هل مطار “رامون” مكيدة لتفريغ “بن غوريون” من فلسطينيي الداخل؟

هل مطار “رامون” مكيدة لتفريغ “بن غوريون” من فلسطينيي الداخل؟

لا يعدو مشروع مطار “رامون” الإسرائيلي الذي أُنشئ على أرض النقب الفلسطيني المحتل مؤخرًا، سوى بداية لتفريغ فلسطينيي الداخل المحتل الذين يسافرون عبر مطار اللد “بن غوريون”، تمهيدًا لممارسة تمييز عنصري ضدهم.

وتدريجيًا ستتحول رحلة السفر من المطار المذكور إلى قطعة مكبّرة من العذاب لفلسطينيي الداخل المحتل كالتي يعيشها أبناء وطنهم في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، كما يؤكد مراقبون وسياسيون لوكالة “صفا”.

المطار سبق وأن افتتحته “إسرائيل” عام 2019، عقب الانتهاء من تجهيزه للإسرائيليين، لكنهم قاطعوه ولم يرغبوا بالسفر عبره لبُعده عن المركز، وهو ما شكل ضربة لهذا المشروع المُكلف.

ويبعد المطار عن مدينة القدس المحتلة نحو 340 كيلو مترًا، فيما يبعد عن مدن الداخل الفلسطيني ما يستغرق 4 إلى 5 ساعات، للوصول إليه.

لذلك، فإن “إسرائيل” وبعد مكر ودهاء مطوّل، ارتأت أن تحوله لسفر الفلسطينيين، متجملة عليهم بما ادّعته تسهيلات تُقدم لهم لأول مرة، فيما الحقيقة أنها بداية لتفريغ مطار اللد من فلسطينيي الداخل المحتل.

وأقلعت الرحلة الأولى من مطار “رامون” بمسافرين فلسطينيين إلى جزيرة قبرص، في شهر 22 أغسطس/ آب الجاري، وفق المستشار الاستراتيجي لشركة “أركيع” الإسرائيلية للطيران أمير عاصي.

صورتان لسفر الفلسطيني

السياسي بالداخل الفلسطيني ومدير منظمة اتحاد الجمعيات الأهلية العربية في حيفا أمير مخول، يقول لوكالة “صفا” إن: “المطار الجديد يعاني من شح المسافرين اليهود، الذين أُنشئ أصلًا من أجلهم، ولم يكن بتصور “إسرائيل” أن يقاطعوه لبعده عن المدن؛ لذلك فإن المطار قد ينقذه الفلسطينيون”.

ويرى مخول أن “هذا يذكر بأمرين؛ الأول حُجرة انتظار البوسطة في السجن، حيث يتم تكديس الأسرى فيها، وأحيانًا لا يكون هناك مجال لأي حركة من كثرة اكتظاظ الأسرى الواقفين انتظارا للإفراج”.

أما الثاني فهو “المسافة الواصلة في جنوب إفريقيا ما بين ديربان الساحلية وبين بلدة أمانزمتوتو على بعد نحو 40 كيلومترًا، والتي يوجد بها تلال لفصل المواطنين البيض عن ذوي البشرة السوداء”.

ويفسّر تشبيه توجه الفلسطينيين للمطار بتلك المنطقة، بأن “التلال الاصطناعية، أقيمت هناك، لحجب التواصل بين بلدات وتجمعات شعوب جنوب إفريقيا السود ضحايا الفصل العنصري، وبين الحيّز العام التابع لهم أصلًا، وهو ما سيُفعل بالفلسطينيين، حينما يتم نقلهم لمطار رامون”.

ويشير إلى أن “تلك التلال تذكرنا بجدار الاحتلال، الذي إذا نظرنا إليه في شارع رقم 6 مثلًا من داخل الخط الأخضر، لرأيناه بارتفاع متر أو أقل ومكسو بالورود وأشجار الزينة”.

ويتابع “سيتم حشر سفر فلسطينيي الداخل في مطار رامون، ليكونوا خارج المشهد الإسرائيلي، وكي لا يزعج حضورهم أجواء السيادة العِرقية في مطار بن غوريون”.

استثناء المسافرين

ومن وجهة نظر مخول، فإن “إسرائيل” لا تريد للفلسطينيين من الضفة السفر عبر مطار “بن غوريون”، فهو متاح فقط لفلسطينيي الـ48 والمقدسيين من حملة بطاقة الهوية الإسرائيلية- إمعانًا في ضمّ القدس- فضلًا عن السماح لبعض رجال الأعمال والمسؤولين من حملة بطاقة VIP من الضفة بالسفر منه.

لذلك، فإن المطار سيكون بداية لترحيل فلسطينيي الداخل للسفر عبر “رامون”، لكي يبقى “بن غوريون” فقط للشرائح المذكورة.

“سفر تحت السيطرة”

ولأنه لا يمكن للفلسطينيين في المناطق التي احتلتها “إسرائيل” عام 1967 السفر جوًا من مطار “بن غوريون” دون الحصول على تصريح خاص، فإنهم سيدفعون الثمن، باضطرارهم أيضًا للتوجه للسفر لمطار “رامون”.

ويدلل مخول على ذلك بأن من بين الذين سافروا في الرحلة الأولى التجريبية من رامون، فلسطينيون كان من المفترض أن يسافروا عبر مطار “بن غوريون”، إلا أن جرى تحويلهم للسفر عبر المطار الجديد.

من جانبه، يقول النائب العربي بالكنيست مازن غنايم، إنه بموجب تحويل المطار للفلسطينيين، فإن فلسطيني الداخل من حملة الهوية الإسرائيلية سيحولون إليه.

ويقول غنايم لوكالة “صفا”: “واضح أن المطار وبعد مقاطعة الإسرائيليين له، فإن إسرائيل وبخبث سياسي، حوّلته لمكان معاناة لترحيل الفلسطينيين الذين يرغبون بالسفر من الضفة أو عبر مطار اللد، إليه”.

ويصف المطار بأنه “معاناة ستكون صورة مكبرة لما يحدث للفلسطيني على حاجز إيرز ومعبر رفح البري، المعروفَيْن بأن رحلات الفلسطينيين عبرهما عذابات ومأساة لا تنتهي”.

ويشير إلى أن “إسرائيل” تعي تمامًا أن مسافري مطار “رامون” سيكونون تحت سيطرتها الأمنية الكاملة، خاصة وأنه سيكون مخصصًا للفلسطينيين فقط.

ويقول: “للأسف هناك معيار للإسرائيلي ومعيار للمواطن الفلسطيني في السفر، وهذا يتجسد الآن في تحويل المطار الجديد”0

“لا لوم على الضحية”

وبشأن إمكانية مقاطعة الفلسطينيين للمطار، لا يرى مخول وغنايم ذلك، لأنه “إذا اضطر وأرغم للتوجه إلى هذا المطار، فإنه لن يكون لديه أي مفر أو مخرج إلا القبول”.

ويزيد غنايم “الفلسطيني الذي يريد الخروج من هذا البلد سواء للدراسة أو مصالحه بالخارج، فإنه سيُرغم على القبول بالسفر عبر المطار الجديد، حتى لو كان مصيدة، في سبيل الوصول لغايته”.

أما مخول فيقول: “إن المسافر الفلسطيني من مطار رامون هو جزئيًا ضحية، كما العمال الفلسطينيين الذين باتوا ضحايا أيضًا لمقاولي التصاريح، بينما بالأساس وبالجوهر ضحايا الاحتلال وكيانه ومشاريعه الاستيطانية والعنصرية”.

لذلك يُجزم بأنه “رغم عدم رغبتنا بأن نرى فلسطينيًا واحدًا يقبل بالسفر عبر هذا المطار القاهر، لكن اللوم ليس على الأفراد، بل على البؤس القيادي الفلسطيني، لذا فلا يمكن لأحد أن يلوم الضحية”.

(صفا)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: