يتحدث الدكتور عبدالحميد القضاة رحمه الله في هذه الحلقة عن التدخين وكيف بدأ وانتشر في هذا العالم، فيقول: هل تعلم أن أول من أدخل الدخان الى أوروبا كان طبيباً؟، ثم أنتشر إنتشار النار بالهشيم الى باقي أنحاء العالم، ولك أن تتساءل عن السحر الذي فتن البشرية بهذه النبتة؟، هذه النبتة التي خضعـت لهــا رقــاب الكثيرين من النــاس،وتوهم الكبار أنها مُزيلة للهموم ومهدئة للأعصاب، وتوهمت النساء أن التدخين من أكبر علامات مساواتهن بالرجـال، وأُوهم الصـغـار أنّ التدخين رجـولــة مبكــرة،فبدأ كلٌ يُدخن في وسطه،مما جعله ينتشر في المجتمعات سريعا، وعلا وتفاخر بعضهم على بعض بصنف الدخان ونوعيته،حتى ظهر السيجار الكوبي،الذي يبتلع نصف جيب صاحبه لغلاء ثمنه،ويشغل نصف فمه،فإذا تكلم نطق من منخريه.
وعندما تزايـد ظـهــور بـعـض عيــوب وأمـــراض التـدخيـن،بدأت الحملات ضده، ففرض السلطان مراد الرابع عقوبة الموت علـى المدخنين، وكــان يـخــرج بنفســه ليــلا لـيفتـش عـلـى المخالفيــن،ثم فُرضت ضرائب عالية على الدخان لتخفيف الميول إلـيه، والنتيجة كانت زيادة في واردات الدولة، ولأن للمال سحر خفي خاص، خفت صوت المعارضة للتدخين، وحديثا زادت التقارير الطبية التي تُـنـحـي بـالـلائـمـة عـلـى التـدخيـن، لأن سلسة الأمراض وخاصة السرطانية منها بدأت تظهر أولا بأول، أما مـؤيـدو التدخين فهم يـنفـون هـذه الاتهـامات، ليبرئوا محبوبهم، بحجة أنه لا يوجد توثيق علمي.!!
وللأسف ازداد عدد المدخنيـن بـشكـل هـائـل فـي العالم،لدرجة أن بعض الدراسات ذكرت أن نــســبــة المــدخنيــن بيـن الأطبــــاء بلغت في بعض المناطق في العالم 67%، وبعضها أظهر في وقت سابق أن ثلاثة أربـاع الـرجـال ونـصـف النســاء فــي بريطانيــا مدخنون،وفي الـولايـــات المتحــدة الأمريكيــه مئـــة مليــون مدخن2أما الإنتاج السنوي للسجائر في الولايات المتحدة الأمريكية والصين لوحدهما هو 3000 مليار سيجــارة سنويــا، ومعها 25 مليار سيجار غليظ. ورغم جهود المنظمات المدنية التي زادت حديثا على مستوى العالم ،مع الصيحات المعارضة الموثقـة علميـا،إلا أن أعداد المدخنين في إزدياد، رغم ما عرفوه من الأضرار المباشرة وغير المباشرة،مثل التدخين السلبي وتأثيره على الزوجة والأولاد والأجنة عند الحوامل.
والعجيب أن الشركات الستة الكبرى الأمريكيــة،تنفق207 مليون دولار فـي عــام واحــد تحت عنوان دراسات وأبحاث،تستعمل فيها أطباء وعلمـاء ووسـائـل إعلام بلا ضمير، لإظهار أن التدخين ليس مسئولا عن كل هذه الأمراض والأضرار الإقتصادية،ومنها خدعة “سجائر قليلة النيكوتين”،هذه الخدعة تجعل المدخن بسبب إدمانه يحتاج الى ضعف عدد السجائر، ليُرضي نهمه،إذن سترتفع مبيعات الشركات الى الضعف،وهذا ما يريدون ،بغض النظر عن صحة المواطن،وطبيا فإن الدخان الممتص من كل سحبة يُقـدر ب 40 – 50 سم3 ،و كل سيجارة تودع 2.5 ملغـم نيكوتيـن فــي دم المدخن،وقد أحصى العلماء 270 مركبـا كيميائيـا فــي التبـغ ، منها خمسة عشر نوعا مسرطنـة، وأن سبعين ملغم من النيكوتين هي جرعة قاتلة.
والسؤال هنا هل لعملية التدخين أية فوائد حقيقية تعود على المدخن ؟،الجواب من كل من سُئل عن هذا كان لا ، بل هو ضار، حتى بعض المدخنين أنفسهم اقرّوا بذلك! ، الفائدة تعود ماديا على اصحاب المصانع لجمع المال بغض النظر عن صحة الإنسان وسرطاناته ،فبادر أخي المدخن الى تركه،وحرر نفسك منه،وحرر زوجتك وأطفالك من أضرار التدخين السلبي، فلا ضرر ولا ضرار، واحتفظ بمالك لحاجتك الضرورية أو تصدق به، وتذكر أنك ستُسأل عن ذلك أمام العلّي القدير، فبماذا ستجيب؟. ثبتنا الله واياكم على ما يحب ويرضى.
(البوصلة)
