علي سعادة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

20 عاماً على “انتفاضة الأقصى”

علي سعادة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو “انتفاضة الأقصى” التي انطلقت شرارتها الأولى في 28 أيلول/ سبتمبر عام 2000 واستمرت نحو خمس سنوات مقارنة بغيرها من الانتفاضات والثورات الشعبية الفلسطينية بنوعية المواجهات وتعددها وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.

ونتج عن “انتفاضة الأقصى” أكبر عدد من القتلى الإسرائيليين في المواجهات مع العرب منذ حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، واستشهد فيها 4412 فلسطينيا ونحو 48 ألف جريح. أما خسائر الجانب الإسرائيلي فوصلت إلى مقتل 334 عسكريا و 735 قتيلا من المستوطنين بمجموع 1069 قتيلا و4500 جريح وعطب 50 دبابة من نوع “ميركافا” وتدمير عدد من السيارات العسكرية والمدرعات الإسرائيلية. 

وانتقاما لخسائره عمد الاحتلال إلى القيام بعمليات عسكرية ضخمة في الضفة الغربية وقطاع غزة أطلق عليها تسميات عدة من بينها عملية “الدرع الواقي” و”أمطار الصيف” و”الرصاص المصبوب”. 

كانت الشرارة الأولى التي أدت إلى اندلاع “الانتفاضة الثانية” هي دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى تحت حماية نحو 2000 من الجنود والقوات الخاصة، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له. ولاحقا شهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى جميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وشكلت عدة صور وأحداث رموزا لهذه الانتفاضة كان من بينها استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي أعدمه الاحتلال أمام كاميرا مراسل قناة تلفزيونية فرنسية حين كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة. إضافة إلى صورة الطفل المقاوم فارس عودة وهو يواجه الدبابة الإسرائيلية بحجارته وعنفوانه.

لم يكن الغضب الفلسطيني وليد يوم اقتحام شارون للمسجد المبارك وإنما سبقها بتطورات عدة، فقد كانت نتائج اتفاقية “أوسلو” كارثة على الفلسطينيين وخلقت مزاجا من الإحباط لدى الفلسطينيين بسبب فشل الاتفاقيات في تحقيق أي تقدم ملموس أو تحسن على حياة الفلسطينيين، كما استمر الاحتلال في سياسة الاغتيالات والاعتقالات وإغلاق مناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين والانتهاكات المستمرة للقدس والمسجد الأقصى وللمسجد الإبراهيمي الشريف.

وعلى هامش هذه الصورة كان شارون يقتحم المسجد الأقصى ويتجول في ساحاته، مستفزا المصلين بقوله إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية فاندلعت المواجهات بين المصليين وجنود الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى فسقط 7 شهداء وجرح 250 وأُصيب 13 جنديا إسرائيليا وكانت هذه المواجهة البداية لـ”لانتفاضة الأقصى” التي تحولت فيما بعد إلى مواجهات عسكرية دامية.

وصعد الاحتلال من علميات تصفية القادة الفلسطينيين من الصف الأول في مختلف التنظيمات والأطر الوطنية الفلسطينية، كما عمد الاحتلال إلى تدمير البنية التحتية والمؤسسات والممتلكات الفلسطينية، وانتهى بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

وعلى وقع الانتفاضة كانت المقاومة الفلسطينية تطور في سياستها للدرع العسكري بالإعلان عن أول صاروخ فلسطيني في غزة من نوع “قسام” من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتطوير صاروخ “قدس 4” التابع للجهاد الإسلامي وصاروخ “صمود” التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقامت كتائب شهداء الأقصى بصناعة صاروخ “أقصى 103” وقامت كتائب المقاومة الشعبية بصناعة صاروخ “ناصر”.

وللتخلص من عبء المواجهات عمد الاحتلال إلى بناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي مزق المدن والقرى الفلسطينية بطريقة زادت من معاناة الفلسطينيين.

على الجانب الإسرائيلي فقد انعدام “الأمن” في الشارع الإسرائيلي بسبب العمليات الاستشهادية، وضربت السياحة الإسرائيلية واقتصاد المستوطنات الإسرائيلية بمقتل، واغتيل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي على يد أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ردا على اغتيال القيادي في الجبهة أبي علي مصطفى.

وسقط عدد كبير من القتلى في صفوف الإسرائيليين، ومن بينهم قادة كبار مثل قائد وحدة الهبوط المظلي الإسرائيلي في معركة مخيم جنين، وتحطيم مقولة “الجيش الذي لا يُقهر” في معركة مخيم جنين الذي قتل فيها 58 جنديا إسرائيليا وجرح 142.

يقول الصحافي والكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في مقال نشره قبل أيام في صحيفة “هآرتس” العبرية: “الانتفاضة الثانية كانت بمثابة كابوس الحافلات المتفجرة والانتحاريين. سنوات من الخوف والذعر الكبير أينما ذهب مواطنوها. وبالنسبة للفلسطينيين هذه كانت سنوات القمع الوحشي وسفك الدماء الجماعي والحصار والإغلاق والحواجز والاعتقالات الجماعية. أيضا سنوات القتال والتضحية التي لم تؤد إلى أي مكان. فبعد عشرين سنة فإن وضعهم صار أكثر بؤسا وسوءا مما كان قبل انتفاضة الأقصى، هو أسوأ أكثر من أي وقت مضى. فقط في كارثة 1948 كان وضعهم أكثر صعوبة وقسوة”.

كان رد فعل الشارع العربي مدويا لم تستطيع معه الحكومات الوقوف في وجهه فقد تفاعل مع الانتفاضة لدرجة أن دولا لم تعرف المظاهرات مثل دول الخليج خرجت فيها مظاهرات تأييد للانتفاضة، وهو ما أحرج الأنظمة العربية التي عقدت بعد شهر على اندلاع الانتفاضة القمة العربية الطارئة في القاهرة وخرجت ببيان لم تصل فيه إلى مستوى آمال الشارع العربي، وإن كان فيه دعم وإعطاء صبغة شرعية أعمق للانتفاضة. 

وتحرك الشارع الإسلامي في مظاهرات حاشدة ودفع نحو تسمية مؤتمر الدوحة الإسلامي بقمة الأقصى وخرج بيان القمة ناقما على الكيان الإسرائيلي وناقدا لأول مرة الموقف الأمريكي المتسامح مع القمع الإسرائيلي.

لقد أحيت الانتفاضة جوانب في المجتمع العربي فعادت من جديد الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ونشط مكتب المقاطعة العربية وعقد اجتماعا في العاصمة السورية دمشق وإن لم يسفر الاجتماع عن كثير يذكر. وشهدت الحركة الفنية عودة الأغنية الوطنية وشعر المقاومة وامتلأت الفضائيات العربية بمواد غزيرة عن “انتفاضة الأقصى” واحتلت الانتفاضة المساحة الأكبر في أغلب الفضائيات العربية.

ولم يلتزم المجتمع الدولي الصمت فقد خرج عن صمته، وأدان الاعتداءات الإسرائيلية والاستخدام “غير المتوازن” للقوة العسكرية وصدرت العديد من القرارات والمقترحات الدولية التي تعتبر وثائق إدانة للجانب الإسرائيلي.

ويقول محللون إنه من المفارقات أن الانتفاضة الأولى التي انطلقت في التاسع من كانون الأول / ديسمبر عام 1987 في غزة قادت إلى سلسلة اتفاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال وانتهت عام 1993 بتوقيع اتفاق “أوسلو”. أما انتفاضة الأقصى فقادت إلى دفن العملية “السلمية” وإظهار الرفض الشعبي الفلسطيني لها وعدم رغبة الاحتلال في وقف سياساته العدوانية والإقصائية للفلسطينيين.

توقفت “انتفاضة الأقصى” في الثامن من شباط / فبراير عام 2005 بعد اتفاق “هدنة” بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة “شرم الشيخ”، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة. 

ويقول سياسيون فلسطينيون، إن ما تشهده القدس من اقتحامات متكررة، قد تكون شرارة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.

(السبيل)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts