هواجس عربية أثارتها حرب أوكرانيا- روسيا!

هواجس عربية أثارتها حرب أوكرانيا- روسيا!

-1-

أول هذه الهواجس أن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب. بوتين قد يجد نفسه أسيرا لخيار شمشون، يقال إنه كان يأمل أن تكون حربه في أوكرانيا خاطفة وسريعة ومباغتة، ولكن حتى ساعة كتابة هذه السطور يبدو أنه لا دلائل على حسم قريب للحرب، حتى بعد أن بدأ طرفا الحرب مفاوضات، بدا أنها انتهت قبل أن تبدأ، فالبون بين الطرفين ليس شاسعا فحسب، بل مزروعا بالمخاطر والقنابل الموقوتة.

ومع هواجس قيام تلك الحرب، تزداد المخاوف من الولوج إلى عصر جديد على وشك أن تدخله البشرية، لا يستطيع أحد تخيله، فمجرد أن هناك شخصا ما قد يضغط على زر إطلاق قنبلة نووية في أي وقت، يصيب المرء بحالة من يوشك قلبه على التوقف!

هل نحن قريبون أم بعيدون من هذا الخيار؟

لا جواب شافيا، لكن مجرد طرح السؤال هو مدعاة للفزع!

-2-

ثاني هذه الهواجس وليس بعيدا عن الهاجس الأول، متعلق باعتقاد بات شائعا خاصة في العقل الجمعي العربي، أن هناك “فرجا” ما في طريقه للحدوث، ويتركز هذا الفرج في تطور حالة الحرب إلى ما يفضي إلى دمار كيان الاحتلال الصهيوني، كيف؟ لا أحد من الممكن أن يجيبك، ولكن هذا الاعتقاد بدأ يسري في عقول الناس سريان النار في الهشيم، وهناك سيناريوهات متعددة لهذا التطور، ربما تدور حول انهيار ستار الحماية الدولية الذي تتكئ عليه “دولة” الاحتلال، وبالتالي تركها تواجه “مصيرها” وحيدة، دون جسور جوية تنقل السلاح، ودون حماية الفيتو الدائم في مجلس الأمن، بل ربما يكون هذا المجلس غدا في خبر كان، مع إعادة ترسيم خريطة الكرة الأرضية.

والمحللون الأكثر عقلانية من أصحاب الهواجس، يتحدثون عن ازدياد انكماش الولايات المتحدة على نفسها، وترك الأنظمة والدول التي تحميها لتقلع أشواكها بنفسها، وعلى رأس هذه القائمة كيان العدو الصهيوني، ويذهب هؤلاء مذاهب شتى في الحديث عن عالم متعدد الأقطاب، واحتمالية نشوء حلف أو أحلاف جديدة، تقف في وجه انفراد الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، في قيادة العالم!

-3-

وتناسلا من الهاجسين الأول والثاني، هناك هاجس متعلق بنشوء مجاعة في العالم، ليس نتيجة تدمير “سلة العالم” من القمح والشعير والذرة فقط، بل بسبب وقوع انهيار اقتصادي عالمي يفوق في رعبه الركود الاقتصادي العظيم ثلاثينيات القرن الماضي. والمقصود هنا بتلك السلة أوكرانيا وروسيا، بوصفهما من أكبر منتجي الحبوب في العالم، وهذا وضع يفرض البدء بتخزين الغذاء، وسحب الأموال من البنوك، واستبدال الذهب بالعملات الورقية، لأن تلك العملات قد تصبح بلا قيمة في حال انهيار الأنظمة التي ترعاها!

-4-

الهاجس الرابع متعلق بإحياء فقه نهايات العالم، وظهور المسيح الدجال، وتوظيف أحاديث شريفة ونصوص دينية تؤيد أننا على شفير النهايات، ولم يبق بيننا وبين قيام الساعة غير سنوات قليلة، وربما أقل. وقد بتنا نرى ونسمع رجالا وقورين يتحدثون بمنتهى الجدية عن قربنا الشديد من الوصول إلى آخر الدنيا!

-5-

الهاجس الخامس له علاقة بتلك اللغة الساخرة التي تتحدث عن هشاشة الأنظمة العربية ووقوعها على هامش الحدث الدولي، وانصراف جل بل كل انتباهها إلى فقدان مصدر “خبزها” وعليقة دوابها، من قمح وشعير، فور اندلاع الحرب في أوكرانيا، والبدء بتفقد صوامع حبوبها والخروج بتصريحات تتباهى بأن فيها ما يكفي لشهر أو عام من خبز وشعير. وربما يكون الحديث هنا تحديدا ليس عن “هواجس” فقط، بل عن سقوط حقائق صاعقة على رؤوس المتبجحين من مسوقي أنظمة العرب، يعيدها إلى أرض الواقع الذي يضع كل تلك الأنظمة في خانتها الحقيقية، كأنظمة ورقية هشة طفيلية، وتعيش على هامش الحدث الدولي، وصناعة التاريخ، ودورها ينحصر فقط في تلقي آثار ما يقع من اللاعبين الكبار!

وبعد..

هي حتى الآن هواجس وأحاديث، لا يملك أحد إهمالها بالمطلق، ولا التسليم بها، ولكنها حتى الآن أفكار وتهويمات تحتل مكانة كبيرة في العقل الجمعي العربي المولع بالغيبيات، المدمن على حالة الانتظار، انتظار أي تغيير سحري كوني قادم من ما وراء الأشياء والإرادات!

(عربي21)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: