د. عبدالحميد القضاة
يتحدث الدكتور عبدالحميد القضاة رحمه الله في هذه الحلقة عن عجب الذنب والصندوق الأسود، فهل تعلم بأن جسمك مستودع لأسرار مدهشة أودعها الله فيه، وخزان يحتوي على عجائب وغرائب إذا عرفت القليل عنه هتفت من أعماقك بصمت واستسلام سبحانك في عليائك ما أعظمك. وكيف إذا عرفت أن أصلك من ماء مهين، بدأت حياتك جنيناً صغيراً في أضعف حالاتك لا تلوي على شيء وعين الله ترعاك بالخفاء. جعلك نطفة في قرار مكين وسخر لك جسم أمك لتأخذ منه ما تشاء دون أن تطلب. كما سخر لك والدك بكل مشاعره وكدّه وكدحه وانتاجه لتأمين مستقبلك قبل أن يراك لأنك قرة عينه وفلذة كبده.
وهل تعلم بأن الحقيقة العلمية الثابتة بخصوص نشأتك الأولى تفيد بأن جسمك وكامل أجهزتك نشأت من شريط دقيق يسمى الشريط الأولي والذي تخلق في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار الرحم . وهذا الشريط البدائي يختزن المقدرة على تحفيز الخلايا خلايا اللقيحه للتخصص والتمايز والانقسام ثم تكون كل خلية بداية لجهاز من أجهزة جسمك القادم.
وهذا الشريط الأولي يضمر شيئا فشيئا بعد انتهاء مهمته ولا يبقى منه إلا جزء بسي في نهاية العمود الفقري يسمى العصعص، وهذا العصعص رغم صغره ويسمى عجب الذنب وحجمه مثل حجم حبة الخردل كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل تعلم أن بعض العلماء من الصين حاولوا إفناء عجب الذنب بإذابته كيميائيا بالأحماض وفيزيائيا بالحرق والسحق لكنهم لم يفلحو، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال لنا وأخبرنا قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن بأن عجب الذنب لا يفنى ولا يتحلل كجسد صاحبه.
فيقول في الحديث الشريف : ” ليسَ مِنَ الإنْسانِ شَيءٌ إلَّا يَبْلَى، إلَّا عَظْمًا واحِدًا، وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ.”
وكالعادة حاول العلماء في العصر الحديث تقليد خلق الله فصنعوا ما يسمى بالصندوق الاسود الذي يركبونه في ذيل الطائرة وهو عبارة عن صندوق صغير وداخله جهاز تسجيل صغير فعال وو من أهم التجهيزات المتعارف عليها في الطيران المدني ويحفظ في صندوق معدن فائق القوة مثل التتياتنيوم ليتحمل صدمة السقوط أو الضغظ او الحراره العالية. هذا الجهاز يسجل ثلاثمئة من العوامل التي تحدد ظروف سير الرحلة مثل السرعة والارتفاع والاتصالات اللاسلكية والحوار في قمرة القيادة واتجاه الرياح ونسبة الرطوبه وغيرها
فإذا سقطت الطائرة بحثوا عن الصندوق الاسود حتى اذا وجدوه وفتحوه عرفوا سبب سقوط الطائرة
فهل عجب الذنب الموجود في عصعصك وهو الصغير جدا مثل حبة الخردل والذي لا يفنى حيث يبقى في قبرك هل فيه شريط حيات تماما بالصوت والصورة فلا تستطيع انكار شيء يوم الحساب شيء من الذي فعلته في حياتك. فاذا الاسنان على ضعفه استطاع أن يصنع قطع صيرة جدا كحجم الممحاة الصغيرة الذي يسمى فلاش مموري ويستيع تخزين معلومات هائلة بالصوت والصورة عليه. فما ظنك بقدرة رب العالمين الذي يقول في القران الكريم : “أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.
(البوصلة)
