نخب تطالب بلجنة حوار وطني لتحقيق رؤية الإصلاح السياسي للأردن بمئويته الثانية

نخب تطالب بلجنة حوار وطني لتحقيق رؤية الإصلاح السياسي للأردن بمئويته الثانية

الخبير الإستراتيجي د. منذر الحوارات: الإصلاح السياسي الحقيقي سيجعل الأردن “أيقونة المنطقة”

الكاتب حسين الرواشدة: يجب إطلاق حوار وطني جامع لإنضاج مشروع الإصلاح السياسي

الإعلامي حسام غرايبة: أخشى أن أي نية جادة للإصلاح ستعطلها قوى الشد العكسي

عمان – البوصلة

طالبت نخبٌ أردنية بضرورة الإسراع بتشكيل لجنة حوار وطني تمثل الأردنيين من مختلف أصولهم ومنابتهم ومرجعياتهم الفكرية للشروع بوضع إطارٍ عامٍ للإصلاح السياسي المنشود وعلى رأسه تعديل قانون الانتخابات وقانون الأحزاب، مشددين على أن مثل هذه اللجنة يجب أن تكون برعاية “مؤسسة العرش” حتى تكون مخرجاتها ملزمة للحكومة بالبدء ببرنامج عملي يحقق ما يطمح له الأردنيون في مئوية الدولة الثانية.

وأكدوا أن الأردن يتمتع بميزة استثنائية، وهي وجود مظلة عليا ممثلة بمؤسسة العرش التي يمكن أن تمتص الإخفاقات والصدمات من أي عملية تحول ديمقراطي التي يمكن أن تستوعب ردات الفعل التي قد تخلفها مفرزات العمليات الانتخابية بالذات في مراحلها الأولى.

وعبروا عن تخوفاتهم من جهاتٍ نافذة في الدولة يمكن أن تعطل أي خطوة باتجاه الإصلاح الحقيقي؛ الأمر الذي من شأنه أن يعزز حالة انعدام الثقة لدى الأردنيين في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة لإقناع الناس بانهم أمام «تحول» حقيقي  يجعل المجتمع الأردني ينهض للقيام بواجباته، لتكون روح جديدة تدب في جسم الدولة المدنية التي يحلم بها الأردنيون.

الارتهان للتجاذبات السياسية الخارجية

وعبّر المحلل الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته إلى “البوصلة” عن أسفه لكون “سلوكنا السياسي الداخلي متعلق بالتجاذبات في السياسة الخارجية الأمريكية”، منوهًا إلى أنه حينما كان دونالد ترامب غير معني بما يعني الديمقراطيات في دول العالم، تناست دول العالم الثالث مسألة الإصلاحات السياسية، واليوم عندما عادت إدارة أمريكية تضع في أولويات أجنداتها سؤال عن حقوق الإنسان ومستوى الديمقراطية في أي بلد نجد أن الحديث بدأ يتصاعد في غير دولة عن محاولات الإصلاح السياسي.

وأضاف الحوارت أن هذا يعطي مؤشرًا حقيقيًا عن غياب الجدية الفعلية في الذهاب بطريق الإصلاح، لذلك نلاحظ خلال الفترة الأخيرة انقطع الصوت بضرورة الذهاب إلى قانون انتخابات نزيه علمًا أن هذا القانون أجريت على إثره الانتخابات وأنتجت مجلسًا كان الناس يصرخون ويقولون إنه شابه شوائب عديدة وهو المجالس التي سبقته، ومع ذلك لم يلتفت أحدٌ إلى ذلك.

وشدد على أنه “إذا كانت النية جادة بالذهاب لهذا المستوى من الإصلاح، فإنه العامل الوحيد الذي سيقوم بعملية تنفيس الاحتقانات الموجودة في الدول والدولة الأردنية واحدة منها، لا سيما وأن جائحة كورونا ألقت بتداعيات اجتماعية اقتصادية لن تقف عند هذا الحد؛ بل ستذهب إلى المستوى السياسي”، مؤكدًا على أنه إذا كانت الحكومة جادة في الإصلاح فإن النقاش لن يكون حول قانون انتخابات فقط، بل سيكون النقاش على حياة سياسية كاملة ومفهوم سياسي للدولة مختلف عن الذي مارسته خلال عقود سابقة.

مئوية ثانية بمفهوم جديد للحوكمة الرشيدة

وتابع الحوارات حديثه بالقول: بالنسبة للأردن يمكن أن تطلق المئوية الجديدة للدولة مفهومًا آخر للحوكمة الرشيدة ومفهومًا آخر لممارسة العمل السياسي، يكون فيه الفاعل هو صوت الناخب وإرادته، وتخضع كل مؤسسات الدولة لهذا الصوت ولهذا الرأي.

واستدرك، “أما إذا استمرت مجموعة صغيرة تدير الأمر وتتحكم في خيارات الناس وتفرضها عليهم باعتقادي فإن الأمور ستبقى معلقة بحاجات سياسية مؤقتة مع هذا الرئيس أو ذاك”.

وشدد على أن “الأردن يتمتع بميزة استثنائية، وهي وجود مظلة عليا (مؤسسة العرش) يمكن أن تمتص الإخفاقات والصدمات من أي عملية تحول ديمقراطي التي يمكن أن تستوعب ردات الفعل التي قد تخلفها مفرزات العمليات الانتخابية بالذات في مراحلها الأولى بسبب غياب التجارب لدى الناس حول ماهية وكيفية ممارسة الديمقراطية”.

وقال الحوارات: “إذا ما استثمرنا هذا الواقع الأردني ودخلنا فيه القرن الثاني من عمر الدولة أعتقد أننا سندخل في مصاف الدول التي سيكون لها شأن رغم صغرها ومحدودية مواردها ولكنها ستكون مثالاً يحتذى في المنطقة”، منوهًا إلى أن المثال الآن هو مطلب الدولة الأردنية أن تكون أيقونة المنطقة ولن تستطيع ذلك إلى إذا ذهبت باتجاه خيارات شعبية تمارس السلطة من خلالها في إطار مرجعية واضحة.

وعبر عن خشيته من القادم بالقول: أما إذا بقينا نراوح في المكان ذاته ونخضع للأجندات والرؤى ضيقة الأفق للبعد، مشاكلنا ستتضاعف وحال البلد سيزداد سوءًا والإخفاقات ستتراكم إلى أن تصبح جبلاً ينوء بحمله المواطن وحينها لا أحد يستطيع أن يضبط التغيير.

لجنة حوار وطني بداية التحول

وحول السؤال من هي الجهة المنوط بها إدارة عملية التحول الديمقراطي، أشار الحوارات في تصريحه إلى “البوصلة” أن الأردن كان له تجربة سابقة في لجنة الحوار الوطني التي أنتجت الميثاق الوطني، وتلك التجربة أخرجت الأردن من مأزق كان يمكن أن يطيح بالدولة ولكن في القراءة السياسية الحصيفة للقيادة الأردنية في ذلك الوقت، قرأت بعين الحذاقة بأنه يجب أن تتشكل لجنة ذات مصداقية ولها بعد اجتماعي وسياسي يقود عملية التغيير وهذا ما تم.

واستدرك بالقول: لكن للأسف بعد فترة عدنا عن نتائج تلك اللجان، ودخلنا في مستنقع إدارة العملية السياسية من قبل موظفين وهذا ما لا نريد أن ندخله من جديد.

وشدد الخبير الإستراتيجي على أنه يمكننا العودة إلى الصيغة السابقة بالأطر ذاتها التي جرت فيها مع توسيع لتغير المجتمع وطبائعه، ويمكن أن نقوم بانتخاب لجنة الحوار الوطني أو اختيارها من شخصيات ذات مرجعية سياسية واجتماعية لتقود عملية التحول الديمقراطي وتشرف عليه في إطار مرجعية عليا هي مؤسسة العرش.

وختم حديثه بالقول: “نستطيع ان تصل إلى المبتغى المراد وهو حياة حزبية ديمقراطية تبنى على تداول حقيقي للسلطة بواسطة رئيس الحكومة، وتستطيع أن تنتشل البلد وأن تحظى بثقة الناس قبل أن تدير الدولة، أما الآن فتراكم عدم الثقة قد يؤدي لنتائج كارثية”.

إعادة إحياء روح الدولة

بدوره قال الكاتب حسين الرواشدة في مقالته اليومية بصحيفة “الدستور” إن واجب الحكومة ان تتحرك على الفور لالتقاط ما قاله جلالة الملك في لقائه مع وكالة الأنباء الأردنية، يكفي ان أشير هنا الى عنوانين مهمين وردا في سياق اللقاء يشكلان نقطة انطلاق لأي احتفال يمكن ان نفكر به للدخول في المئوية الثانية للدولة، الأول : «إعادة إحياء الروح التي بني بها وعليها الأردن قبل 100 عام»، والآخر» النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية».

وأضاف الرواشدة: إذا سألتني كيف يمكن ان نبدأ بترجمة ما قاله الملك، سأجيبك على الفور : العنوان هو “تصحيح المسارات”،  حين نتوافق على ذلك فانه يمكن أن نفكر جديا بالجلوس على الطاولة في حوار وطني «جامع»  لإنضاج  «مشروع» اصلاح سياسي ينسجم مع ما قاله جلالة الملك ومع طموحات الأردنيين، ويحسم اسئلتهم المعلقة منذ اعوام، ويدفع عجلة الحياة العامة، وينتقل «بالمسؤولية» من سياق «التشريف» والمنفعة والحصول على ما أمكن من «امتيازات» ومكاسب الى سياق «التكليف» وخدمة الناس والخضوع لمساءلتهم، والالتزام بقضاياهم.. وهو منطق «الديمقراطية» الحقيقية التي نكتشف – اليوم – للأسف باننا اهدرنا وقتا طويلا في البحث عن «مفرداتها».

وشدد على أنه اذا التزم «الرسمي» بعنوان «تصحيح المسارات» وعبرت الدولة بكل سلوكياتها وتصرفاتها عن هذا المبدأ بنزاهة، وتحول خطابنا الرسمي من اطار «التمجيد» والتلميع والتغطية على السلبيات واستطاع ان يقنع الناس بانهم امام «تحول» حقيقي  ثم نهض المجتمع للقيام بواجباته، فان روحا جديدة ستكون قد دبت في جسم الدولة المدنية التي يحلم بها الاردنيون.

ونوه الرواشدة إلى أنه حين يتحقق ذلك على صعيد الدولة والمجتمع والنخب، ونغادرنا  معا دائرة «الاحباط» ومنطق الاستعباط والاستعلاء والهروب من الواجب، ونبدأ على الفور مشوار التصالح مع الذات، فان بوسعنا عندئذ ان نحتفي بمرور مائة عام على تأسيس الدولة، وان نخرج من أزماتنا التي حاصرتنا وما تزال منذ سنوات عديدة، عنها يمكن ان نبدأ اختفالنا الحقيقي بالمئوية الثانية بخطى راسخة وعيون متفائلة.

قوى الشد العكسي والتعطيل عائق حقيقي

من جانبه وجه الإعلامي حسام غرايبة في برنامجه الصباحي “صوتك حر” على إذاعة حسنى رسالة تؤكد على ضرورة أن يصبح المجتمع الأردني مجتمعًا متمكنا عبر امتلاكه الوعي الحقيقي ليصبح قوة إصلاحية حقيقية ضاغطة بعيدًا عن “الشعبويات الفارغة”.  

وأكد غرايبة على ضرورة النظر للإصلاح بشكلٍ شموليٍ وعدم التمسك بمطالب صغيرة، بل الضغط من أجل إصلاح القوانين وخاصة قانوني الأحزاب والانتخابات حتى نستطيع حل مشاكلنا من جذورها ونصبح أكثر قدرة ووعي بحقوقنا وقدرتنا على محاسبة المسؤولين في الدولة على أخطائهم.

وشدد على أن العمل الديمقراطي الحقيقي الشفاف تكون فيه كل الأمور واضحة ولا يجرؤ مسؤول على الخطأ بحق الشعب ويحرص على استيفاء أي قرار يتخذه من جميع جوانبه القانونية والاقتصادية وآثاره وأخذ أهل الخبرة والاختصاص فيه لمنع وقوع الأخطاء.

وقال غرايبة إن أساس العمل أن تكون المجتمعات متمكنة، مشددًا على أن من يقول إن المجتمع الأردني لا تصلح له الديمقراطية فهذه أكبر إساءة للشعب الأردني وللأردن.

وانتقد من أسماهم “معطلي الإصلاح في الأردن”، قائلا: أخشى أن ما أطلقه جلالة الملك من دعوة لإصلاح القوانين والحياة السياسية الأردنية أن يواجه بإعاقات من قبل مجموعة من الديناصورات وقوى الشد العكسي وأصحاب الأجندات الخفية”.

وشدد على أن أي إرادة لإصلاح سياسي حقيقي فإننا نحتاج إلى لجنة وطنية حقيقية ممثلة لأبناء الأردن من مختلف أصولهم ومنابتهم وأفكارهم السياسية ليضع كل منهم تخوفاتهم على الطاولة ويوضع إطار عام تلزم بعده الحكومة بتقديم مشاريع قوانين جديدة للانتخابات والأحزاب لمجلس النواب.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: