يُقام في 29 شعبان …”يا نفس.. ما تشتهي” تقليدٌ يستقبل به اليمنيون رمضان

يُقام في 29 شعبان …”يا نفس.. ما تشتهي” تقليدٌ يستقبل به اليمنيون رمضان

البوصلة – يتوارث اليمنيون في جميع المحافظات، تقريبًا، تقاليدًا متنوعة يستقبلون بها شهر رمضان الفضيل؛ وهي تقاليدٌ عملت الحربُ على تراجع واختفاء بعضها، بينما تقاليد ماتزال صامدة؛ ومنها تقليد “يا نفس ما تشتهي”، الذي مازال حاضرًا، وإن بشكل محدود، على الرغم من الظروف المأساوية التي فرضتها الحرب.

“يا نفس.. ماتشتهي” أو باللغة الدارجة “يا نفس..ما تشتي” هو قبل أن يكون سؤال يؤكد الجواب .. تقليدٌ تلتقي بموجبه العائلة، في 28 أو 29 شعبان، على أكلات متنوعة في بيت العائلة الكبير أو في أحد المطاعم؛ فيأكلون في طقوس احتفائية، مليئة بمشاعر المحبة، وكأنهم يودعون بواسطتها أيام الفطر، بينما هم يهيئون أنفسهم لاستقبال شهر رمضان؛ من خلال تجديد أواصر العلاقة فيما بينهم كعائلة.

عيسى لطف،41 سنة، طبيب، من أبناء صنعاء القديمة اعتاد هو وأخوته أن يلتقوا في منزل والدهم يوم 28 شعبان من كل عام، وهناك كل يأتي بما جاد من طعام مع عائلته، ويتم الجلوس على ما يشبه الوليمة، وكلٌ يأكل مما جاد به الآخر في جو يُعيد تجديد المودة بين فروع العائلة، ويعزز من أواصر القُربى أيضًا؛ إذ أن كل يأكل من طعام الآخر؛ وهذا يُدخل الجميع شهر الصيام وقد تخففت نفوسهم من أي ضغينة؛ ليكون رمضان شهرا مباركا وعبادة متقبلة.

يقول عيسى: لم يعد الوضع كما كان عليه قبل الحرب. بالنسبة لنا مازلنا نلتقي في بيت والدي، ومن ثم أصبحنا نخرج ونلتقي في أحد المطاعم، وتقام وليمة كبيرة، ونحتفي باستقبال رمضان ونجدد ما بيننا من أواصر قربى، وهي عادة تعكس مدى ابتهاجنا برمضان، وفي نفس الوقت نُعيد الاعتبار لعبادة الصيام التي نستقبلها وقد تجددت الدماء في علاقتنا كعائلة.

وأضاف: استمرار هذه العادة لدى البعض، حتى بسيطي الحال أيضًا، على الرغم من الظروف الصعبة، يؤكد مدى إصرار اليمنيين على أن يعيشوا عاداتهم ويبتهجون بمناسباتهم، كما كانوا قبل الحرب، بما فيها شهر رمضان الفضيل، أما نحن فقد أقمنا “يا نفس…ما تشتي” اليوم كعادتنا السنوية.

أما عبدالسلام الذماري،52 سنة، موظف حكومي، فقد انقطع عن هذه العادة منذ خمس سنوات؛ فظروف الحرب أوصلته إلى تجاهل عادات أخرى مرتبطة برمضان، “:ووصل الحال أن نكتفي بما نعيش به، لاسيما وأن هذه العادة تقتضي أن تلتقي العائلة، بينما كثير من العائلات فرقت بينهم الحرب، من خلال سفر البعض وانقطاع بعض العلاقات جراء ما فرضته الحرب من تأثير على النسيج الاجتماعي من خلافات على المواريث وغيرها علاوة أن الفقر له تأثير كبير”.

لكن عمار اللسني،48 سنة، موظف حكومي، وعلى الرغم من ظروفه الصعبة جراء انقطاع راتبه مع معظم الموظفين العموميين الذين انقطع صرف رواتبهم بفعل الحرب، مازال هو واشقائه وشقيقاته يحرصون على إحياء هذه العادة من خلال صناعة الطعام في بيوتهم، “واللقاء في بيت أحد الأشقاء وتناول طعام بعضنا بعضا، وعقد مجلسين رجالي ونسائي وقت المقيل كأنه عيد”، كما يقول لـ”القدس العربي”.

أهم المظاهر التي ارتبطت بهذه العادة، وتراجعت، نسبيا، بسبب الحرب …الازدحام الذي كانت تشهده المطاعم في الأيام الأخيرة من شعبان، إذ كانت تزدحم بالعائلات سواء في وجبة الغداء أو وجبة العشاء، في سياق الحرص على إحياء “يا نفس…ما تشتهي”. يقول رضوان، وهو مالك مطعم في شارع تعز بصنعاء: “مازلنا نشهد إقبالاً كبيرا في هذه الأيام وتحديدا اليوم، فمازال هناك مَن يحرص على إحياء هذه العادة حتى على مستوى الأصدقاء وليس العائلات فقط.. وإن كان الحال لم يعد كما كان قبل الحرب”.

القدس العربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: