “خمسة نجوم” بالعملية التعليمية والتربوية؟

هل ترتقي مدارس الـ “خمسة نجوم” بالعملية التعليمية والتربوية؟

عمّان – البوصلة

واصلت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” تسليط الضوء على عددٍ من الملاحظات التربوية والتعليمية المتعلقة بالمدارس الحكومية والخاصّة وتحديدًا تلك التي أطلقت عليها “مدارس الخمسة نجوم”، بهدف إثارة الوعي والارتقاء بالعملية التربوية وصولاً للأهداف المرجوة والثمار المبتغاة وتجويد المنتج التعليمي الذي من شأنه أن ينعكس بالخير والقوة على أبناء الأردن.

وأثارت عربيات عدة تساؤلات حول هذه القضية قائلة: “لاحقاً لحديثي السابق المتعلق بتصنيف المدارس الخاصة، كان لا بدّ من تسليط الضوء على ما يُسمَّى بمدارس الخمسة نجوم! تُرى هل توجد هذه المدارس؟ وما هي مواصفاتها إن وُجدت؟ وما هي المعايير التي تمَّ تطبيقها حتى يتم إطلاق مثل هذا المسمَّى؟ أسئلةٌ كثيرة تراودني، وهناك إجابات على بعضها دون شك، ولكن!”.

الأبنية الفخمة لا تكفي

وأضافت، “من خلال مشاهداتي وخبرتي الواسعة رأيتُ وسمعت عن هذه المدارس، رأيتُ أبنية “فخمة”! ربما تكون كذلك بالمقارنة مع عديد من الأبنية المدرسية المتواضعة سواءً كانت في القطاع الحكومي أو الخاص!”.

وشددت على أنّ “البناء وحده لا يكفي لأنه ليس كافياً إذا لم تتوفر بقية الأساسيات التي تنهض بالعملية التربوية والتعليمية وأهمها المعلم، والقائد التربوي، وكذلك البيئة المدرسية المناسبة مثل المختبرات والمشاغل المهنية والملاعب، ولكن عند الوقوف عند أي من هذه المحطات نجدُ ملاعباً وساحات، وبرك سباحة، ومطاعم برعاية معينة ومسارح، لكن في المقابل لا نجدُ تعليماً أفضل في كثير من تلك المدارس، فما هي الحكاية؟”.

الخبيرة التربوية بشرى عربيات: مدارس الخمسة نجوم هدر للطاقات والمال وتضييع للجيل وتعتيم للعلم والتعليم

وتابعت عربيات حديثها بالقول: “بدأت هذه الحكاية مع وجود تنافس قوي بين أصحاب المدارس والمصالح الخاصة لاستقطاب أعداداً كبيرة من الطلبة، مقابل أقساط باهظة، فكان لا بد من تجميل المشهد أمام المجتمع وأمام أولياء الأمور تحديداً الذين يتنافسون على تسجيل أبنائهم وبناتهم في تلك المدارس، ليس من أجل خدمة تعليم أفضل، ولكن من أجل المفاخرة والمباهاة أمام المجتمع”.

وأضافت، “هنا بدأت المشكلة أو بمعنى أدقّ نزلت المصيبة الكبرى في التعليم، إذ لم يعد الهدف الأساسي هو الحصول على تعليم مميز ولكن الهدف تراجع بشكلٍ ملحوظ لنجد طلبة في الصف الثامن والتاسع لا يقرؤون جيداً ولا يكتبون وتحديداً اللغة العربية والقرآن الكريم ذلك بسبب التركيز على اللغات الأجنبية على حساب العربية، لكنهم في المقابل يحفظون أسماء اللاعبين والممثلين والمطاعم والكافتيريات، وأنواع العصائر والقهوة بدون كافيين، حسب ما يقولون”.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

وأشارت عربيات إلى أنّه “في بعض مدارس الخمسة نجوم، ترى بعض المعلمين والمعلمات، بكل وقاحة، يجاهرون بالإفطار في نهار شهر رمضان ونحن مقبلون على هذا الشهر الكريم، دون عذر مقبول سوى أنهم لا يؤمنون بالصيام”.

وعبرت عن أسفها الشديد من وجود هذه الفئة، قائلة: “إنني أتساءل هنا كيف يُسمح لهذه الفئة التواجد أصلاً في صرحٍ تعليميّ، وكيف يُؤتمن هؤلاء على أبنائنا الطلبة؟ ذلك لأن من يأكل ويشرب في نهار رمضان دون عذر وأمام الطلبة شخص غير مؤتمن على الطلبة وعلى التعليم، ويقولون خمس نجوم، إنها حقاً خمس نجوم في سوء التربية ونقص العلوم”.  

وقالت عربيات: “عند ذهاب أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم، في مرحلة الطفولة تحديداً، يتم استقبالهم بحفاوة بالغة، ناهيك عن عمل جولة معهم داخل الملاعب والساحات، الأمر الذي يدفع بالأطفال باللهو واللعب والتشبُّث بالمكان، ولأن قلوب آباءهم مرهفة الإحساس، يقومون بالتسجل فوراً، ولا يسألون عن المناهج، أو المعلمين أو اللغة العربية أو التربية الإسلامية”، مستدركة بالقول: “بأنّ هذا آخر الهموم عند كثير من أولياء الأمور مع الأسف الشديد طبعاً، وهنا أريد توجيه سؤال لأولياء الأمور، طالما أن الفكرة ملعب ومكان للَّهو، فهناك الكثير من الأماكن التي تجدونها مقابل مبالغ مالية أقل ودون تقديم خدمة التعليم، ألا تعلمون أن صروح العلم تختلف عن أماكن اللهو؟”.

لسنا ضد الترفيه

وأكدت عربيات بالقول: لستُ ضد وسائل الترفيه، لكن يجب أن لا تطغى على الهدف الرئيسي للمدارس وهو تلقِّي خدمة التعليم، ولا شك في أهمية الملعب والمسرح وربما المسبح!! لكن ما علاقة المدرسة بمطاعم خمس نجوم؟ وما علاقة المدارس بغرف ساونا للبخار والمساج؟ وما علاقة المدارس ببرك السباحة الكبيرة التي يتم تأجيرها في العطلة الصيفية؟ ألا يفكر وليّ الأمر أو المسؤول عن هذه المدارس أن الطلبة أمانة في أعناقنا جميعاً؟ وأن ما نراه من تشوُّه في شخصية الطلبة مؤخراً هو نتيجة حتمية لوجود تلك المدارس، إضافةً إلى الموبايلات والأجهزة التكنولوجية التي لا تفارق أيديهم ولا عقولهم ليلاً ونهاراً؟؟ ألا يدرك الجميع أننا أمام مصيبة كبيرة بدأت آثارها تظهر في المجتمع على شكل إنحراف في السلوك، وعلى شكل جرائم، وربما يكون لها أشكال أخرى في قادم الأيام لا تخطر على بال !!

وشددت على أنّ “الأمم والمجتمعات قامت حين كان التعليمُ والعلم في أبنية تعنى بالطالب، وحين كان المعلم يدرك أمانة المسؤولية، وحين كانت المدارس صروحاً آمنة بكلّ ما تعني الكلمة من معنى، حين كان الطالب يقفُ احتراماً لرفع العلم كلَّ صباح، بينما الآن يُستثنى الطابور الصباحي ليدخل كل طالب شيه نائم بعد سهر ليلً طويل، لا يعرف ما هو الطابور الصباحي ولا يقرأ فاتحة الكتاب بداية اليوم ولا يستمتع برؤية العلم خافقاً في السماء، ولا يشمُّ رائحة هواء الصباح التي تعطي الجسم طاقةً كافية للإستمرار”.  

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: هل بتنا نتجه “نَحوَ الأُميَّة” في منظومتنا التعليمية بدلاً من محوها؟

وختمت الخبيرة التربوية حديثها بالقول: كم كنَّا محظوظين وكم خسر الجيل الحالي من هذه الطاقة الإيجابية، وبقولون أنهم يدرسون!! لا وألف لا”، محذرة في الوقت ذاته من أنّ “ما يحدث في مدارس الخمسة نجوم هو هدر للطاقات والمال، وتضييع للجيل، وتعتيم للعلم والتعليم، لذلك لا بد من نهضة فكرية ترقى بالمجتمع بأكمله، ولن يكون هذا إلا من خلال تحسين وتجويد العملية التربوية التعليمية، لقد فقدنا الكثير، وليس أمامنا مُتَّسع من الوقت لنفقد المزيد!”.

وتركت ملاحظة مفادها أنّ “معظم الجيل الحالي لا يعرف النشيد الوطني الأردني، فلم يعد أحد يسمعه في مدارس الخمسة نجوم  في الطابور الصباحي”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: