هل ما زال الحصول على شهادة جامعية أولوية؟

هل ما زال الحصول على شهادة جامعية أولوية؟

البوصلة – بدأت الدرجات الجامعية تفقد بريقها لدى الكثيرين مع ارتفاع التضخم والأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم بعد جائحة كورونا، بخاصة بعد ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية وتزايد الديون على الطلاب وأسرهم، مما جعل ما يقرب من نصف أولياء الأمور يفضلون عدم إرسال أبنائهم إلى جامعة مدتها أربع سنوات بعد المدرسة الثانوية.

وكشف الكاتب بولينا كاشيرو في مقال نشر بوكالة بلومبيرغ أن كثيراً من الشباب أصبحوا يفضلون الانخراط في برامج تدريبية صغيرة الأجل، وبتكلفة معقولة بدلاً من الانضمام إلى برنامج جامعي أكاديمي لمدة أربعة سنوات، وبتكاليف عالية.

يقول الشاب الأمريكي سام ورين البالغ من العمر 18عاماً إنه فضل عدم الالتحاق بالجامعة لتكاليفها المرتفعة، وأضاف “لم يكن منطقياً، قارنت إنفاقي لما يقرب من 90 ألف دولار لشهادة لمدة أربع سنوات في جامعة ولاية يوتا مقابل برنامج مدرسة تجارية لمدة عامين مقابل أقل من 10000 دولار”. مما جعله يقرر الالتحاق بمدرسة تجارية، حتى لا يكون شخصاً مثقلاً بالديون عقب تخرجه.

في استطلاع حديث أجرته مؤسسة غالوب ، قال 46٪ من الآباء إنهم يفضلون أن يتابع أبنائهم شيئاً آخر غير درجة البكالوريوس، وأشار أكثر من ثلث الآباء إلى أن الموارد المالية تمثل عقبة.

كما وجد الاستطلاع أن الآباء الذين ذهبوا إلى الكلية بأنفسهم لا يريدون لأبنائهم أن يفعلوا الشيء نفسه، وهذا ينطبق بشكل خاص على الآباء الذين وجدوا أن شهاداتهم لم تساعدهم في كسب لقمة العيش.

بينما في الوقت نفسه، قال 56٪ فقط من البالغين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، والذين التحقوا بالجامعة، إن فوائد تعليمهم تفوق التكاليف، وفقاً لدراسة أجراها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة.

تكلفة باهظة ومردود محدود

كشفت دراسة في الولايات المتحدة أجراها مركز تبادل معلومات الطلاب الوطني عن خيبة أمل كبيرة لدى الطلاب الجامعيين والذين ذكروا إن الفوائد المالية لتعليمهم العالي لم تتجاوز التكاليف. وانعكس ذلك في انخفاض عدد الطلاب المسجلين في برامج البكالوريوس خلال فترة الوباء، كما أن هذا الانخفاض استمر حتى بعد انتهاء الجائحة.

يؤكد الكاتب بولينا كاشيرو أن الجامعة لا تزال تستحق العناء، بخاصة للعائلات القادرة على مساعدة أبنائها في دفع تكاليف تعليمهم. فبشكل عام، تؤدي درجة البكالوريوس إلى زيادة أرباح الشخص مدى الحياة بنسبة 75٪ مقارنة بشخص حصل فقط على دبلوم المدرسة الثانوية، وفقاً لبحث من مركز جامعة جورج تاون للتعليم والقوى العاملة.

عادةً ما يزيد التعليم الجامعي أيضاً الخيارات الوظيفية للخريجين. ومع ذلك، بدأ تغير ملحوظ في سوق العمل منذ عقود. إذ أصبح عديد من القطاعات يختار التركيز على التعليم المهني وإلغاء متطلبات الشهادة الجامعية تماماً، كما شهدت الوظائف التي لا تتطلب درجة علمية قفزة في الأجور إذ يتنافس أصحاب العمل على العمال المهنيين المحترفين. كما أن التقنية ووسائل الاتصال الحديثة أتاحت فرصاً للعمل لا تتطلب درجة علمية جامعية.

مؤخراً، طرحت صحيفة التايمز البريطانية سؤالاً: هل لا تزال الشهادة الجامعية تستحق التكاليف؟ وجاء هذا السؤال بعد أن بلغت كلفة الدراسة الجامعية نحو 50000 جنيه إسترليني، يقترضها الطلاب من مؤسسات و قد تبلغ فترة السداد نحو أربعين عاماً.

خلص تقرير التايمز إلى أن الحصول على درجة جامعية أمر يستحق الكلفة، ولكن من المهم تحديد المكان (الجامعة) الذي تذهب إليه، والتخصص الذي تدرسه، والذي سيكون له تأثير مباشر على آفاق حياتك المهنية وإمكانات الكسب. إذ حدث تغيير كبير في العقد الماضي، مع انهيار الحواجز بين التعليم المهني والتعليم الأكاديمي.

تظهر الأبحاث أن 80% من الخريجين يحصلون على فائدة مالية من التعليم العالي، إذ يحصل الطالب الذكر على نحو 130 ألف جنيه إسترليني أو أكثر على مدار حياته مقارنة بغير الحاصلين على تعليم عالٍ، فيما تحصل الإناث على 100 ألف جنيه إسترليني.

يقول آلان سميثرز، أستاذ التربية في جامعة باكنغهام: “يوجد فرق كبير في الجامعة التي تذهب إليها لأن أصحاب العمل يرون أن هذا دليل أفضل لتقدير ومعرفة الإمكانيات لديك. كذلك فإنه من الواضح أن موضوع الدراسة والتخصص مهم إذا كنت ترغب في الحصول على وظيفة في مجال يكون التدريب والتأهيل ضرورياً له، مثل الطب والقانون والفيزياء. ولكن بعد ذلك يجب أن تذهب للتخصص الذي تعتقد أنك ستبلي فيه بشكل أفضل. فقد تعيش تجربة دراسية ممتعة ومرضية”.

ويضيف سميثرز: “يجب على الشباب اختيار موضوع الدراسة أو التخصص الذي يهتمون به، لأنه سيعزز حياتهم بشكل أكبر، والموازنة مع متطلبات سوق العمل. تفتح الدرجات العلمية مجموعة واسعة من فرص العمل، لذا فإن دراسة الموضوع الذي يحظى به اهتمام سوق العمل والشركات سيمنحك أفضل فرصة لإظهار ما يمكنك فعله. كما أن عالم العمل يتغير باستمرار، لذلك من المهم أن يكون لديك الفهم والمهارات القابلة للنقل والتكيف “

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: